صراع الحلفاء يطفو إلى السطح ويدفع طيران الإمارات لقصف مواقع الحماية الرئاسية
المساء برس – تحليل – متابعات
إشتدّت وتيرة الأزمة في مطار عدن الدولي بعد تهديد قائد قوات حماية أمن المطار، العميد صالح العمري، المعروف بـ”أبو قحطان”، بوقف الملاحة الجوية إن لم تصرف “الشرعية” مرتبات قواته. تهديد أعطى على إثره الرئيس عبد ربه منصور هادي التوجيهات لألوية الحماية الرئاسية التي يقودها مهران القباطي وبسام المحضار، باستلام حماية المطار من العمري، إلا أن الأخير رفض التسليم. وعلى الرغم من التدخّل لإنهاء الأزمة من قبل وسطاء أبرزهم الوزير أحمد الميسري، إلا أن الأمور اتخذت منحى عسكرياً بين الحلفاء في عدن، ليظهر الصراع الخفي إلى العلن بين المملكة السعودية من جهة، وبين الإمارات من جهة أخرى، على النفوذ والسيطرة على المواقع والمؤسسات الحيوية في المدينة.
دولة الإمارات دفعت برجالها وبقواتها لإبقاء العمري وقواته كقوة تابعة لها تدير المطار، وهو ما اعتبرته قوات الرئيس هادي ونائبه علي محسن الأحمر – المدعومة من قبل السعودية – تمرّداً على القرارت الرئاسية – فأوعزت إلى ألوية الحماية الرئاسية بالتحرك لمحاصرة مطار عدن الدولي، ما تسبب باندلاع المعارك بين القوتين وقطع الخطوط المؤدية الى المطار من كل الإتجاهات. وأثناء سير المعارك ومحاصرة المطار من قبل قوات هادي، تدخّلت الإمارات عسكرياً وقصف طيرانها الـ”أباتشي” مواقع لقوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي، فيما أعلن “ائتلاف المقاومة الجنوبية” تأييده قرارات هادي، مطالباً، في بيان له، ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، بوقف التدخّل العسكري في عدن، مهدداً بإخراج أنصاره وقواعده الشعبية لـ”التعامل بحزم” إذا لم يتوقف القتال خلال ساعات.
هادي عقد، من جهته، اجتماعاً للجنة الأمنية بغياب محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، ومدير أمن عدن، شلال شايع، اللذين منعتهما الإمارات من حضور الإجتماع بحسب مصادر تحدثت لصحيفة “العربي”، وعلى الرغم من تشكيل هادي غرفة عمليات، وتوجيهاته بسحب قوات الحماية الرئاسية، إلا أن الأوضاع تشهد توتراً بين الأطراف قد يعيد المواجهة مرة أخرى.
جذور الخلاف – المدعوم إقليمياً – في عدن تعود إلى بدايات الحرب التي يخوضها “التحالف العربي” بقيادة السعودية في اليمن؛ حيث شاركت دولة الإمارات في “التحالف” كثاني أكبر قوة بعد السعودية، وبسطت سيطرتها على مناطق الجنوب الحيوية (عدن، وحضرموت، وسقطرى)، وأنشأت قوتين عسكريتين تمثّلت الأولى في قوات “الحزام الأمني” في عدن وقوامها اثنا عشر ألف مقاتل بقيادة الشيخ السلفي هاني بن بريك، الذي يُعد رجل الإمارات الأول في الجنوب، والقوة الأخرى هي “النخبة الحضرمية” وقوامها أكثر من عشرة آلاف مقاتل يقودها اللواء فرج البحسني. هاتان القوتان الضاربتان لا تخضعان للرئيس هادي، ويشرف عليهما الإماراتيون بشكل مباشر.
وبعد خروج الجيش اليمني وحلفائه من مقاتلي “أنصار الله” من الجنوب، شرعت الإمارات في السيطرة على المناطق الحيويّة في عدن (المطار والميناء)، ضمن تقاسم عائدات المشاركة في عمليات “التحالف”، لكن المداهمات والاعتقالات التي نفذتها القوات التابعة لها في الجنوب ضد قيادات تابعة لحزب “الإصلاح” في كل من عدن وحضرموت، أزعجت السعودية ورجلها الأول في اليمن، اللوء علي محسن الأحمر، الذي تم تعيينه نائباً للرئيس هادي، خلفاً لبحاح المحسوب على الإمارات.
الصراع بين قطبي الشرعية – المتمثلين في هادي والأحمر – وقيادات “الإخوان” المدعومين من المملكة السعودية من جهة، وبين القيادات السلفية وقوتي “الحزام” و”النخبة” المدعومتين من قبل الإمارات من جهة أخرى، أشبه بحرب باردة تطبخ على نار هادئة، قبل أن تتحوّل إلى نار مشتعلة بين الطرفين، وقتال لا يُستبعد أن تُستخدم فيه الأسلحة الثقيلة وسلاح الطيران.
ويرى مراقبون أن هذا الصراع جعل هادي في امتحان صعب إزاء الإمارات؛ ذلك أن رضوخه لضغوطها، وبقاء “أبو قحطان” محكماً سيطرته على مطار عدن، قد يقوض قرارات هادي المستقبلية التي من المحتمل أن يتخذها ضد قيادات أمنية وعسكرية وتنفيذية تابعة للإمارات.
ومن جهة أخرى، يعتقد المراقبون أن انفجار الأوضاع عسكرياً في الجنوب سيحدث متغيرات في الواقع الجنوبي، وسيميط اللثام عن المخططات الإقليمية التي تسعى لتحويل الجنوب إلى ساحة صراع بين أمراء الحرب ورفاق الخنادق على غرار ما يحدث في ليبيا وسوريا، وهو ما سوف يدفع، بحسبهم، في المستقبل القريب، نحو صحوة من قبل الحنوبيين للتعاطي بحذر مع التدخلات الإقليمية.
العربي – أحمد عبدالله