لهذه الأسباب لم يعلق هادي وحكومته على عملية الإنزال الأمريكية في البيضاء
المساء برس – متابعات
الحكومة التي تصف نفسها ب”الشرعية” تورطت منذ قرابة العامين في قتل ما يفترض به شعبها؛ عبر الاستعانة بطائرات التحالف السعودي، وهي نقطة تجعل من غير المستبعد في أي حال من الأحوال توقع تآمرها ومشاركتها في قتل حلفائها والموالين لها، والتخلص منهم، إما بصواريخ الطائرات السعودية كما جرت العادة سابقا في غير منطقة وجبهة قتال يمنية؛ أو بصواريخ “الدرونز” الأميركية على مدى السنوات الماضية، وأخيرا التدخل والقتال الأميركي المباشر على الأرض، كما جرى في قيفة.
بالتجاهل والصمت قابل عبدربه منصور هادي وحكومته، عملية الإنزال الجوي والاشتباك الأميركية في منطقة يكلا في بلاد قيفة في البيضاء شرق اليمن. كجريمة غير مسبوقة، خلفت 41 قتيلا و35 جريحاً “وفق معلومات رسمية” بينهم نساء وأطفال من أسرة آل الذهب مشايخ بلاد قيفة، الذين تربطهم صلات وثيقة بتنظيم القاعدة، وعرفوا بانضواء عدد من رموزهم في إطار التنظيم، وتزعمه في رداع أو ولاية البيضاء كما يسميها “أنصار الشريعة”. ورغم ذلك مثلت انتهاكاً خطيراً، لم يحرك ساكناً لدى حكومة الرئيس هادي في عدن، والتي التزمت الصمت المطبق بطريقة يمكن فهمها وتبريرها في سياق شراكتها وتواطئها في عمليات القتل والإبادة التي يتعرض لها اليمنيون، وإن كان هدف العملية هذه المرة؛ حلفاء يقاتلون معها وفي صفها!.
فالحكومة التي تصف نفسها ب”الشرعية” تورطت منذ قرابة العامين في قتل ما يفترض به شعبها؛ عبر الاستعانة بطائرات التحالف السعودي، وهي نقطة تجعل من غير المستبعد في أي حال من الأحوال توقع تآمرها ومشاركتها في قتل حلفائها والموالين لها، والتخلص منهم، إما بصواريخ الطائرات السعودية كما جرت العادة سابقا في غير منطقة وجبهة قتال يمنية؛ أو بصواريخ “الدرونز” الأميركية على مدى السنوات الماضية، وأخيرا التدخل والقتال الأميركي المباشر على الأرض، كما جرى في قيفة.
حكومة كهذه، سيكون من الغباء بمكان توقع ما هو أكثر من موقف الصمت والتجاهل منها، كما لو أن الأمر لا يعنيها، أو لكأنه حدث في منطقة لا تهمها، وإن كانت يمنية؛ كون اليمن بكله لا يعنيها ولا يهمها. ثم ما الموقف الذي يمكن أن تتخذه أو تقوله هكذا حكومة؟!، دون أن تبدو معه مثار تندر وسخرية الجميع؛ ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، كان لها أن تمارس هوايتها في الصمت، على طريقة “النائم في العسل”، والصمت كموقف بالنسبة لهادي وحكومته في هذه الحال “أبلغ من ملايين الخطب”، كما قال الشاعر المقالح في قصيدته “أنا من بلاد القات”.
بموازاة هذا الصمت من حكومة هادي “الشرعية”، احتاجت حكومة صنعاء، لعشرين ساعة تقريبا، لتغادر رداء السلبية الذي تلبسها خلال الساعات التالية للجريمة؛ وتقفز خطوة إلى الأمام، وتدين بوضوح لا لبس فيه “جريمة المارينز الأميركية في البيضاء شرق البلاد”، وفق بيانها المنسوب لمصدر حكومي مسؤول، وعدها “صورة من صور إرهاب الدولة الذي تمارسه الولايات المتحدة الاميركية تحت ذريعة مكافة الإرهاب”، “في لحظة تشهد استمرارا في استقدام الارهابيين من عدد من دول المنطقة وتقديم الدعم اللازم لهم لقتل أبناء الشعب اليمني”، وهي إذ ترفض قتل خصومها بهذه الطريقة، بل وتعتبره انتهاكا للسيادة -المنتهكة أصلا- يتحمل مسؤوليته الرئيس هادي وحكومته، تسجل موقفا للتاريخ، يدين في الوقت ذاته من تواطئ ووقف وشجع ودعم العدوان الخارجي منذ مارس 2015.
يحسب لحكومة صنعاء، استجابتها لما تفرضه اللحظة التاريخية، والإنطلاق من أرضية صلبة وأفق وطني، كحكومة مسؤولة عن جميع المناطق، بما فيها تلك المناطق الواقعة خارج سيطرة قواتها؛ حتى والضحايا من خصومها والمناوئين لها على الأرض.
صحيح أن عملية الإنزال الأميركية هذه، ليست الأولى، بل الرابعة بعد عمليات ثلاث شهدها العام 2014 في شبوة المحادة للبيضاء، وجميعها حدثت في عهد الرئيس هادي، الذي شهد هذا التحول المهم والنوعي في مسار العمليات الأميركية في العمق اليمني، بعد سنوات من اقتصارها على الضربات الجوية للطائرات من دون طيار، ومع ذلك لا يمكن فصلها، أو التعامل معها بمعزل عن جرائم الطائرات السعودية منذ قرابة العامين بحق النساء والأطفال والشيوخ من المدنيين الآمنين في منازلهم في طول اليمن وعرضها. ثم ان السعودية التي تفرض حظرا جويا على اليمن، وتسيطر كليا على أجوائها، هي المسؤولة عن مقتل عدد من حلفائها من آل الذهب، المعروفين بقتالهم معها في جبهة واحدة، ضد قوات أنصار الله والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
معطيات يكون لزاما معها، إدانة هذه العملية؛ وبالقدر نفسه إدانة جرائم السعودية وعدوانها وانتهاكها لليمن، وهي الجزئية التي تنبهت لها حكومة صنعاء في بيان مصدرها المسؤول.
معادلة بسيطة وواقعية، يفترض باليمنيين جميعاً؛ الإلتفاف حولها؛ والبناء عليها، والتحرك وفقها لإدانة الجريمة الأميركية، والتعامل معها كنتيجة وتجلي واضح، وامتداد طبيعي للعدوان السعودي.
الميادين – أحمد عبدالرحمن