ماذا وراء قانون “التوبة” التونسي.. هل سيقبل شعب تونس بعودة الإرهابيين؟
المساء برس
شهدت تونس في الفترة الأخيرة جدلًا واسعًا بشأن قانون «التوبة» الذي اقترحه زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في العام الماضي، والذي ينص على توبة الإرهابيين التونسيين العائدين من الخارج للسماح لهم بالعودة إلى حياتهم الطبيعية دون ملاحقة أمنية، الأمر الذي رأى مراقبون أنه قد يؤدي إلى انهيار الأمن في تونس، لاسيما مع الكثير من الأحداث الداخلية والخارجية التي ارتبطت بهذا الملف في الأسبوع الماضي.
هذا القانون أثار الكثير من التساؤلات المهمة حول إمكانية استيعاب وإعادة دمج العناصر المتطرفة فى المجتمع التوسي دون الوقوع في أزمات أمنيةتهدد بتحول تونس إلى بؤرة جديدة فاعلة للمتطرفين والدواعش في شمال إفريقيا، خاصة في ظل محيطها الملتهب كالجوار الليبي الذي يعاني من تمدد تنظيم داعش الإرهابي فيها بسبب الأزمة السياسية.
ما زاد قلق المتابعين هو تصريح وزير الداخلية التونسية الهادي مجدوب، بأن البلاد استقبلت أكثر من 800 جهادي عائدين من الخارج في الشهور القليلة الماضية، وتأكيد الجهات الأمنية أن هناك عددا آخر من المقاتلين العائدين إلى تونس لا تتوفر بشأنهم معلومات، كما جاء حديث المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، لتؤكد هي الأخرى على أن ”إرجاع الإرهابيين التونسيين من أوروبا إلى تونس أصبح أمرًا مفروضًا وليس رغبة” عقب حادثة برلين التي أودت بحياة 12 شخصًا.
وأقر المجدوب، بضعف المنظومة الاستخباراتية لتونس، وقال “عن أية منظومة استخباراتية تتحدثون”؟، تونس ليس لها منظومة استخباراتية خارجية ولا تتوفر على إمكانيات وتجهيزات وموارد بشرية تمكنها من التوصل إلى المعلومات بالسرعة المطلوبة”، وأضاف: “ليس لدينا سوى إدارة الأمن الخارجي التابعة للإدارة العامة للمصالح المختصة وعدد من المراسلين للإدارة في بعض العواصم العربية والأوروبية، ولا تتوفر لديهم الإمكانيات التي تجعلهم قادرين على الوصول إلى مثل هذه المعلومات“.
وفي نفس الإطار تظاهر مئات التونسيين السبت أمام مقر البرلمان للتعبير عن رفضهم لعودة متشددين تونسيين من الخارج تحت مسمى “التوبة”، وردد المشاركون في المظاهرة التي دعا إليها “ائتلاف المواطنين التونسيين” الذي يضم منظمات غير حكومية وشخصيات مستقلة هتافات بينها “لا توبة.. لا حرية.. للعصابة الإرهابية”، كما ردد المتظاهرون أيضا هتافات معادية لرئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي دعا للمقترح.
بلغ عدد قضايا الإرهاب المعروضة على القضاء التونسي، إلى فبراير الماضي، 1944 قضية، وعدد الموقوفين على ذمة هذه القضايا 778 شخصًا، حسب كمال بربوش، الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بتونس، وكانت السلطات التونسية أعلنت في بداية العام الماضي أنها منعت 15 ألف شاب وفتاة من السفر إلى سوريا والالتحاق بمقاتلي تنظيم داعش، كما وضعت السلطات 92 عائدًا تحت الإقامة الجبرية، بعد أيام من تفجير استهدف حافلة للحرس الرئاسي، وأودى بحياة نحو 12 شخصًا، في نوفمبر 2015، وتشير تقارير غير رسمية إلى وجود نحو 3500 تونسي في بؤر التوتر.
ويرى مراقبون أن خيارات الحكومة التونسية في مواجهة مقاتليها العائدين من مناطق الصراع بالشرق الأوسط، ليست كثيرة ، فهي لا تملك حتى الآن إلا الحلول الأمنية، وعلى الرغم من أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، دعم مقترح التوبة قائلًا إن “خطورة الجهاديين باتت من الماضي، والعديد منهم يرغبون في العودة، ولا يمكننا منع تونسي من العودة إلى بلاده، ولن نضعهم جميعًا في السجن، إلا أنه سرعان ما تراجع وقال إن العائدين سيواجهون قانون الإرهاب، الأمر الذي يكشف ترددًا رسميًا تجاه هذه الأزمة، وغياب خطة واضحة لمعالجة ملف العائدين من ساحات القتال في الخارج.
البديل المصرية