المطلوب من الإمارات حتى توقف صنعاء تصعيدها العسكري الاستراتيجي في عمقها
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
تؤكد المعلومات التي حصل عليها “المساء برس” من مصدر سياسي رفيع مقرب من صانعي القرار في صنعاء، أن التصعيد العسكري لليمن داخل العمق الإماراتي ليس إجراءاً تكتيكياً بل إنها استراتيجية تم اتخاذ قرار البت في تنفيذها منذ أن انخرطت الإمارات من جديد في التصعيد العسكري البري في شمال محافظة شبوة أواخر العام الماضي.
ضربتان تعرضت لها الإمارات حتى الآن منذ بدء صنعاء استراتيجيتها التصعيدية ضد أهم شريك للسعودية في الحرب على اليمن، وبتحليل البيانات الرسمية الصادرة عن صنعاء في توصيف ما حدث يتبين أن صنعاء متجهة نحو تنفيذ استراتيجية شاملة باتجاه الإمارات وليس فقط إجراءاً تكتيكياً مؤقتاً، فالتصريحات المتتالية الرسمية الصادرة عن قيادات سلطة صنعاء آخرها على سبيل المثال تصريح المتحدث باسم قوات صنعاء العميد يحيى سريع وتهديده باستهداف الإمارات من جديد وتحديداً إمارة دبي سيقود إلى خسارة الإمارات لمعرض إكسبو الدولي العالمي الذي تستضيفه الإمارات للعام الثالث على التوالي، ذلك يعني أن صنعاء حددت استراتيجية ضرب العصب الحيوي للإمارات الذي يسمح لها بالاستمرار في دعمها للحرب على اليمن ولعب دور الفاعل الرئيسي فيما يحدث من حراك عسكري مؤخراً.
ولا يبدو أن صنعاء ستتوقف عن استهداف الإمارات من الآن وصاعداً بدليل التصريحات التحذيرية والتهديدية شديدة اللهجة الصادرة عن قيادات سلطة صنعاء بهذا الشأن، بالإضافة إلى ذلك دعوة صنعاء للاستثمارات الأجنبية في الإمارات إلى المغادرة والتأكيد بأن الإمارات لم تعد بلداً آمناً وتعمّد صنعاء تنفيذ الضربة الأولى الأسبوع الماضي ومن ثم إصدار تحذيرات للاستثمارات الأجنبية في الإمارات بالمغادرة والتأكيد على أن صنعاء ستوسع أهدافها تجاه الإمارات وتنفيذ ضربة ثانية الأسبوع الجاري أي بعد أسبوع واحد فقط من تلك التهديدات، كل ذلك يعد تأكيداً على أن صنعاء ماضية في تنفيذ استراتيجية تصعيد شاملة ضد الإمارات تشل اقتصادها الذي تقوم الإمارات عليه اعتماداً على جلب المستثمرين الأجانب وتحويل البلد إلى مركز تسوق إقليمي، وهنا يأتي التساؤل الملح.. ماذا بعد الضربتين السابقتين في العمق الإماراتي وما المطلوب من الإمارات حتى تكف صنعاء عن تنفيذ استراتيجيتها التصعيدية.
وفقاً لمصادر رفيعة تحدثت لـ”المساء برس” فإن المطلوب من الإمارات حتى تتوقف صنعاء عن تصعيدها، تنفيذ خطوات رئيسية متمثلة في: أولاً: الانسحاب العسكري الكامل من اليمن بما في ذلك إخلاء المنشآت والمناطق والجزر والموانئ التي تسيطر عليها الإمارات في جنوب اليمن، ثانياً: كف دعم أو تمويل أو تسليح أو قيادة المليشيات المسلحة الموالية للإمارات جنوب اليمن، ثالثاً: مثلما قامت الإمارات بإنشاء تشكيلات عسكرية عقائدية ومناطقية جنوب اليمن فإن عليها تفكيك كل هذه المليشيات.
في حال رفضت الإمارات شروط صنعاء، وهذا احتمال غير وارد حتى اللحظة، فإن الإمارات قد تشهد انقساماً داخلياً أو على الأقل تمرداً من قبل الإمارات الأخرى غير أبوظبي ضد الأخيرة وضد محمد بن زايد يقود هذا التمرد حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي لن يقبل بأن يقود بن زايد الإمارات إلى الهاوية بسبب اصراره على سياساته في التبعية العمياء للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والتي خلقت للإمارات عداوات في المنطقة منها عداوة الإمارات مع اليمن التي انعكست سلباً على الإمارات ككل، كما أن التصعيد العسكري واستمرار تنفيذ الهجمات بالطائرات المسيرة بدون طيار والصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة على الإمارات بما في ذلك دبي عصب الاقتصاد الاماراتي، فإن ذلك سيقود إلى شبه انهيار وشلل تام في الإمارات وهروب الاستثمارات وبالتالي خسارة الإمارات 60% من مصدر دخلها القومي.
خيارات الإمارات أصبحت منعدمة فلم يعد بإمكان الولايات المتحدة دعمها ضد اليمن، فواشنطن منشغلة وتصب كل تركيزها على مواجهة القطب الدولي الصاعد والمتمثل بتحالف روسيا مع الصين وكوريا الشمالية كما أن واشنطن حالياً منشغلة بالحفاظ على هيمنتها وسيطرتها على أوكرانيا وعدم تركها للعودة إلى الحضن الروسي وبالتالي فإن واشنطن ليست متفرغة للدفاع أو حماية الإمارات، وحتى التعاطي الأمريكي البارد مع ما حدث في الإمارات رغم أن ما حدث كان جزءاً منه قد استهدف القوات الأمريكية ذاتها في قاعدة الضفرة بأبوظبي والتي ضربت لمرتين متتاليتين فإن هذا التعاطي يكشف أن الولايات المتحدة ليست في وارد الاهتمام بشأن ما يحدث للإمارات لدرجة أن واشنطن تصرح رسمياً بأن قواتها اختبأت في الملاجئ حين تعرضت قاعدة الضفرة للقصف بالصواريخ الباليستية وفي تصاريح أخرى اعترفت واشنطن أنها لم تصد سوى الصواريخ التي استهدفت قاعدة الضفرة فيما شاهد العالم بأسره أن الصواريخ الأخرى ضربت كلاً من العاصمة الإماراتية ومدينة دبي ولم يتم اعتراض معظم الصواريخ التي ضربت المدينتين ما يعني أن الولايات المتحدة سيكون أقصى همها في الإمارات حماية قواتها فقط، ومن المحتمل جداً أن تدفع واشنطن بسحب قواتها من الإمارات مع تزايد التوترات بينها وبين روسيا في أوكرانيا التي من المحتمل أن تتحول لحرب عالمية ثالثة.
بالنسبة للمستثمرين الأجانب في الإمارات والاستثمارات الأجنبية داخل الإمارات البالغة 184 مليار دولار والتي تمثل تقريباً نصف مصدر الدخل القومي الإماراتي فإن هذه الاستثمارات ستهرب على الفور مع استمرار هذه الهجمات اليمنية على الإمارات وأقرب البلدان التي تنتظر حدوث هذا الشيء في الإمارات هي قطر والسعودية، فقطر تقدم موانئها بديلاً مناسباً للاستثمارات الأجنبية التي تتخذ من موانئ دبي مركزاً لها من جهة، والسعودية التي دفعت محلليها السياسيين إلى التصريح في وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية بأنهم يتوقعون استمرار التصعيد والهجمات ضد الإمارات وقد فعلت الرياض ذلك عمداً حتى تعزز من دفع المستثمرين الأجانب للهروب من الإمارات، هي بحد ذاتها – أي السعودية – قد شرعت في مساعي دفع المستثمرين في الإمارات إلى نقل مقراتهم الرئيسية في المنطقة من الإمارات إلى السعودية إذا أرادوا الاستثمار في منطقة نيوم الصناعية الاستثمارية التي خطط محمد بن سلمان لجعل قيمة الاستثمارات فيها بواقع نصف تريليون دولار.
يبدو ألا خيار أمام أبوظبي ومحمد بن زايد سوى الانسحاب بهدوء من اليمن والقبول بما تطرحه صنعاء مقابل وقفها التصعيد الهجومي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة على البلد الخليجي القائم على اقتصاد الاستثمارات الأجنبية والترفيه والسياحة والأنشطة الأخرى التي تحتاج لبيئة آمنة جداً جداً لبقاءها وتنميتها وإلا فإن المزيد من مثل هذه الضربات التي تعرضت لها الإمارات مؤخراً سيقود إلى مرحلة قد تختفي فيها دولة الإمارات من على الخارطة الجغرافية في الجزيرة العربية.