من اغتال ضياء الحق الأهدل؟ (تقرير)
تعز – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
اغتيل الصندوق الأسود لحزب الإصلاح في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحزب نفسه، ضياء الحق الأهدل، وهو أيضاً مهندس عملية اغتيال قائد اللواء 35 مدرع، عدنان الحمادي أبرز الخصوم العسكريين للإصلاح في تعز.
يبحث الجميع اليوم عن الجهة التي تقف خلف اغتيال ضياء الحق الأهدل، حيث ذهب ناشطوا حزب الإصلاح إلى الانقسام في آرائهم بين من يقول بأن من يقف خلف الاغتيال هو طارق عفاش وبين من يرى بأن قوات صنعاء هي من نفذت عملية الاغتيال.
صحيح أن اغتيال الأهدل يصب في مصلحة القوى المواجهة للتحالف السعودي الإماراتي لكون الأهدل من القيادات البارزة والفاعلة لحزب الإصلاح أبرز قوة محلية موالية للتحالف السعودي، وبالتالي فإن أي اختلالات وهزات تتعرض لها هذه القوى الموالية للتحالف هو في الأخير يصب في مصلحة القوى المواجهة للتحالف، لكن منطقياً فإن هذا الاحتمال ليس منطقياً وبعيداً عن الواقع إذ لم يسبق أن استخدمت صنعاء أسلوب الاغتيالات للتخلص من قيادات خصومها التي تحاربها إلى جانب التحالف السعودي.
أما بالنسبة لطارق صالح المسيطر على الساحل الغربي الجنوبي الذي يشمل ساحل تعز على البحر الأحمر فإن احتمال وقوفه خلف الاغتيال لا تزال ضعيفة، وصحيح أن الإصلاح هو أبرز خصوم طارق صالح في تعز وصحيح أن ضياء الأهدل يقود المليشيات التابعة للإصلاح المتواجدة في الحجرية التي يسعى طارق صالح للسيطرة عليها لتأمين انتشاره وبقائه في مأمن في الساحل الغربي، إلا أن توقيت الاغتيال يرجح أن اغتيال الأهدل ليس في مصلحة طارق، السبب في ذلك هو أن التقارب الذي بدأ يتبلور جنوب غرب تعز بين طارق وتيار الإصلاح الموالي لقطر حدث بضوء أخضر وتنفيذ مباشر من قبل ضياء الحق الأهدل، ومن غير المنطقي أن يقوم طارق باغتيال الشخصية الإصلاحية التي ستسهل له الانتشار والنفوذ في الريف الجنوبي الغربي لتعز.
ليست سوى السعودية أو الإمارات
ولعل التحليل المنطقي الأكثر قرباً إلى الحقيقة والواقع هو أن واحدة من هاتين الدولتين من نفذت وخططت لعملية الاغتيال وفي هذا التوقيت تحديداً، الأولى هي السعودية التي تعتبر تيار قطر تركيا في حزب الإصلاح تياراً متمرداً عليها وسبق أن فرضت الرياض عقوبات شديدة على تيار الإصلاح (القطري التركي) في اليمن وتعز تحديداً من خلال وقف الدعم المالي ومرتبات قوات الإصلاح التي تقودها قيادات متمردة على السعودية بما في ذلك قطع مخصصات علاج جرحى الإصلاح الأمر الذي أفقد الحزب جزءاً من تمويله المالي ما دفع بهذا التيار لإيجاد بدائل أخرى لتعويض ما فقده من تمويلات مالية كانت تدفعها السعودية وكانت أبرز تلك البدائل فرض الإتاوات على التجار والمواطنين والأسواق في مناطق محافظة تعز وبذلك تمكن هذا التيار من البقاء والاستمرارية وتمكن بذلك من إحراق ورقة الضغط السعودية.
كانت تلك حركة ناجحة من تيار قطر تركيا في حزب الإصلاح بتعز تمكن من خلالها من الانسلاح من قبضة السعودية، لتأتي بعدها الحركة الثانية التي أغضبت الرياض بشكل كبير والتي تمثلت بتنفيذ أكبر صفقة تبادل أسرى بين قوات الإصلاح وقوات صنعاء في تعز بوساطة قبلية بين الطرفين، فالأهدل هو مسؤول ملف الأسرى في تعز وكان إقدامه على المضي بالقبول بصفقة تبادل أسرى مع صنعاء يعد خروجاً صريحاً عن طاعة السعودية التي تمسك بملف الأسرى كورقة ضغط على صنعاء تحاول مساومتها في كل مرة وسبق أن منعت وأفشلت عشرات الوساطات المحلية لصفقات تبادل أسرى بين قوات هادي وقوات صنعاء، وحدث ذلك في مأرب مثلاً مع وزير دفاع هادي، محمد علي المقدشي، الذي قبل بوساطة محلية لصفقة تبادل أسرى مع صنعاء ومضى في الصفقة وبعد أن كان الأسرى التابعين لصنعاء والمعتقلين لدى المقدشي قد تم إخراجهم من المعتقلات ويتأهبون لصعود باصات نقلهم لمكان تبادل الأسرى بين الطرفين وصل اتصال للمقدشي انتهى بإعادة الأسرى إلى معتقلاتهم من جديد وفشلت الصفقة ولم يجرؤ المقدشي على الاعتراض على التوجيهات وصلته من أحد ضباط التحالف في غرفة العمليات العسكرية للتحالف.
لكن الأهدل لم يأبه لاعتراض السعودية على تنفيذ اي صفقة تبادل أسرى مع صنعاء وذهب إلى تنفيذ الصفقة الأخيرة التي تعد أكبر صفقة تبادل أسرى مع صنعاء، الأمر الذي اعتبرته الرياض أكبر تمرد عليها من قبل الإصلاح في تعز، فكان الرد المناسب من وجهة نظر الرياض هو تأديب الإصلاح على ذلك عبر اغتيال الأهدل.
ولعل ما يؤكد أن اغتيال الأهدل كان مخططاً وتنفيذاً سعودياً وبعد وشاية إماراتية، هو ما نشرته صحيفة الشارع التي تمولها الإمارات وتصدر في عدن والتي نشرت قبل فترة وجيزة من اغتيال الأهدل خبراً كشفت فيه عن قيام الأهدل بالإفراج عن قائد ميداني يتبع قوات صنعاء وهو من أبناء مديرية سامع بمحافظة تعز.
وحسب الصحيفة فإن الشخصية التي تم الإفراج عنها كان قد تم اعتقالها بعملية استخبارية للقوات الموالية للتحالف قبل 3 أشهر من اعتقاله حيث تم تنفيذ العملية واعتقاله أثناء ما كان متواجداً في مسقط رأسه بتعز، مضيفة نقلاً عن مصدر عسكري أن الأهدل هو من قاد وسهل عملية الإفراج عن القيادي الميداني لقوات صنعاء معاذ قائد السامعي وأنه كان معتقلاً في سجن اللواء 35 مدرع الذي سيطرت عليه قوات الإصلاح بالريف الجنوبي الغربي لتعز، ما يعني أن الأهدل أصبح بنظر الرياض شخصاً بات من الضرورة التخلص منه.
الإمارات أيضاً يرى مراقبون أنها قد لا تكون بعيدة عن كونها هي من وقفت خلف عملية اغتيال الأهدل، فالتقارب بين طارق وفصيل من الإصلاح في تعز قد يكون أمراً لم يرق لأبوظبي فهي وعلى الرغم من أنها تسعى للسيطرة على الريف الجنوبي الغربي لتعز إلا أن هذا الهدف لا يمكن أن يكون مبرراً لأن تسمح الإمارات بحدوث أي تقارب بين أذرعها وأدواتها في اليمن مع أي من تيارات الإخوان المسلمين الذين تحاربهم ليل نهار في كل مكان داخل وخارج اليمن، وإذا ما صحت هذه التوقعات فإن ذلك يعني أن تقارب طارق مع تيار الإخوان الموالي لقطر وتركيا في تعز تم بدون إذن من أبوظبي وأن الاغتيال بكونه خطوة اخيرة لإفشال هذا التقارب هو في الوقت ذاته رسالة تهديد لطارق صالح الذي تراه أبوظبي بأنه بهذا الإجراء بدأ يخرج عن طوعها.