كيف حرفت التدخلات الخارجية مسار ثورة 11 فبراير (تقرير)
تقرير خاص – المساء برس|
بدأت أحداث 2011 في اليمن بشكل عفوي، ولم تكن التحركات الشعبية الشبابية والاحتجاجات ضد نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وشركائه في الحكم بدفع من جهات خارجية إقليمية أو دولية كما لم تكن تملك قيادة ثورية ترسم مسار الثورة وطبيعة المطالب التي يرفعها المحتجون.
غير أن بعض المستجدات التي طرأت على الساحة حولت مسار الاحتجاجات الشعبية والشبابية من ثورة شبابية ضد نظام فاسد إلى صراع سياسي بين أهم قطبين سياسيين هما في الأساس شريكين رئيسيين في السلطة في أكثر من مرحلة.
مثل انضمام علي محسن الأحمر وركوب الإصلاح موجة الثورة ضربة قاصمة للزخم الثوري حينها، وأدى قمع الإصلاح لأي صوت ثوري شبابي من الظهور على وسائل الإعلام إلى بروز مشهد جديد هو أن الثورة يقودها حزب الإصلاح ضد نظام صالح على الرغم من أنهما شريكان في السلطة، ومن هنا انفتح المجال أمام التدخلات الخارجية لحرف مسار الثورة الشبابية وتجييرها وفق مصالح الخارج مع مراعاة مصالح من يتبنون الثورة ويتحدثون باسمها بعد اتفاقات واتصالات فيما بين الجهات الخارجية كالسعودية مثلاً والولايات المتحدة من جهة وأطراف الداخل كحزب الإصلاح وعلي محسن الأحمر من جهة أخرى.
كان أول تدخل خارجي في الثورة الشبابية السلمية في اليمن هو هرولة الإصلاح إلى الحضن السعودي لتقديم نفسه بديلاً عن الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وهو ما دفع الرياض إلى إطلاق ما يسمى بـ”المبادرة الخليجية” التي كانت في الأساس “مؤامرة أمريكية بتنفيذ خليجي”.
وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن تكون المبادرة الخليجية دافعة نحو عودة الاستقرار في اليمن من دون تدخل يحدد من هي الجهة التي تتولى الحكم أو ما هي المعايير التي ستحكم بها اليمن، أتت المبادرة لتعمل على توزيع السلطة بين أدوات الحكم السابقة التي اختلفت فيما بينها، لتكون بذلك راعية لتقاسم السلطة من جديد بين أبرز أدواتها المحلية التي ظلت لعقود تعمل لتحقيق المصالح الخارجية على حساب مصالحة اليمن شعباً وأرضاً مقابل سكوت الخارج عن الفساد والنهب للثروة لصالح قلة قليلة من رجالات السلطة آنذاك.
ولم تكن تبعات المبادرة الخليجية من توقيع على اتفاق تقاسم السلطة بين المؤتمر والإصلاح ومن معه من احزاب اللقاء المشترك سوى تمهيد لأزمة سياسية طويلة الأمد يستطع من خلالها الخارج التحرك بأريحية لتحقيق اكبر قدر من المصالح الاستراتيجية التي ظل يبحث عنها في الماضي ووجد في النهم والجشع الذي أبدته القوى السياسية التي كانت تتدثر بغطاء المعارضة نحو السلطة والحكم وسيلة وفرصة ذهبية للخارج للتوغل في الشأن اليمني الداخلي والتحكم بمصيره وقراراته السيادية.
وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر حول الأساليب والطرق التي تلافت بها قوى شعبية يمنية انحراف مسار ثورة فبراير، إلا أن الغالبية العظمى يجمعون على أن تحرك الحوثيين في 2014 الذين شاركوا بفاعلية في احتجاجات 2011 عبر مكون شباب الصمود، كان السبب الحقيقي في أن تنتزع اليمن قرارها السيادي وترفع الوصاية الخارجية عنها التي كان الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي قد ساهم بشكل كبير في تعزيزها واستطاع الخارج من خلاله الإيغال في التدخل في الشأن اليمني لدرجة أن السفير الأمريكي لدى اليمن كان يتحكم بتحركات أي فصيل داخل أي مكون سياسي أو حزبي يمني، واستمر ذلك الحال وصولاً إلى التدخل في تقسيم البلاد تحت اسم الأقاليم التي لم يتم التوافق عليها في مؤتمر الحوار الوطني.