دلالات قرارات بايدن بشأن اليمن.. حضور عسكري وسياسي مباشر بدل الأدوات

المساء برس – تقرير: يحيى محمد|

يقول الباحثون في مجال الجيوبوليتيك إن واشنطن في إدارة ترامب كانت تتخذ سياسة الخروج التدريجي من المنطقة (الشرق الأوسط تحديداً) عبر تمكين حلفائها بشكل أكبر من الملفات التي كانت واشنطن تتدخل فيها بشكل مباشر، غير أن هؤلاء الحلفاء ليسوا على مستوى عالي من القدرة يمكنهم من فعل ما تريده واشنطن ولهذا كان من الضروري أن يكون لهؤلاء الحلفاء قائد يقودهم من المنطقة ذاتها فكان هذا القائد هو (إسرائيل)، ولذلك شهدت المنطقة في عهد ترامب موجة من التطبيع والهرولة نحو التحالف مع الكيان الصهيوني من قبل الدول الخليجية (الحلفاء والأدوات لأمريكا).

غير أن هذه السياسة لا يبدو أنها ستستمر بعد صعود الديمقراطيين برئاسة جوزيف بايدن للحكم والهيمنة على مجلس الشيوخ والنواب في الكونجرس الأمريكي، فتصريحات بايدن الخميس وقراراته بوقف دعم الحرب على اليمن ووقف مبيعات الأسلحة الأمريكية للتحالف ووقف المشاركة الأمريكية في العمليات الحربية باليمن، صاحبها قرار آخر تتخذه واشنطن لأول مرة بشأن اليمن وهو تعيين مبعوث خاص إلى البلاد التي مزقتها الحرب التي تقودها منذ البداية واشنطن ذاتها، الأمر الذي يكشف اتخاذ واشنطن سياسة جديدة للتعامل مع الحرب في اليمن تقوم على أساس الحضور المباشر والرئيسي وعلى المستويين السياسي والعسكري.

فالحضور على المستوى العسكري لن ينتهي بقرار بايدن وقف دعم التحالف في الحرب على اليمن، إذ أن واشنطن بدأت منذ فترة بتكثيف الحضور العسكري الأمريكي في اليمن خاصة في المناطق الشرقية والمياه الإقليمية بذريعة مكافحة الإرهاب والقرصنة وليس إرسال البنتاغون دفعة جديدة من قوات المارينز والبحرية الأمريكية إلى اليمن في السواحل الشرقية ومحافظة المهرة بعد أن تولى بايدن السلطة سوى دليل واضح ومؤشر بارز على السياسة الأمريكية الجديدة في اليمن خلال المرحلة المقبلة.

بالإضافة إلى أن تسريب الأمم المتحدة في هذا التوقيت تحديداً معلومات بشأن مقتل زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي في محافظة المهرة اليمنية شرق البلاد، كان غرضه تكريس فكرة ضرورة وجود قوات أمريكية في المنطقة لحمايتها من الإرهاب وهي ذريعة تستخدمها واشنطن للسيطرة وفرض وجودها العسكري على أي منطقة كما حدث في كل من العراق وسوريا.

أما على المستوى السياسي فالحضور الأمريكي المباشر أصبح مكشوفاً بعد قرار بايدن بتعيين مبعوث أمريكي خاص إلى اليمن حيث اختير لهذه المهمة الدبلوماسي الأمريكي المختص بالشأن الخليجي تيموثي ليندركينغ والذي يملك خبرة التعامل مع الخليجيين الذين باتوا من وجهة نظر واشنطن بأنهم تسببوا بما وصفها بايدن بـ”كارثة استراتيجية في اليمن” في إشارة إلى الحرب، وهو ما يعني أن واشنطن تهدف للعب على مسارين بشأن اليمن والمنطقة، المسار الأول فرض الحضور السياسي والهيمنة على الوضع في اليمن بشكل مباشر بدلاً من ترك هذه المهمة للسعودية التي لطالما سعت للاستفراد بالملف اليمني وتعتبر اليمن حديقتها الخلفية ويزعجها أي تدخل في الشأن اليمني لا يأتي عن طريقها، أما المسار الثاني فهو ابتزاز الخليج وسحب المزيد من الأموال باستخدام ورقة “التورط في حرب دموية في اليمن وقتل المدنيين”، وهي – أي واشنطن – بهذه الطريقة تهرب من المسؤولية المباشرة إزاء الحرب على اليمن التي كانت تديرها وتدير التحالف السعودي وتشارك بضباطها في غرف عمليات التحالف بالرياض وترمي بالمسؤولية والتهمة فوق أدواتها في المنطقة (الرياض وأبوظبي) وقد سبق أن استخدمت واشنطن هذه السياسة مع صدام حسين في العراق حيث دفعت به لمحاربة إيران 8 سنوات ومن ثم استخدمت ورقة الحرب في وقت لاحق ضد صدام نفسه للتخلص منه واحتلال العراق.

قد يعجبك ايضا