تفاصيل مثيرة تكشف التطابق التام بين خطوات الإنجليز وخطوات التحالف المتبعة في جنوب اليمن
المساء برس – تقرير: يحيى محمد|
منذ أن وضع التحالف السعودي الإماراتي يده على المناطق الجنوبية في 2015، عمل بشكل مدروس ومخطط على تنفيذ عدة خطوات كانت حينها غير مفهومه ولا يوجد لها أي تفسير، لكن تبين لاحقاً أن التحالف كان يسير على نفس النهج والتراتبية التي عملت عليها بريطانيا خلال فترة احتلالها جنوب اليمن في القرن الماضي.
وعند الاطلاع على طبيعة الخطوات التي نفذتها بريطانيا في جنوب اليمن لتثبيت احتلالها وإدامته أطول فترة ممكنة، يجد المتابع مدى التشابه الكبير والدقيق بين ما حدث بالأمس وما يحدث اليوم، وذلك يفسر أن ما يتم الترتيب له حالياً يهدف إلى إدامة احتلال الجنوب وأن العناوين التي يرفعها التحالف لخداع وتظليل الشارع الجنوبي ليست سوى مهدئات يتم حقن الجنوبيين بها بين فترة وأخرى لكسب مزيد من الوقت وها قد مر على خروج قوات صنعاء من عدن أكثر من خمس سنوات ونصف ولم يحدث مما كان أبناء عدن ينتظروه شيء.
العمل على سلخ الهوية
مثلما عملت بريطانيا على سلخ الهوية اليمنية الجنوبية العربية، ليس فقط في عدن، بل في كافة مناطق الجنوب من الغرب إلى الشرق، اتجه التحالف السعودي إلى تنفيذ نفس الاستراتيجية.
حيث عمل الاحتلال القديم ومثله الجديد على سلخ المجتمع المحلي من قيمه الدينية وكان ذلك يحدث تدريجياً والأمثلة والشواهد كثيرة على ذلك في فترة الاحتلال البريطاني، أما فترة الاحتلال الجديد فإن أبرز الشواهد على هذه الخطوات هو تمويل التحالف إنشاء الملاهي الليلية سيئة السمعة والمشبوهة، بالإضافة إلى انتشار بيع الخمور والمنتجات المسكرة والتي اقترن انتشارها بانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والحبوب الممنوعة والحشيش بمختلف الأنواع والأشكال خاصة في أوساط فئة الشباب والقاصرين، وتأكيداً على وقوف التحالف خلف هذا العمل نجد أن أبرز القيادات العسكرية الموالية للتحالف في عدن والذي تم تعيينه قائداً لقوات مكافحة الإرهاب بأمن عدن هو من يملك هذه التجارة ويقود هذا النشاط وذلك ما كشفته عدة تحقيقات صحفية مثبتة بالأدلة والصور نشرها “المساء برس” سابقاً.
التفكيك الاجتماعي وفق الانتماء القبلي التاريخي
فبريطانيا عملت على تعزيز تفكيك المجتمع الجنوبي بناءً على العرقيات التاريخية القديمة والذي كان ظاهره إنشاء السلطنات والمشيخات، ما يعني أنها كانت تخطط لأن تنشئ في جنوب اليمن أكثر من 10 كيانات ودول غير مستقلة وخاضعة للانتداب البريطاني وتعادي كل واحدة منها الأخرى، وبالمثل أيضاً فقد عمل التحالف على تكريس الفكرة ذاتها من خلال الإشراف المباشر على إنشاء الأحزمة الأمنية وما يعرف بقوات “النخب” بناءً على الانتماء القبلي التاريخي القديم.
اتحاد الجنوب العربي سابقا.. المجلس الانتقالي حاليا
خطوة أخرى من الخطوات التي تطابق العمل عليها خلال الاحتلال البريطاني والاحتلال الجديد الذي يمارسه التحالف، هو تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي والذي تبدو مهمته متطابقة تماماً مع مهمة ما أنشأته بريطانيا في القرن الماضي باسم “اتحاد الجنوب العربي”، وسنجد فيما يلي كيف أن الكيانين يتشابهان إلى حد كبير وأن سبب إنشاء الاتحاد هو ذاته سبب إنشاء المجلس.
عدن خارج السيادة
عندما بدأت بريطانيا بتغيير سياستها في الجنوب بهدف إطالة بقاء احتلالها للأبد، عملت على اصطناع ما أطلق عليه “دولة الجنوب العربي الاتحادية”، أو “اتحاد الجنوب العربي” وهو عبارة عن اتحاد يضم المشيخات والسلطنات بحيث يكون كل سلطان عضو في الاتحاد، في حين تبقى عدن خارج هذا الاتحاد.
واليوم يتكرر الشيء ذاته حيث يسعى التحالف لتوزيع المناطق الجنوبية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي بما في ذلك حزب الإصلاح، وهذا التقسيم هو ما يتم العمل عليه الآن في الرياض تحت مسمى “اتفاق الرياض”، وهنا نجد أن اتفاق الرياض نص في أول بنوده وفق التسريبات التي كشفتها قيادات بحكومة هادي بينهم وزراء أن عدن ستبقى خارج سيطرة الانتقالي وخارج سيطرة قوات هادي، وسيتم نزع السلاح من عدن وإخراج كافة معسكرات الانتقالي وهادي وتبقى عدن خاضعة للإشراف السعودي الإماراتي باسم “إشراف قيادة التحالف” بما في ذلك الإشراف على القوات التي سيشكلها التحالف بنفسه لحماية عدن.
المندوب السامي وقيادة التحالف في مهمة الإشراف على باقي الجنوب
ومثلما تضمنت خطة بريطانيا بشأن اتحاد الجنوب العربي أن تكون رئاسة الاتحاد تحت إشراف المندوب السامي البريطاني حينها إلى جانب توليه مهام العلاقات الخارجية وصاحب القرار الأول في حالة الطوارئ، تضمن “اتفاق الرياض” أيضاً أن تكون قيادة التحالف هي المعنية أولاً وأخيراً باتخاذ القرارات العسكرية والأمنية في بقية المناطق الجنوبية التي سيتقاسمها الانتقالي والإصلاح، بمعنى أن حكومة هادي لن يكون لها الحق في تعيين قيادات عسكرية أو أمنية أو مدنية أو إنشاء معسكر هنا أو هناك أو تحريك قوة عسكرية من مكان إلى آخر إلا بموافقة من قيادة التحالف، وتحت ذريعة أن تكون هذه التحركات أو القرارات خاضعة للتوافق مع الطرف الآخر الموقع على اتفاق الرياض، والحال كذلك مع الانتقالي، وهو ما يعني أن التحالف الذي نصب نفسه صاحب السيادة في عدن بموجب اتفاق الرياض هو أيضاً المشرف وصاحب القرار الأول على باقي المناطق الجنوبية التي يفترض أنها ستكون خاضعة لسيطرة توافقية بين الانتقالي وهادي.