السعودية تكشف نواياها تجاه حزب الإصلاح وحقيقة ارتباطها به
متابعات خاصة-هاشم يحيى-المساء برس| ليس من قبيل الصدفة ولا من باب الترتيب البرامجي أن يتم استضافة رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، في برنامج على قناة روتانا خليجية، ويتم إعادة تفاصيل اللقاء في صحيفتي الشرق الأوسط وعكاظ السعوديتين، وهو يصف حزب الإصلاح اليمني”أحد فصائل جماعة الإخوان المسلمين” بالخيانة واستحالة الوثوق بهم.
هذه الاستضافة بما خرجت به من توصيف لجماعة الإخوان المسلمين، تزامنت مع احتضان المملكة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين”فرع اليمن” السياسية والعسكرية، ليس هذا فحسب، بل ودعمهم لوجستيا وسياسيا ضد خصومهم في الداخل اليمني الذي لفظهم من الشمال والجنوب.
كما تزامنت مع فترة توتر في الجنوب اليمني الخاضع لسيطرة السعودية والإمارات، المتحالفين على اليمنيين المختلفين على قسمة الغنيمة، فكل طرف يدعم فصيل محلي يمني يسعى لإلغاء الآخر تماما. فالسعودية وجدت نفسها متورطة بدعمها المباشر لحزب الإصلاح تحت مظلة الشرعية، والإمارات شكلت فصيلا جديدا أطلقت عليه اسم الانتقالي الجنوبي، حتى لا تضع يدها بيد الإخوان المسلمين ألد أعداء ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد.
ولأن السعودية كما هي الإمارات لا ينبغي أن يتصارعا في اليمن على الرغم من وجود مبررات الصراع، غير أن من وراءهما هو الممسك بزمام الأمور، ومتحكم كليا بتداعيات هذا الخلاف، والذي يصب في نهاية المطاف لمصلحته، المحتل القديم.
ولكي يتم إرسال رسائل تطمينيه من قبل السعودية للإمارات، تأكد من خلالها حقيقة موقفها من جماعة الإخوان المسلمين في اليمن”حزب الإصلاح”، وحقيقة المآل الذي ينتظر هذا الحزب عند الانتهاء من ورقته وتحقيق المراد. هاجم الكثير من كتاب وسياسيي السعودية وصحفييها، حزب الإصلاح في اتجاه عكس ما يتبناه الموقف السعودي الرسمي عمليا بشأن هذا الحزب.
وللتأكيد على هذا المسار خرج رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، في برنامج على قناة روتانا خليجية، بتصريحات وتوصيف موثق بنماذج عملية حدثت في الماضي مع جماعة الإخوان المسلمين، لتكون المقارنة مع ما يحصل اليوم مع حزب الإصلاح والمقاربة واضحة لا يشوبها شائب.
تركي الفيصل في أول حديثه كان عنوانه الأبرز للمقابلة التلفزيونية والصحفية أنه”لايمكن الوثوق في الإخوان المسلمين”، حيث أكد الأمير تركي أن هذه الجماعة عملت في المملكة في فترة ما ورعتهم، بينما ظلت بيعتهم للمرشد، وليس لولي الأمر، مؤكداً أنه التقى ضمن لجنة بتكليف من خادم الحرمين الشريفين بموفودين من الإخوان في جدة قبل الغزو العراقي للكويت، فاكتشف أنهم يساندون غزو العراق، رغم أن الكويت كانت من أكبر الداعمين لهم.
وهنا يأتي الدخول المباشر في الموضوع الذي عني به مدير حوار البرنامج لتكون إجابة الأمير تركي دقيقة في ضرب الهدف حين رد الأمير بأنه رفض دعم «بن لادن» في اليمن.
وقال تركي الفيصل: «لم تكن لي علاقة بأسامة بن لادن، ولكني التقيته في مناسبات دعت إليها السفارة السعودية في باكستان، ثم قابلته في جدة، ورفضت طلبه بدعم استخباراتي في اليمن الجنوبي ليعمل هو والمجاهدون العرب ضد النهج الشيوعي وقتها. وفي عام 1995 عرض الرئيس السوداني السابق عمر البشير تسليمه للمملكة بشرط عدم مقاضاته، ورفضت المملكة ذلك، ثم ذهبت بتوجيه من ولي العهد الأمير عبدالله آنذاك إلى الملا عمر في أفغانستان لطلب استلام بن لادن لمحاكمته في الرياض، لكن الأمر لم يتم».
المقاربة فيما صرح به الأمير تركي الفيصل هي حول موقف السعودية اليوم تجاه حزب الإصلاح في اليمن، فعلى الرغم من أنها تدعمه غير أنها لا تثق به، لأنهم كما فعلوا بالسعودية والكويت على الرغم من دعمهما لهم كانوا يدعمون غزو العراق، وكما هو الحال اليوم فنحن لا نثق بحزب الإصلاح الموالي لقطر على رغم دعمنا له واحتضاننا له، ولا يعني أننا دعمناه في مرحلة ما لغرض معين كما فعلنا في حشد المسلمين مع امريكا ضد الاتحاد السوفيتي، فهذا لا يعني أننا سنستمر في دعمه بعد انتهاء مهمته، الأمر عينه مع حزب الإصلاح الذي يعتبر احتضانه اليوم ضرورة لتمهيد الطريق لليمن والسيطرة عليه، وسيكون مآل حزب الإصلاح كما حدث في السابق مع الجماعة الأم له ولأمثاله المنتشرين في شتى بقاع العالم، تحت مسميات مختلفة.
هذه إحدى الرسائل البارزة التي بعثها تركي الفيصل عبر هذا البرنامج بالإضافة إلى رسائل أخرى حول التطبيع مع إسرائيل وتبييض صفحة المملكة من هذه الجريمة البشعة بحق الفلسطينيين، ويبدوا أن الفيصل نجح في تطمين شريكه الإماراتي، ومواليه في الانتقالي الجنوبي، غير أنه فشل في استعطاف الشارع العربي وتبرير خطوات التطبيع المفضوحة التي تنتهجها المملكة اليوم دون مواربه ولا خجل.