في مثل هذه الايام قبل عامين ماذا كانت تفعل المخابرات المصرية في الساحل الغربي اليمني
المساء برس – تقرير: يحيى محمد|
قبل عامين من الآن وفي مثل هذه الأيام تحديداً كانت هناك جهتان استخباريتان تخططان مع أطراف في الداخل اليمني لإسقاط الساحل الغربي لليمن وسحب السيطرة من تحت أيدي قوات صنعاء.
على الرغم من عدم المشاركة الفعلية في الحرب على اليمن من قبل مصر رغم أنها عضو ضمن دول التحالف السعودي الأمريكي إلا أنها لم تسهم في عمليات عسكرية كما لم تقدم أسلحة للتحالف طوال فترة الحرب، لكن شيئاً ما تغير في الأمر ما جعل الاستخبارات المصرية تشترك بشكل مباشر في العملية العسكرية الاستخبارية التي سبقت الهجوم على الساحل الغربي عام 2018.
حسب معلومات تم الحصول عليها من مصادر موثوقة جداً فإن كلاً من الاستخبارات المصرية والاستخبارات الأمريكية العسكرية اشتركتا – بل كانتا الفاعلان الرئيسيان – في الإعداد والترتيب وجلب المعلومات الاستخبارية عن الاستعدادات العسكرية لقوات صنعاء في الساحل الغربي ومدينة الحديدة.
وحسب المعلومات ففي عشية الهجوم العسكري للسيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي، كان الدور الأبرز من الناحية الاستخبارية هو للاستخبارات الأمريكية والمصرية، غير أن يقظة قوات صنعاء كانت أكبر من استعدادات خصمها، حيث تكشف المعلومات أن القوات اليمنية كانت تعرف من قبل شهر على موعد الهجوم، أن التحالف سينفذ هجوماً بقيادة أمريكية على ميناء الحديدة نهاية شهر رمضان عام 2018.
وكان أكبر دعم خارجي تلقاه التحالف وتحديداً “الإمارات” في عملياته في اليمن هو ما تلقاه من أجل الهجوم على ميناء الحديدة، وربما كان اشتراك الاستخبارات المصرية في العملية سببه التقارب الحاصل بين نظام ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ونظام عبدالفتاح السيسي وذلك بالنظر إلى أن من تصدر مشهد الهجوم على الساحل الغربي هي الإمارات التي جندت مليشيات خاصة بها ولا تتبع قوات “الشرعية” التي اتخذها التحالف غطاءً لتدخله العسكري في اليمن.
دور القوات الأمريكية بقاعدة العند
في تلك الفترة أيضاً كثفت السفن الأمريكية الحربية من تواجدها في البحر الأحمر وتحديداً، قبالة المياه الإقليمية اليمنية المحاذية للشريط الساحلي للحديدة، كما تمثلت المشاركة الأمريكية أيضاً بإرسال طائرات مسيرة تجسسية كان يتم إطلاقها من قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج، التي تتواجد فيها قوات أمريكية لا تزال حتى اليوم، وكانت مهمة هذه الطائرات تنفيذ عمليات تجسسية فوق الساحل الغربي ومناطق الحديدة، وحسب معلومات مؤكدة فقد كثفت القوات الأمريكية من تواجد عناصرها الاستخبارية وأفراد من القوات الخاصة” أو ما يعرف بـ”الكوماندوز” في قاعدة العند والساحل الغربي، الأمر الذي يثبت أن الولايات المتحدة كانت على أهبة الاستعداد للهجوم على الساحل الغربي واحتلال ميناء ومدينة الحديدة.
عباس كامل ودور القاهرة
تؤكد المعلومات الواردة إن القاهرة قدمت دعماً استخبارياً كبيراً للتحالف لعملية الهجوم العسكري على الحديدة في 2018، لدرجة أن الرئيس المصري السيسي كلف اللواء عباس كامل رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية المصرية حينها للإشراف بنفسه على دور القاهرة في عملية السيطرة على الساحل الغربي لليمن، والتي شاركت فيها مصر بفاعلية كبيرة من خلال توظيف طائرات الـ(إف 16) في العمليات الجوية في اليمن.
تمثل الدور المصري أيضاً بالتكفل بعمليات تدريب المسلحين اليمنيين الموالين لأبوظبي وتقديم الدعم الفني واللوجستي لهم، الأكثر من ذلك هو تنظيم المخابرات المصرية لسلسلة من الاجتماعات لقيادات من التحالف وضباط أمريكيين وقيادات يمنية عُقدت في العاصمة المصرية القاهرة، قبل تنفيذ عملية الهجوم على الساحل الغربي بأسابيع قليلة جداً.
واحد من هذه الاجتماعات ضم عباس كامل رئيس الاستخبارات العسكرية المصرية ومحمد بن ناجي الشايف باعتباره زعيم قبائل بكيل، والذي حاول إيجاد خط اتصال بين طرف المؤتمر في صنعاء على أمل أن تحدث مفاوضات سرية مع صنعاء تهدف إلى تمكين التحالف من السيطرة على الساحل الغربي باسم (قوات أممية) مقابل مكاسب سياسية أخرى تحظى بها صنعاء، إلا أن الأخيرة رفضت بشكل قاطع التفريط بأي بقعة جغرافية في اليمن والسماح بإخضاعها للاحتلال باسم (قوات أممية).
إسرائيل تشارك من بوابة مصر
لم تكن مصر والولايات المتحدة هما الجهات الأخرى من غير التحالف التي شاركت بفعالية في محاولة احتلال الساحل الغربي، حيث تبين أن الكيان الإسرائيلي شارك هو أيضاً في هذه العملية، حيث رصدت وحدات الدفاع الجوي في الساحل الغربي مشاركة طيران الكيان الصهيوني محلقاً في سماء مدينة الحديدة والساحل الغربي، وقد سبق لزعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي أن كشف عن مشاركة إسرائيل في الهجوم على الساحل الغربي في أحد خطاباته التي ألقاها في رمضان 2018.
اللافت أن المشاركة الإسرائيلية في احتلال الساحل الغربي لم تكن لتحدث لولا الدور المصري الذي كثف من وجوده ومشاركته في احتلال هذا الجزء من اليمن، ومن هنا يتبين ما علاقة الاستخبارات المصرية في تنظيم اجتماعات لعسكريين من التحالف وقيادات يمنية مؤتمرية موالية للإمارات في القاهرة، ومن غير المستبعد أن تكون مصر قد رتبت لاجتماعات بين ضباط إسرائيليين ويمنيين موالين للتحالف للتنسيق لهذه العمليات.
ومن المعروف طبيعة الأطماع الإسرائيلية القديمة الجديدة، للسيطرة على مضيق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر بعد سيطرتها على البوابة الشمالية عبر انتزاع السيادة على جزيرتي تيران وصنافير المصريتين وتسليمهما للسعودية الحليف الأبرز والأقوى للكيان الإسرائيلي في المنطقة.
دور احمد علي عبدالله صالح
وفقاً للمعلومات الواردة أيضاً فإن نجل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، أحمد علي، كان في تلك الفترة يستعد لدور قيادي تهيئه له أبوظبي، ففي تلك الفترة، يُعتقد أن احمد علي قام بزيارة إلى الرياض واللقاء بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وناقشا معاً موضوع رئاسة عبدربه منصور هادي في المنفى ومدى إمكانية بقائه على هذا الوضع، خصوصاً وأن هادي في تلك الفترة كان قد تم تهميشه بشكل كبير من قبل الرياض وأبوظبي في المحادثات اليمنية اليمنية بشأن مستقبل البلاد بعد الحرب، الأمر الذي يشير إلى أن أبوظبي كانت تهيئ أحمد علي ليكون نائباً لهادي بصلاحيات واسعة بالتزامن مع احتلال ميناء الحديدة كورقة ضغط تستطيع من خلالها أبوظبي وواشنطن الضغط على صنعاء للقبول بوضع احمد علي الجديد.
وحسب المعلومات فقد كانت رغبة الإمارات تتمثل فيما يلي: “تصعيد أحمد علي إلى الواجهة ليقود حرب التحالف ضد قوات صنعاء، بالتزامن مع تمكين طارق صالح من قيادة جميع القوات والمليشيات المسلحة التي تقاتل في الساحل الغربي وجعلها تابعة للإمارات”.
وللأسف، رغم علم القيادات المؤتمرية الموالية للإمارات بأن الولايات المتحدة هي من تتصدر مشهد الهجوم العسكري على الساحل الغربي لليمن، إلا أنها قبلت على نفسها أن تكون أداة طيعة بيد الأمريكان لتمكينهم من السيطرة الساحل الغربي لليمن، فكلاً من (أحمد علي صالح، وطارق محمد صالح، ومحمد ناجي الشايف) وقيادات أخرى أبرز من عملوا لتمكين القوات الأمريكية من احتلال الساحل الغربي اليمني.
في نهاية الأمر تغلب الحوثي على الجميع
لقد استطاعت قوات صنعاء التغلب على الحشود الاستخبارية من كل من السعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة، كما استطاعت أيضاً التغلب على العمليات العسكرية للتحالف، ورغم قلة الإمكانات العسكرية، كانت الإرادة والروح القتالية لقوات صنعاء المشكلة معظمها من السهل التهامي لليمن، أكبر من كل الجهود والمؤامرات التي حيكت ضد اليمن لإسقاط الساحل الغربي.