قرار مجلس الأمن: خيبة أمل تصيب مؤتمريي 2ديسمبر وروسيا والصين توجهان صفعة للغرب.. لا دليل على علاقة سلاح الحوثي بإيران
-
صنعاء – نيويورك – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
أقر مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء قراراً بشأن اليمن جدد فيه فرض العقوبات على الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح ونجله أحمد علي وزعيم أنصار الله في اليمن عبدالملك الحوثي وقياديين آخرين في الجماعة.
وتشمل العقوبات حظر السفر وحجز الأموال التابعة للأشخاص المفروضة عليهم العقوبات، بالإضافة إلى استمرار وقف تصدير السلاح إلى اليمن.
ويعد أحمد علي عبدالله صالح سفير اليمن لدى الإمارات هو المتضرر الوحيد من القرار الأممي الجديد (2511) لكونه الوحيد الذي يملك أرصدة وشركات دولية في أكثر من بلد أبرزها استثمارات كبيرة جداً داخل الإمارات.
ولم يتضمن قرار مجلس الأمن أي ذكر أو اتهام أو تلميح لإيران بأنها تدعم جماعة أنصار الله في اليمن بالسلاح، وكشفت وكالة “فرانس برس” إن مناقشات القرار استمرت لمدة أسبوع، حيث صاغت القرار بريطانيا واعترضت على صياغته الأولية روسيا التي هددت باستخدام الفيتو لوقف القرار في حال ورد أي اتهام لإيران بأنها تدعم الحوثيين بالسلاح أو حتى التلميح فقط، وعلى الرغم من أن بريطانيا اضطرت في نهاية الأمر إلى تعديل صيغة القرار وفقاً للرغبة الروسية إلا أن الأخيرة ومعها الصين قررت الامتناع عن التصويت في اللحظات الأخيرة، الأمر الذي مثل ضربة لكل من لندن وواشنطن اللتين حاولتا جاهدتين إقحام إيران ضمن القرار.
وتضيف الوكالة الفرنسية أن بريطانيا كانت قد ضمنت القرار بأن أسلحة صنعاء تشبه في بعض مواصفات أجزاءها الأسلحة الإيرانية، وهو ما اعترضت عليه روسيا بقوة بسبب عدم وجود أي دليل يثبت حقيقة هذا الطرح، مشيرة إن كلاً من فرنسا وبلجيكا توسطتا لدى لندن لإلغاء أي إشارة في القرار إلى إيران أو حتى مجرد التلميح مقابل عدم استخدام روسيا حق النقض “الفيتو” ضد القرار.
ردود الأفعال على قرار مجلس الأمن بشأن اليمن
بدورها وصفت قيادة السلطة السياسية في صنعاء التقرير الذي سبق القرار الدولي بأنه مشحون بالأكاذيب، حيث قال نائب وزير خارجية حكومة صنعاء حسين العزي إن التقرير “لم يحمل جديداً وجاء ككل التقارير السابقة تفتقر للبحث والتحقيق الموضوعي”، مضيفاً في تغريدة على حسابه بتويتر، “خبراء مجلس الأمن” استندوا في تقريرهم على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام “الخصوم” ومطابخ “الشائعات”.
أما حكومة الشرعية في الرياض فقد سارعت إلى إصدار بيان رحبت فيه بالقرار الذي أبقى على اليمن تحت البند السابع والعقوبات الدولية.
وكان اللافت في بيان حكومة هادي بشأن تقرير فريق الخبراء الأمميين المعنيين بمراقبة اليمن هو أن البيان تضمن “التشديد على أهمية وصول فريق الخبراء إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين لممارسة مهامه المنوطة به حسب قرار مجلس الأمن الذي تم اعتماده”، علماً أن فريق الخبراء الأمميين المعني بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب الإنسانية ضد المدنيين في اليمن، اتهم في آخر تقرير سنوي له التحالف السعودي الإماراتي بمنعه من الدخول إلى الأراضي اليمنية للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية ارتكبها أي طرف من أطراف الصراع في اليمن، كما كشف التقرير إن الجهة الوحيدة التي تجاوبت مع فريق الخبراء الأمميين ووافقت على أن يحضر الفريق للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها هي سلطات الأمر الواقع في صنعاء.
خيبة أمل تصيب مؤتمريي 2 ديسمبر
أكثر من صُدموا بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن هم المؤتمريون الموالون للإمارات، وتحديداً تيار 2 ديسمبر، الذين أصابتهم خيبة أمل وحالة هستيريا انعكست على منشوراتهم وتغريداتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ رصد “المساء برس” تغريدة يبدو أنها خرجت من مطابخ الذباب الإلكتروني المؤتمري الموالي للإمارات، حسب ما يصف أحد الناشطين، حيث نشرت معظم الحسابات الوهمية وغير الوهمية على تويتر “كنا ننتظر من مجلس الأمن يصدر قرار بمنع سفر الحوثي#محمدفليته ويفرض عقوبات علي عبدالملك الحوثي.. طلعت لنا #شرعية_ابتسام بقرار منع الشهيد علي عبدالله صالح من السفر وتجديدالعقوبات علي احمد علي عبدالله صالح !! شفتوا ارذل من كذا شرعية يانااااااس. …”.
ومما زاد من خيبة أمل مؤتمريي أبوظبي هو الترويج منذ العام الماضي لأخبار ومعلومات تزعم اعتزام المجتمع الدولي رفع العقوبات على السفير أحمد علي، وعلى الرغم من أن ما كانت تنشره وسائل إعلام هذا التيار لم يكن يستند إلى أي مصادر دولية موثوقة إلا أن هذه الأخبار لقيت صدى في صفوف ناشطي ومؤيدي أبوظبي من المؤتمريين.
مغردون موالون للشرعية من تيار الإصلاح ردوا على تغريدات ناشطي مؤتمر الإمارات، حيث رد حساب “د/ ريما عبدالله” بتغريدة قالت فيها الناشطة إن حملة الدعوة إلى توحيد الصف، وهي حملة أطلقها ناشطون إصلاحيون بالتزامن مع التصعيد الأخير بين الإصلاح والانتقالي جنوب اليمن وأيضاً تصاعد التوتر في المهرة شرق البلاد وكذا اقتراب قوات صنعاء من مركز محافظة الجوف شمال شرق اليمن، تزامنت هذه الدعوة مع قرار مجلس الأمن الذي جدد فرض العقوبات على أحمد علي وهو ما قلب تغريدات ومنشورات ناشطي المؤتمر الموالين لأبوظبي من تغريدات كانت تتجاوب مع دعوات ناشطي الإصلاح لتوحيد الصف، إلى تغريدات تضمنت هجوماً كاسحاً ضد الإصلاح والشرعية صاحبها ألفاظ غير لائقة.
وقالت ريما عبدالله في تغريدتها “تزامنت حملة الدعوة إلى توحيد الصف مع قرار مجلس الأمن الذي جدد العقوبات على المعرقلين ومنهم أحمد علي صالح. هنا ثارت ثائرة أتباع أبيه؛لن نعترف بصفكم حتى ترفع العقوبات عن زعيمنا وابن زعيمنا!! وليبتلع الحوثي البلاد بمن عليها منا ومنكم. لا جديد. لطالما قامرنا بوطننا من أجل أشخاص!!”.
الانتقالي الجنوبي يتفاجأ بـ”سراب الانفصال”
المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، حاول منذ أكثر من عام استغلال الدعم الإماراتي له، وابتعث مسؤولين سياسيين في المجلس إلى الخارج للتمهيد ولمحاولة تغيير توجه المجتمع الدولي بشأن القضية الجنوبية والانفصال، وفيما يبدو فإن الانتقالي اعتقد أن ما فعله خلال الفترة الماضية بدعم إماراتي من لقاءات وسفريات إلى دول أوروبية وغربية وكذا لقاءات مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث أن كل ذلك سيؤثر على المجتمع الدولي ويقنع الأمم المتحدة أن تعيد النظر في مسألة “وحدة اليمن”، إلا أنه تفاجأ هو الآخر بقرار مجلس الأمن الذي ركز في مضمونه على سيادة واستقلال وسلامة ووحدة الأراضي اليمنية.
الرد الأولي على قرار مجلس الأمن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي جاء على لسان نائب رئيس المجلس هاني بن بريك الذي غرد على حسابه بتويتر بالتأكيد على أنهم متمسكون “بوحدة الجنوب وسيادته على كل ترابه وحدوده ونيل استقلاله العاجل”.
وأضاف بن بريك مخاطباً أبناء المحافظات الجنوبية “بألا يكترثوا لقرارات مجلس الأمن المشددة على وحدة اليمن”، كما أكد أن “مثل هذه القرارات كانت في صيف 94 ضد فرض الوحدة بالقوة إلا أنه تم فرضها بالقوة وذهبت القرارات”، حسب تعبيره، مختتماً رده بالقول “العالم يعرف قرار الواقع على الأرض”.
ولكون الانتقالي الجنوبي كغيره من فصائل التحالف السعودي الإماراتي المحلية منقسمة فيما بينها، ذهب ممثل المجلس في أوروبا أحمد عمر بن فريد إلى توظيف امتناع روسيا والصين عن التصويت على القرار على أنه أتى بسبب تأكيده على وحدة اليمن وسلامة أراضيه واستقلاله وسيادته، في حين كان الامتناع عن التصويت بسبب محاولات بريطانيا بدفع من واشنطن إقحام إيران وإدراج اسمها ضمن القرار من ناحية واستمرار وصف الوضع في اليمن بأنه انقلاب من ناحية ثانية، وبتهديد روسيا باستخدام الفيتو اضطرت لندن لإلغاء اسم إيران أو حتى التلميح إليها ضمن القرار في حين أبقت على توصيف الوضع في اليمن بوصفه انقلاباً من قبل الحوثيين على الشرعية، وهو ما دفع روسيا إلى الامتناع عن التصويت ولحقتها في ذلك الصين المتحالفة معها ضد القوى الغربية (لندن وواشنطن).
وتمثل استغلال بن فريد لامتناع موسكو وبيجين عن التصويت على القرار، بالزعم أن هذا الامتناع هو مؤشر على أن “ملف اليمن سوف يتم تدويله عاجلًا أم آجلًا على غرار سوريا وليبيا”، وأكد في تغريدة على حسابه بتويتر إن “العرب سيفقدون قدرتهم على التحكم الكامل في مجريات الأمور، وذلك بسبب فقدانهم لرؤية واضحة وحاسمة مع الأسف الشديد”، مضيفاً إن “امتناع روسيا والصين ما هو إلا مؤشر لهذا التحول الدولي الذي سوف تزداد حدته في المستقبل القريب”.