فيما طهران تصعّد من تهديداتها صنعاء تعلن وقف هجماتها ضد السعودية.. دلالة التوقيت
صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
أعلنت القيادة السياسية في صنعاء وقف جميع هجماتها بمختلف الأشكال على كافة الأراضي السعودية وذلك بمناسبة “ذكرى ثورة 21 سبتمبر” حسب ما قال رئيس المجلس السياسي الأعلى والذي يعد بمثابة المجلس الرئاسي، مهدي المشاط.
وألقى المشاط كلمة بثها تلفزيون قناة “اليمن” الرسمية بمناسبة ذكرى 21 سبتمبر وهو اليوم الذي دخل فيه أنصار الله وحلفائهم من القبائل اليمنية العاصمة صنعاء وأطاحوا برموز النظام السابق بقيوا في هرم السلطة بعد ثورة 11 فبراير 2011.
وأعلن المشاط في الكلمة عن مبادرة لوقف الهجوم على السعودية بجميع أشكاله بانتظار أن تقدم الرياض على خطوة مماثلة وقال المشاط في الكلمة التي تلاها “نعلن عن وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف وننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة لهذه المبادرة”.
كما دعا المشاط من وصفهم بـ”جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب”، في إشارة إلى الأطراف الموالية للتحالف السعودي الإماراتي والمنخرطة في الحرب معه ضد اليمن، إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف من الأطراف، كما أعاد المشاط التذكير بأن صنعاء سبق وأعلنت عن تشكيل فريق للمصالحة الوطنية، مؤكداً إن عضوية الانضمام لهذا الفريق “مفتوحة للراغبين من المكونات المخدوعة بالعدوان الأجنبي” أن ينضموا إليها، وقال بأن ذلك يأتي في إطار “حقن الدم اليمني والحرص على ما تبقى من أواصر الإخاء وتغليباً للمصالح الوطنية العليا”.
كما أكد المشاط أثناء مخاطبته للسعودية بأن “استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد بل قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا نريدها أن تحدث مع كوننا على يقين من أن ضررها الأكبر لن يكون علينا وإنما على دول العدوان بالدرجة الأولى وبشكل أساسي ومباشر”.
ويأتي إعلان صنعاء بوقف الهجوم على السعودية في الوقت الذي ذهبت إيران إلى التصعيد من لهجتها وتهديداتها الحربية ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة وعلى رأسهم السعودية، حيث
تشهد المنطقة توتراً هو الأكبر من نوعه منذ عقود.
-
استقلالية قرار صنعاء عن إيران
وفي الوقت الذي ذهب فيه حلفاء واشنطن إلى اتهام صنعاء وقواتها العسكرية وحركة أنصار الله بأنهم يعتبرون ذراعاً لإيران في المنطقة، حيث زاد ذلك بعد العملية العسكرية الكبيرة التي هزت المنطقة والعالم والتي استهدفت فيها القوات اليمنية السبت الماضي مصافي نفط أرامكو شرق السعودية – أكبر مصافي في العالم – وأدت لتوقف أكثر من 5% من إنتاج النفط العالمي وأكثر من نصف إنتاج السعودية، إلا أن إعلان صنعاء بوقف الهجمات على السعودية في هذا التوقيت تحديداً جاء ليثبت استقلالية القرار السياسي في صنعاء كلياً عن السياسة الإيرانية ويثبت عدم صحة ما يتحدث به خصوم الحوثيين من أنهم يمثلون ذراعاً لإيران.
ووفقاً لمراقبين فإن الحديث عن أن الحوثيين هم عبارة عن ذراع لإيران لتنفيذ سياستها بالمنطقة، هذا الحديث بعد الذي تم إعلانه اليوم من صنعاء أصبح غير منطقي ويعد أكبر أكذوبة استُخدمت منذ 5 سنوات لتبرير الحرب السعودية الإماراتية وبمشاركة فعالة أمريكية وبريطانية على اليمن.
وحسب المراقبين أيضاً فإن الحوثيين في اليمن لو كانوا فعلاً يمثلون ذراعاً إيرانية في المنطقة وينفذون سياستها ويسيرون بتوجيهاتها كما يزعم خصومهم لما أعلنوا اليوم وقف هجماتهم على السعودية بأي شكل من أشكال الهجوم في الوقت الذي تستعد فيه إيران لمواجهة عسكرية وتوجه بنادقها وصواريخها صوب المراكز الحساسة والقواعد العسكرية لخصومها المحتملين في المنطقة.
وإذا كانت صنعاء ومن يحكمها اليوم “أنصار الله وحلفائهم” أداة إيرانية فإن من المفترض والطبيعي هو أن يصعدوا من لهجة تهديداتهم أيضاً ضد السعودية، لا أن يقدموا على خطوة مناقضة تماماً لما أقدمت عليه إيران في التوقيت ذاته وفي نفس اليوم.
التصعيد الإيران والتهديدات العالية تمثلت بإعلانها تهديداً عسكرياً على لسان أبرز قادتها العسكريين بأن ردها على أي اعتداء تتعرض له لن يكون في محيطها فقط – أي الخليج العربي -، وإنما سيصل هذا الرد إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، وهو التهديد الذي يأتي بعد يوم واحد من تهديد آخر صريح وواضح بأن إيران ستضرب جميع القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة وأن ردها لن يطال منفذي الاعتداء فقط وإنما من يقدمون الدعم لهم بأي شكل من الأشكال، في إشارة واضحة وصريحة إلى السعودية والإمارات والبحرين.
-
رسالة أخرى
وفي الوقت الذي ذهب فيه بعض الناشطين المؤيدين للتحالف السعودي إلى اعتبار إعلان صنعاء بأنه مؤشر ضعف، إلا أن المحللون السياسيون في اليمن وفي المنطقة قرأوا إعلان صنعاء بأنه وإلى جانب إثباته عدم تبعية صنعاء لإيران بالمطلق، إلا أنه أيضاً حمل رسالة قوية لدول الإقليم والمجتمع الدولي بالكامل بأن القيادة السياسية في صنعاء بكل مكوناتها وعلى رأسها أنصار الله “الحوثيين” هم الطرف الأقوى على الإطلاق من جميع خصومهم المحليين والخارجيين الذين يعيشون حالة صراع وتفكك وارتباك، فإعلان قيادة صنعاء وقف الهجمات على السعودية يأتي بعد أيام قليلة فقط من تنفيذها ضربة واحدة أوقفت أكثر من نصف إنتاج السعودية من النفط الخام والغاز في عملية عسكرية هزت العالم بأسره، ونُفذت بدرجة عالية من القدرة والكفاءة في المجالين التسليحي والاستخباري، وفقاً لتحليلات كبرى الصحف الغربية.