الحديدة.. هل تصبح “عدن الثانية” لو سيطر التحالف عليها؟
المساء برس – تقرير خاص| يتزايد الحديث عن عملية عسكرية تستهدف السيطرة على الساحل الغربي الممتد على مدينة الحديدة غرب اليمن، من قبل قوات التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن وبمشاركة عسكرية إماراتية مباشرة، ويتزايد مع هذا التصعيد الإعلامي، الخوف والهلع من قبل سكان مدينة الحديدة بمختلف مديرياتها ذات الكثافة السكانية من الواقع المرير الذي ستعيشه المحافظة الساحلية فيما لو سيطر عليها التحالف.
وبالنظر إلى حال المواطنين المدنيين في مديرية الخوخة وهي آخر مديرية جنوب محافظة الحديدة، وما آلت إليه أوضاعهم هناك بعد أن سيطر عليها التحالف، يتزايد يقين بقية أبناء الساحل الغربي بالكامل بأن الحديدة لو سقطت بيد التحالف ومليشياته المسلحة لن تكون بأفضل حال مما تعيشه اليوم مديرية الخوخة التي وقعت فيها جريمة اغتصاب بحق امرأة يمنية من قبل أحد الجنود السودانيين المقاتلين في الساحل الغربي ضمن قوات التحالف، كما أن حال المدينة لن يكون بأفضل مما هي عليه مدينة عدن أولى المحافظات اليمنية التي تمت السيطرة عليها من قبل التحالف والتي توقف القتال فيها بين قوات صنعاء والحوثيين وقوات التحالف في أغسطس 2015، إلا أن المدينة ومنذ ذلك الحين لا زالت تعيش أوضاعاً مأساوية سواء من الناحية الأمنية أو من الناحية الاجتماعية فعلى الرغم من أن المحافظة باتت في قبضة ما تسمى “الحكومة الشرعية” الموالية للتحالف إلا أن المئات من أبنائها اضطروا لمغادرتها والنزوح للمحافظات الجنوبية الأخرى أو إلى مناطق سيطرة قوات حكومة صنعاء، هرباً من الانفلات الأمني غير المسبوق الذي عاشته ولا زالت تعيشه عدن وسكانها، فهل تلتحق الحديدة بركب المحافظات الخاضعة لسيطرة قوات التحالف؟.
في عدن، وعلى سبيل المثال، ظهرت عصابة جديدة هذه المرة ليست عصابة لتنفيذ عمليات السلب والنهب ولا عصابة اغتيالات تعمل لصالح التحالف، ولا عصابة من الشباب تختطف الفتيات وتغتصبهن، ولا عصابة للترويج في أوساط الشباب للحشيش وتعاطي المخدرات التي باتت منتشرة وبمتناول حتى المراهقين الصبية، بل إنها هذه المرة عصابة لاختطاف الأطفال والشباب والفتيات وقتلهم ثم تقطيعهم وانتزاع أحشائهم كأعضاء بشرية يتم بيعها وهو ما يعرف بـ”تجارة الأعضاء البشرية”، وهي تجارة تنتشر بشكل كبير في الدول الإفريقية الفقيرة والتي تعيش حالة صراع مستمر واقتتال دائم مدعوم بالسلاح والمال من قبل دول مستفيدة من استمرار هذا الصراع.
وكانت مدينة عدن هي أكثر المحافظات التي شهدت حوادث اغتيال سياسي طالت العشرات من أئمة وخطباء المساجد وقيادات عسكرية وأمنية رغم أنها كانت موالية للتحالف، وهنا يجدر التساؤل: ما الذي ينتظر أئمة وخطباء وعلماء الحديدة وماذا سيحل بمصير مدينة زبيد وعلمائها وهي مدينة العلم والعلماء وهل سيكون مصيرهم كمصير أئمة الصوفية الذين تعرض أحدهم للاغتيال قبل فترة في مدينة تريم بمحافظة حضرموت.
في عدن والمحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف لا وجود للدولة، والإعلام التابع لحزب الإصلاح يرجئ أسباب الانفلات الأمني في المحافظات الجنوبية، “المحررة” حد تعبير الموالين للتحالف، إلى منع التحالف للحكومة “الشرعية” وعدم السماح لها بالعودة إلى عدن وعدم تمكينها من ممارسة مهامها، وهو ما خلق حالة من السخط الشعبي ضد “الشرعية” وتمني المواطنين أن تعود سلطة صنعاء لتحكم أفضل لهم من أن يظلوا تحت رحمة قوات التحالف التي لم تأتِ منها سوى الخراب والدمار وعدم الاستقرار وانتشار العصابات والانفلات الأمني.
حزب الإصلاح وإعلامه يقول بأن الوضع في المحافظات الجنوبية سيئ لأن التحالف لم يسمح للحكومة بالعودة وممارسة مهامها، ولكن هل التحالف يسيطر على كل المناطق الخارجة عن سلطة صنعاء؟ فها هي مدينة تعز تسيطر عليها حكومة هادي والإصلاح منذ العام 2016 ورغم ذلك لا يكاد يمر يوم إلا وتحدث في المدينة إما حادثة اغتيال أو قتل أو عملية نهب لأحد المحلات التجارية أو سطو مسلح لنهب شركة صرافة أو فرع لأي بنك ولا توجد دولة ولا سلطة والعصابات المسلحة متواجدة في كل مكان وتتقاسم السيطرة على شوارع وأحياء المدينة وأسواقها وكل عصابة لها اسمها ولها نفوذها الخاص بالإضافة لانتشار عناصر تنظيم القاعدة وداعش والمتطرفين وكل هذه الجماعات تسمي نفسها “مقاومة” وتتقاتل فيما بينها ويذهب المدنيون ضحايا هذا الاقتتال وآخرهم قتل يوم أمس في جولة ديلوكس بشارع جمال.
وعلى الصعيد الإنساني، وللكارثة التي يتوقعها أبناء الحديدة فيما لو قرر التحالف السيطرة عليها والذي يستخدم سياسة الأرض المحروقة، فقد شهدت الأيام الأخيرة حالات نزوح كبيرة جداً، وقالت منظمة العفو الدولية إن عشرات الآلاف من اليمنيين يفرون من الحديدة مع احتدام القتال على خطوط الجبهة بالقرب منها.
وحذرت المنظمة مما هو أسوأ إذا وصلت الحرب إلى المناطق الحضرية في مدينة الحديدة الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تقدر عدد النازحين على طول الساحل الغربي لليمن في الشهور الأخيرة بنحو مئة ألف، معظمهم من الحديدة.
وقالت منظمة العفو الدولية إن الأثر الذي تركته هذه الحملة العسكرية الجديدة على المناطق الساحلية بغرب اليمن واضح من خلال القصص المؤلمة التي يتداولها المدنيون الذين شردتهم قوات التحالف بعد سيطرتها على مناطقهم بالقوة العسكرية.