تعز الحالمة.. المدنيون يهربون من مليشيا الشرعية إلى دولة الانقلابيين
المساء برس: تقرير خاص| في ظل سيطرة دول التحالف الذي تقوده السعودية على مناطق واسعة بمدينة تعز منذ بداية الحرب على اليمن في مارس 2015 تشهد المدينة صراعات دموية بين فصائل مسلحة تابع له بالإضافة إلى الإغتيالات والإختطافات من قبل مجهولين ما بين الحين والآخر.
وتصاعدت الصراعات بين الفصائل المسلحة التي تقاتل مع قوات التحالف ضد حكومة الإنقاذ خلال الأيام الماضية حيث علم “المساء برس” من مصادر مؤكدة أن الأيام الماضية شهدت اشتباكات عنيفة في الجبهة الشرقية والمدينة القديمة إثر تنفيذ محافظ تعز أمين محمود ومسلحين من حزب الإصلاح حملة أمنية بهدف السيطرة على جميع المقرات الحكومية التي تسيطر عليها جماعة أبو العباس الموالية للإمارات.
“مربع الموت” مناطق سيطرة أبو العباس وداعش
نفذ أمين محمود محافظ محافظة تعز حملة أمنية بمشاركة مسلحين من حزب الإصلاح لاستلام المقرات في المناطق التي تخضع لسيطرة جماعة أبو العباس وتنظيمات إرهابية تنتمي لداعش إلا أن الطرف الأخير رفض تسليم المقرات الخاضعة لسيطرته الأمر الذي أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة حتى الآن وسقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
وتسيطر جماعة أبو العباس على مبنى السياسي وهي منطقة تماس فاصلة بين أحياء المدينة القديمة والأحياء الأخرى التي تخضع لسيطرة مسلحي الإصلاح.
كما تسيطر الجماعة على حي السواني والمدينة القديمة (الباب الكبير وباب موسى) ووادي المدام والجمهوري وسوق الصميل وحسب مواطنين فإن هذا المربع يسمى مربع الموت وهو مربع خارج عن سيطرة أي قوات حكومية رسمية وأي مسلحين للإصلاح.
وقد امتدت الاشتباكات بين مليشيات حزب الإصلاح ومليشيات أبو العباس من سوق الصميل مروراً بحديقة “جاردن سيتي” وصولا إلى ما بعد ميدان الشهداء، ومن نقطة 26 في اللجينات إلى شارع المصلى امتداد الى شارع العواضي حتى العقبة والحوض إلى حي صينة غرب المدينة.
ويوم أمس تمكنت مليشيا الإصلاح من السيطرة على إدارة الأمن والمتحف وكلية الاادب وحديقة جاردن سيتي والبنك المركزي والشرطة العسكرية وقيادة المحور وملعب الشهداء وذلك بعد دفعها بأعداد كبيرة من المسلحين من بينهم مجموعات متهمة بتنفيذ عمليات قتل متعمد وهاربة من وجه العدالة، من أجل السيطرة على مناطق خاضعة لجماعة أبو العباس.
مناطق سيطرة الإصلاح “سلب نهب قتل”
تتنوع مظاهر الانفلات الأمني في المدينة، بين عمليات الاغتيالات والإختطافات في الأماكن العامة وكذا السطو على ممتلكات عامة وخاصة، وآخر هذه الأحداث قيام مسلحين للإصلاح باختطاف نائب مدير قسم شرطة 26 سبتمبر وأحد رفاقه يوم أمس وأيضا اقتاحم منزل تاجر ما أدى مقتل التاجر وإصابة آخرين اليوم الخميس.
وحسب مصدر مطلع تحدث لـ”المساء برس” فإن مسلحين مجهولين هاجموا ظهر يوم أمس نائب مدير قسم شرطة 26 سبتمبر فهمي الجرادي ثم قاموا باعتقاله في شارع جمال وسط مدينة تعز.
واليوم أكد المصدر أن مسلحين مجهولين قاموا باستهداف منزل تاجر عقب منعه من إفراغ شاحنة تحمل بضائع تابعة له إلا مقابل مبالغ مالية، وأفاد المصدر المطلع إن المسلحين اقتحموا منزل التاجر مروان حميد الحاج في منطقة وادي القاضي، وهي إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الإصلاح، موضحاً إن المسلحين اعتدوا على منزل التاجر، وأطلقوا عليه النار، مما اضطر الاخير الى الدفاع عن نفسه وفي تلك اللحظة تطور الأمر الى مهاجمة المسلحين لمنزل التاجر بقذائف الهاون، مما ادى الى مقتله وإصابة شقيقه ووالدتهما. كما اسفر الاعتداء عن اصابة عدد من المارة بينهم طفل، وتضرر المنزل جراء الهجوم.
مناطق سيطرة الحوثيين بتعز هي الملاذ الآمن للمدنيين الهاربين
وفي ظل الأوضاع الأمنية المنفلتة التي تعيشها مناطق سيطرة الفصائل المسلحة الموالية للتحالف سواء التابعة للإصلاح أو التابعة لأبو العباس، تبقى مناطق سيطرة قوات حكومة الإنقاذ الموالية لجماعة أنصار الله “الحوثيين” داخل تعز هي الملاذ الآمن للهاربين من قناصة الإصلاح وأبو العباس وقذائف الكاتيوشا والهاون التي تتساقط فوق رؤوس الساكنين المدنيين، وأفاد مصدر في منطقة الحوبان مدخل مدينة تعز أن المنطقة شهدت توافد المئات من المواطنين الهاربين من المدينة المشتعلة، مشيراً إلى أن الحالة الأمنية المستقرة التي عاشتها الحوبان منذ بداية الحرب في 2015 شكلّت ملاذاً آمناً للمدنيين الهاربين من عصابات الإصلاح وأبو العباس الموالية للتحالف التي تتقاسم السيطرة على أحياء المدينة، ومنطقة الحوبان هي إحدى المناطق القريبة من وسط مدينة تعز ولا تزال تحت سيطرة قوات حكومة الإنقاذ وجماعة أنصار الله.
كما أكد مصدر في العاصمة صنعاء أن عدداً من أبناء محافظة تعز قدموا إلى العاصمة مع عوائلهم هرباً من الحرب الدائرة بين فصائل التحالف المسلحة التي تتقاتل بين المدنيين وتسببت بمقتل وجرح العشرات من أبناء المدينة بينهم أطفال ونساء، مشيراً أن العديد من أبناء تعز المقيمين في العاصمة صنعاء استقبلوا أقاربهم الهاربين من مناطق سيطرة فصائل التحالف بتعز بينما لا تزال المئات من الأسر محاصرة داخل بيوتها في المدينة ولا تستطيع الهروب تحت الرصاص والقذائف المتبادل بين الإصلاح وأبو العباس.
الإصلاح يحشد كل قوته
وأكد أحد الناشطين الإعلاميين في تعز إن الإصلاح حشد كل طاقاته لتحقيق تقدم في مدينة تعز والسيطرة على مناطق سيطرة مليشيا أبو العباس، وقال الناشط صلاح الجندي في منشور على صفحته بالفيس بوك إن الإصلاح حشد مقاتلين من كافة المناطق التي يسيطر عليها من بينهم عناصر متهمة بعمليات قتل متعمد والهاربين من وجه العدالة.
وقال الجندي إنه وبالإضافة إلى ذلك “يستخدم الإصلاح ألوية الجيش كشماعة ولم يحترم قرار المحافظ وتوجيهاته ولا لجنة مراقبة وقف إطلاق النار”، مشيراً أن الإصلاح ورغم ما حشده من مسلحيه لم يستطع أن ينتصر على “كتائب أبو العباس” وأن الأخير لن يستطيع الانتصار على الإصلاح، لافتاً أن “الرعب الذي خلفته الاشتباكات على المدنين من أطفال ونساء والضحايا التي سقطت من المدنيين جديرة ان تلعنهم جميعاً”، إذا لم يتوقف الطرفان عن القتال وتغليب مصلحة تعز.
تعز التي كانت حالمة
المناطق التي يسميها التحالف بأنها خاضعة “لسيطرة الانقلابيين” باتت هي المناطق الآمنة والملاذ الآمن للمئات من المدنيين الهاربين من وسط مدينة تعز، والمناطق التي يصفها التحالف بأنه قد تم تحريرها من “المليشيات الانقلابية” باتت اليوم تسرح وتمرح فيها العصابات المسلحة من جميع الفصائل الموالية للإصلاح وأبو العباس الحليفة للإمارات، وباتت مناطق حكومة الحوثيين هي المناطق التي تفرض فيها الدولة هيبتها وسيطرتها على جميع المقرات الحكومية بينما تحولت المناطق “المحررة” من قبل مسلحي التحالف، تسيطر عليها المليشيات المسلحة والعصابات المتعددة بمسميات مختلفة تارة باسم الشرعية وتارة باسم المقاومة.
الحالمة نادمة لتسليم مدينتها للتحالف
مطلع الحرب التي شنها التحالف على اليمن نصح المحافظ الأسبق لتعز أحمد شوقي هائل أبناء تعز تجنيب مدينتهم الحرب والدمار، في الوقت الذي كان فيه الإصلاح يحرض أبناء المدينة للخروج ضد أنصار الله واللجان الشعبية التابعة للجنة الثورية العليا، غير أن الإصلاح وظف وسائل إعلامه حينها لمهاجمة المحافظ شوقي ووصفه بالمتواطئ مع “المجوس والروافض”، وبفعل التأثير الإعلامي انقاد أبناء تعز خلف الشيخ حمود المخلافي لقتال الحوثيين.
اليوم يدير المخلافي في تركيا مشاريعه الاستثمارية، بينما مدينة تعز تنزف الدماء اليومية، ليس بنيران الحوثيين بل بنيران المسلحين الذين وقفوا مع التحالف فيما بينهم، فيما لسان حال الهاربين من نيران أبناء جلدتهم بتعز والتي تطال أطفالهم ونساءهم يقول “لم يعد لنا مكان في هذه المدينة المنكوبة سنتركها للاصلاح والامارات والسعودية وابو العباس”، هكذا قال أحد النازحين بعد وصوله منطقة الحوبان التي تديرها سلطة الدولة الرسمية الموالية للحوثيين.