من هم أنصار الله؟ ماذا يريدون؟ ماهي أهدافهم ورؤاهم؟.. الحلقة (6)
المساء برس – أصداء – السُعار الهستيري المجنون ضد انصار الله؛ من هي أطرافه وما هي أهدافه؟ الحلقة الثالثة – عبدالله سلام الحكيمي|
* من هم أنصار الله؟ ماذا يريدون؟ ماهي أهدافهم ورؤاهم؟
في هذه الحلقة الثالثة وهي الأخيرة، وعلى ضوء الحلقات الماضية، سنتناول فيها ومن خلالها رؤية سريعة حول أنصار الله من هم؟ خلفية نشأتهم؟ ما هي أهدافهم وأساليب عملهم؟ وما هو مستقبلهم؟.
والواقع أن أنصار الله، أو الحوثيين، كما أطلق عليهم في بداية ظهورهم، قد تكوّنوا داخل رحم المعاناة والشدائد، ورضعوا من أثداء الشعور بالاضطهاد بمحاولات سلطات الحكم المتعاقبة على حكم اليمن (الشمالي) والقوى والجماعات الدينية المذهبية والسياسية لعقود طويلة الدؤوبة والمتواصلة لاجتثاث الهوية المذهبية والفكرية التي ينتمون لها، والإقصاء العنصري للناشطين والرموز المؤثرة من المنتمين إلى الهاشميين! وقوّت عودهم وصلبت قواعد بنيانهم، وجذرت روابطهم الاجتماعية والسياسية والشعبية، الاستهدافات والحروب التي تعرضوا لها من السلطات الحاكمة والأحزاب والقوى والجماعات سواء منها ذات التوجهات الدينية المذهبية والسلفية التي تكن لهم عداءً مريراً، أو تلك التي تتأسس على نزعات عنصرية طائفية او مناطقية!.
وعلى فضاعة الحروب التي دكت مساكنهم وقراهم وسفكت دماءهم وازهقت أرواحهم مع كثير من المواطنين الأبرياء وخاصة في محافظة صعده وما حولها وجاورها؛ لكنها لم تزدهم إلا صلابة وقوة وانتشار، وكلما انتهت جولة من جولات تلك الحروب عليهم وقيل إنه تم القضاء عليهم قضاءً مبرماً واحتفلت السلطات الحاكمة، وأشياعها، بالنصر بإشعال مشاعل النار في قمم الجبال وفي مختلف مناطق البلاد، فجّرت السلطات حرباً تالية أخرى لتبيّن أنهم أصبوا أكثر قوة وبأساً وعدداً وعدةً عن ما قبلها وهكذا دواليك، وتلك ميزة جوهرية لا تملكها ولا تتميز بها سوى الحركات الثورية الأصيلة والمتجذرة عميقاً في واقع بيئتها الوطنية تاريخياً وتحركها ضمن سياج صلب من حاضنة شعبية واسعة تحميها وترفدها بعوامل الصمود والاستمرارية وتكفل لها شروط انتصارها التاريخي بالشعب وللشعب!.
إن حركة مرت بمثل ما مر به أنصار الله لا يمكن أن تهيأت لها ظروف التمكن في الأرض أن تمارس في حق الآخرين، المختلفين معها فكرياً أو سياسياً، ذات الممارسات التي شربت هي من كؤوسها المرة وعذاباتها القاسية، بل عادة ما تكون شديدة المقت والكراهية لها نفسياً وسلوكياً ومن كره شيئاً لا يمارسه.
والحقيقة أن حركة أنصار الله من خلال مسارها التاريخي تعد قوة جديدة فتية شابة، استطاعت، بالإضافة إلى تجاوز تحديات النشأة ومحاولات الاجتثاث والإقصاء بل والإبادة، أن تزيح مراكز القوى والنفوذ الإقطاعي المشائخي المتحالف مع قوى الفساد والهيمنة الأسرية التي لطالما مثلت عائقاً وتناقضاً رئيسياً أمام طموحات شعبنا الوطنية المشروعة (بناء الدولة الوطنية الحديثة، دولة الحق والعدل والمساواة، دولة النظام والقانون والمؤسسات الدستورية والمشاركة الشعبية المباشرة والجادة غير المفرغة من المحتوى والمضمون) ولقد ظلت مراكز القوى والنفوذ الأخطبوطي تلك، عصية على كل المحاولات الوطنية لإزاحتها منذ ما بعد ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢، بل وصل بها الحال إلى امتلاك القدرة على إسقاط حكّام وصناعة حكّام آخرين وفقاً لاهوائها وخدمة لمصالحها اللامشروعة.
ويسجل لحركة أنصار الله، تاريخياً، أنها بإزاحتها لمراكز قوى الفساد والنفوذ، تلك المعيقة لحركة التطور الوطني التاريخي، إنما انتصرت ولأول مرة لأهم أهداف ثورة ٢٦ سبتمر بإزاحة تحالف الإقطاع المشايخي والفساد المستقوي بهيمنته على سلطة الحكم والقرار، وفسح المجال لتحقيق هدف العدالة الاجتماعية وإزالة الفوارق بين الطبقات عبر الرؤية الفكرية المستنبطة من تعاليم الدين الإسلامي بجوهره القرآني النقي من الشوائب الدخيلة عليه بتراكم الزمان، وهي الرؤية التي مثلت، في المراحل الأولى من التاريخ الإسلامي، في اعتقادي، ما يمكن أن نطلق عليها بلغة معاصرة (اليسار الاجتماعي الإسلامي).
ويبدو أن الحديث هنا قد طال مما يوجب علي التوقف بأمل مواصلة حديث هذه الحلقة في جزء ثان لها، فإلى اللقاء، بمشيئة الله تعالى، غداً.