هل يشكّل إعلان الإمارات انسحابها من اليمن بداية مواجهة جديدة مع السعودية؟
خاص _ المساء برس|
أثار إعلان الإمارات سحب ما تبقّى من قواتها العسكرية من اليمن موجة واسعة من التساؤلات والشكوك حول خلفيات القرار وتوقيته، لا سيما أنه جاء بعد ساعات فقط من إعلان رئيس مجلس القيادة الرئاسي الموالي للسعودية رشاد العليمي، ووزارة الخارجية السعودية، منح أبوظبي مهلة 24 ساعة لسحب قواتها من الأراضي اليمنية.
وجاءت هذه المهلة على خلفية اتهامات سعودية للإمارات بدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، التي تمكنت مطلع الشهر الجاري من بسط سيطرتها على محافظتي حضرموت والمهرة، في خطوة اعتبرتها الرياض تحديًا مباشرًا للنفوذ السعودي في شرق وجنوب اليمن، وتهديد مباشر للأمن القومي السعودي .
هذا التطور المتسارع فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مدى جدية الإمارات في الانسحاب الفعلي من المشهد اليمني، وما إذا كان الإعلان خطوة تكتيكية لاحتواء الضغط السعودي، أم بداية لإعادة تموضع تمهّد لصراع من نوع جديد بين الحليفين السابقين داخل التحالف العربي.
وفي بيان رسمي صدر عن وزارة الدفاع الإماراتية اليوم، أكدت أبوظبي أن مشاركتها في اليمن جاءت منذ عام 2015 في إطار التحالف العربي لدعم “الشرعية” اليمنية، والمساهمة في مكافحة “التنظيمات الإرهابية”، وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، مشيرة إلى أن القوات الإماراتية قدّمت “تضحيات جسيمة” خلال تلك المرحلة.
وأوضح البيان أن الإمارات أنهت وجودها العسكري في اليمن منذ عام 2019 بعد استكمال المهام المتفق عليها رسميًا، وأن ما تبقى لاحقًا اقتصر على فرق متخصصة في مكافحة الإرهاب، وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وأضافت وزارة الدفاع أنه، وبالنظر إلى التطورات الأخيرة وما قد تفرضه من تحديات أمنية على مهام تلك الفرق، قررت الإمارات إنهاء ما تبقى من وجودها العسكري في اليمن “بمحض إرادتها”، وبما يضمن سلامة عناصرها، مؤكدة أن القرار جاء بعد “تقييم شامل لمتطلبات المرحلة”، ويتماشى مع التزاماتها الإقليمية ودورها في دعم أمن واستقرار المنطقة.
انسحاب شكلي أم بداية صراع جديد؟:
يرى مراقبون ومحللون سياسيون أن إعلان الإمارات سحب ما تبقى من قواتها، والذي جاء في ظل ضغط سعودي مباشر، لا يعني بالضرورة نهاية المواجهة أو طيّ صفحة الخلاف، بل قد يشكّل بداية لمعركة سياسية وأمنية جديدة بين الرياض وأبوظبي على النفوذ في جنوب اليمن.
وبحسب هؤلاء، فإن الخطوة الإماراتية قد تهدف إلى إخلاء مسؤوليتها الرسمية عن أي تصعيد ميداني محتمل خلال الأيام المقبلة، مع الإبقاء على نفوذها غير المباشر عبر قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويرجّح المراقبون أن توجّه الإمارات هذه القوات إلى التمسك بمواقعها في حضرموت والمهرة، ورفض أي انسحاب أو تنازل، في مواجهة الفصائل والقوى الموالية للسعودية.
كما لا يستبعد محللون استمرار الدعم الإماراتي لقوات الانتقالي بطرق سرية، سواء لوجستيًا أو سياسيًا، في إطار صراع النفوذ مع الرياض، خاصة أن أبوظبي، وفق تقديراتهم، لن تتخلى بسهولة عن مشروعها في جنوب اليمن، بعد سنوات من الاستثمار العسكري والسياسي والخسائر التي تكبّدتها في سبيل ترسيخ حضورها هناك.
وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو أن إعلان الانسحاب الإماراتي، لا يعني انطفاء جذوة التوتر، بل قد يكون مقدّمة لمرحلة جديدة من الصراع الخفي والعلني، ليس فقط داخل اليمن، بل بين أطراف التحالف نفسه، ما ينذر بمزيد من التعقيد في جنوب اليمن خاصة، وفي المنطقة بشكل عام.