صراع الحلفاء يتفجّر في اليمن.. واشنطن ترصد مسارًا تصادميًا بين السعودية والإمارات
تقرير – المساء برس|
كشفت قراءة صادرة عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عن تحوّل جذري وخطير في المشهد اليمني، تجاوز حدوده الداخلية ليضع حليفين رئيسيين للولايات المتحدة، السعودية والإمارات، على مسار تصادمي مباشر، في ظل صراع نفوذ مكشوف جنوب وشرق البلاد.
وبحسب تحليل أعدّته أبريل لونغلي آلي، الزميلة البارزة في معهد واشنطن والمستشارة السياسية الأولى السابقة لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن خلال الفترة (2020–2024)، فإن اليمن شهد هذا الشهر تحولًا “دراماتيكيًا” مع سيطرة قوات انفصالية جنوبية متحالفة مع الإمارات على محافظتي حضرموت والمهرة، اللتين تشكلان قرابة نصف مساحة البلاد، وتتمتعان بأهمية استراتيجية واقتصادية بالغة.
ووفق المعهد، منحت هذه السيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي تفوقًا ميدانيًا غير مسبوق، مكّنه من فرض نفوذه على معظم جغرافيا جنوب اليمن السابق، مقتربًا خطوة إضافية من هدفه المعلن بالانفصال، على حساب ما يسمّى بالحكومة المعترف بها دوليًا، التي وُصفت في التقرير بأنها شريك “غير مريح” داخلها منذ ثلاثة أعوام
تشير لونغلي آلي إلى أن ما يبدو ظاهريًا صراعًا داخليًا، يحمل في جوهره أبعادًا إقليمية عميقة، إذ تنظر السعودية إلى حضرموت، المتاخمة لحدودها الممتدة نحو 425 ميلًا، باعتبارها جزءًا من أمنها القومي، فيما تمثل المهرة الامتداد الجغرافي الحساس لسلطنة عمان.
وطالبت الرياض بانسحاب القوات المدعومة إماراتيًا من المحافظتين، غير أن المجلس الانتقالي الجنوبي رفض الامتثال، ما ينذر، بحسب المعهد، بنسف الهدنة الهشة المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف، ويفتح الباب أمام عودة حرب داخل معسكر التحالف نفسه، غالبًا ما تصبّ نتائجها في مصلحة قوات صنعاء.
ويوضح التقرير أن قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا استولت في الثالث من ديسمبر على منشآت عسكرية ومرافق نفطية ومبانٍ حكومية في وسط وشمال حضرموت، كانت خاضعة لقوات قبلية وعسكرية موالية للسعودية، قبل أن تتوسع بسرعة إلى المهرة وترفع أعلامها على الحدود العمانية.
وتلفت لونغلي آلي إلى أن سرعة الانهيار دفعت مراقبين إلى الاعتقاد بوجود تفاهم سعودي-إماراتي مسبق، غير أن الوقائع اللاحقة نفت ذلك، خصوصًا مع الصمت المريب لرئيس ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي خلال الهجوم، وعدم إصدار أي أوامر بالتصدي، في وقت سلّمت فيه وحدات حكومية معسكراتها دون قتال، وتلاشت قوات “درع الوطن” المدعومة سعوديًا.
لاحقًا، أدان العليمي، وفق التقرير، العملية بشكل متأخر، واصفًا إياها بأنها خطوة أحادية خطِرة تقوّض الحكومة الشرعية.
وتنقل الكاتبة عن صحيفة “الغارديان” أن السعودية لوّحت بشن ضربات جوية على مواقع المجلس الانتقالي، بالتوازي مع إخلاء قواتها المتبقية من عدن، في مؤشر على مسعى لعزل الانتقالي سياسيًا وعسكريًا.
في المقابل، واصل المجلس الانتقالي تحركاته الميدانية، مطلقًا حملة جديدة في محافظة أبين، ومعلنًا أنها تأتي في إطار “مكافحة التهديدات المتطرفة”، بينما أعلنت وزارات وهيئات حكومية في عدن، في 21 ديسمبر، دعمها العلني لتوسع الانتقالي وتطلعاته السياسية.
ويربط معهد واشنطن هذا التصعيد بجملة عوامل، أبرزها التنافس السعودي-الإماراتي المتصاعد في ملفات إقليمية، بينها السودان، إضافة إلى توقعات باستئناف المفاوضات بين السعودية وقوات صنعاء، وسعي المجلس الانتقالي لفرض نفسه كورقة ضغط عبر السيطرة على نفط حضرموت.
كما يشير إلى استغلال المجلس الانتقالي للسياق الأميركي المتعلق بتصنيف فروع من جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية، لتسويق حملته سياسيًا لدى واشنطن وحتى لدى “إسرائيل”، بوصفه حليفًا في مواجهة قوات صنعاء والإصلاح معًا.
وحذّر التقرير من أن استمرار التصعيد قد يقود إلى اقتتال داخل معسكر التحالف، خصوصًا في وادي حضرموت، وهو سيناريو سيمنح قوات صنعاء فرصة استراتيجية لتعزيز مكاسبها في مأرب أو على ساحل البحر الأحمر، في ظل انكشاف قواعد عسكرية جنوبية حساسة”.
وخلصت لونغلي آلي في تقريرها إلى أن حليفي الولايات المتحدة يتجهان نحو مسار تصادمي في اليمن، مؤكدة أن هذه المواجهة، إن انفجرت، ستعيد خلط الأوراق لمصلحة صنعاء، وتكشف مرة أخرى فشل التحالف في إدارة المناطق التي يسيطر عليها، وتحويل اليمن إلى ساحة صراعات متداخلة تخدم مشاريع الهيمنة وتغذّي عدم الاستقرار الإقليمي.