حضرموت بين شدٍ وجذب.. استقطاب القيادات العسكرية يعمق صراع النفوذ السعودي–الإماراتي
تقرير – المساء برس|
تتجه محافظة حضرموت، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى مرحلة أكثر تعقيدًا في مسارها الأمني والعسكري، مع تصاعد مؤشرات الاستقطاب الحاد للقيادات العسكرية، في سياق صراع النفوذ المتفاقم بين السعودية والإمارات، وأدواتهما المحلية، على واحدة من أهم الساحات الاستراتيجية في اليمن.
وفي هذا الإطار، تتحدث مصادر مطلعة عن تكليف اللواء الركن طيار فائز منصور التميمي بقيادة إحدى الفرق القتالية التابعة لقوات “درع الوطن” المدعومة سعوديًا، والمتمركزة في منطقتي العبر والوديعة، على تخوم الصحراء الغربية لحضرموت. ويأتي هذا التكليف ضمن تحركات سعودية متسارعة لإعادة ترتيب المشهد العسكري في المحافظة، بعد التطورات الأخيرة التي شهدت تمدد مليشيات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن السعودية باشرت خلال الأيام الماضية استدعاء عدد من الضباط لتكليفهم بمهام عسكرية وتعيينهم في مناصب قيادية، ضمن تحشيدات يجري الإعداد لها بعناية في المناطق الحدودية، تحت لافتة “إعادة تطبيع الأوضاع الأمنية”، في محاولة واضحة لسحب البساط من تحت أقدام التشكيلات الموالية لأبو ظبي، التي تسعى لفرض أمر واقع بالقوة في حضرموت، كما فعلت في محافظات جنوبية أخرى.
ويحمل اسم اللواء فائز التميمي دلالات خاصة في هذا السياق، كونه أحد الضباط الذين تنقلوا بين محاور النفوذ الإقليمي المتصارعة. فالتميمي، خريج الكلية العسكرية في الاتحاد السوفياتي، سبق أن تولى قيادة المنطقة العسكرية الثانية في ساحل وهضبة حضرموت بين أغسطس 2022 ونوفمبر 2023، كما يُعد أحد مؤسسي قوات “النخبة الحضرمية” التي تشكلت بدعم إماراتي منذ عام 2016، وتولى لاحقًا قيادة لواء شبام–دوعن ولواء الدفاع الساحلي (قارة الفرس).
هذا المسار المتقلب يعكس بوضوح طبيعة الصراع القائم في حضرموت، حيث لا يقتصر التنافس على انتشار القوات أو السيطرة الميدانية، بل يمتد إلى محاولة استمالة القيادات العسكرية وإعادة تدويرها داخل مشاريع متناقضة، تخدم في جوهرها أجندات خارجية، أكثر مما تخدم أمن واستقرار المحافظة.
وبحسب مراقبين فإن تحريك السعودية لورقة “درع الوطن” في هذا التوقيت، وإعادة الدفع بقيادات ذات خلفية إماراتية سابقة، يأتي في إطار سياسة احتواء مزدوجة: كبح تمدد الانتقالي، ومنع انفجار حضرموت من الداخل، دون الذهاب إلى مواجهة مباشرة مع أبو ظبي، وهو ما يفسر اعتماد الرياض على أدوات هجينة، تجمع بين الولاء الجديد والخبرة السابقة ضمن التشكيلات المدعومة إماراتيًا.
في المقابل، تبدو الإمارات ماضية في مساعيها لتحويل حضرموت إلى ساحة استنزاف سياسي وأمني، عبر الدفع بمليشيات الانتقالي، وتوسيع رقعة السيطرة بالقوة، في تجاهل واضح للخصوصية الحضرمية، وللمطالب المحلية الرافضة للإلحاق والتبعية.
وسط هذا المشهد، تبرز حضرموت اليوم كخط تماس مفتوح بين مشروعين متعارضين داخل معسكر التحالف نفسه، فيما يدفع أبناء المحافظة ثمن هذا الصراع، مع تنامي المخاوف من انزلاق الوضع نحو مواجهة داخلية، تدار بأيدٍ محلية، لكن بقرارات خارجية.
وتكشف المستجدات الأخيرة أن ما يجري في حضرموت بات جزءًا من معركة نفوذ إقليمية، تستخدم فيها القيادات العسكرية كأدوات إعادة تموضع، في ظل غياب مشروع وطني جامع، يضع مصلحة اليمن وحضرموت فوق حسابات الرياض وأبو ظبي.