حضرموت المسلوبة.. معارك الوكلاء على أرض بلا سيادة
وما يسطرون – المساء برس.. هاشم الدرة|
تتوالى المشاهد في حضرموت لتعكس جوهر الصراع، ليس على حضرموت لوحدها بل على اليمن بأسره.
فالأرض التي كان يفترض أن تكون منبعا للثروة والاستقرار تحولت إلى ساحة تتنازعها القوى، كل طرف يرفع شعاراته ويخفي خلفها أجندات لا تمت بصلة إلى وجع الناس ولا إلى حاجاتهم اليومية.
ما بدا في الساعات الأخيرة من تحركات سياسية وسفر مفاجئ للخائن رشاد العليمي إلى الرياض، وما تخلل ذلك من بيانات واتهامات متبادلة، لا يظهر في العلن سوى كلماته المنمقة، لكنه في العمق يكشف أن القرار لم يعد محليا، وأن حضرموت، كغيرها من المحافظات اليمنية المحتلة تدار من وراء الحدود، حيث تعقد المشاورات وترسم الخطط بعيدا عن إرادة أبنائها.
أما عن الهدنة التي أعقبت اقتحام قوات الانتقالي الموالية للإمارات والتي أعلن عنها لم تكن سوى إعادة توزيع للأدوار بين قوى تتنازع النفوذ، فبينما يتحدث البعض عن شراكة وطنية ومسؤولية جماعية، يتضح أن ما يجري هو صراع بين أدوات الخارج، وأن الدماء التي سالت في وادي حضرموت ليست إلا نتيجة طبيعية لتلك الحسابات، والبيانات التي صدرت من القوى القبلية، وهي تندد بما وصفته بالهجوم الغادر، تحمل في طياتها اعترافا بأن السلاح والمال يتدفقان من خارج الحدود، وأن قبائل المحافظة يزج بهم في معركة لا تخصهم إلا بقدر ما تنهك أجسادهم وتستنزف مواردهم.
يكشف المشهد في حضرموت اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة التحالف تدفع نحو حالة “الـ لا دولة”، حيث تنهب الجغرافيا وتستباح السيادة، وتدار المحافظات كإقطاعيات موزعة بين القوى الإقليمية والدولية.
وفي هذا المخطط فإن حضرموت، بما لها من موقع وثروة، ليست سوى نموذج صارخ لهذا الواقع، أرض تستخدم كأداة في مشروع أكبر يخدم دول الاحتلال، بينما المواطن البسيط يظل عالقا بين حروب عبثية تقتل آمالهم في الحياة بكرامة، وبيانات رسمية لا تطعم جائعا، وهدنات هشة لا توقف نزيفا، وصراعات لا تخدم سوى من يريدون إبقاء اليمن ضعيفا منقسما، بلا كيان ولا قرار مستقل.