استطلاع أميركي يكشف تصاعد التحريض الحزبي وانقسام داخلي يفاقم هواجس العنف السياسي
واشنطن – المساء برس|
أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة “غالوب” اتساع قناعة الأميركيين بأن الخطاب السياسي في البلاد انزلق نحو مستويات غير مسبوقة من التحريض، وسط انقسام حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول مسؤولية كل طرف عن تصاعد العنف السياسي.
ووفقاً لنتائج الاستطلاع، الذي أُجري بين 1 و16 أكتوبر الماضي، فإن 69% من المشاركين يرون أن الحزب الجمهوري وأنصاره يستخدمون لغة تحريضية مفرطة، بزيادة حادة مقارنة بعام 2011. كما يرى 60% الأمر نفسه بشأن الحزب الديمقراطي، وهو ما يعكس اتساع الشعور العام بأن الطبقة السياسية باتت تُغذّي أجواء التوتر والانقسام.
وارتبطت إعادة طرح هذا السؤال باستحضار أحداث سابقة شهدت إطلاق نار استهدف النائبة الديمقراطية السابقة غابرييل غيفوردز، في حين جاء الاستطلاع الحالي بعد حادث مقتل الناشط الجمهوري تشارلي كيرك خلال نشاط طلابي في يوتاه، وبعد محاولتين لاستهداف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2024، ما زاد من حساسية المزاج السياسي العام.
وبحسب النتائج، فإن أنصار كل حزب يحمّلون الطرف الآخر المسؤولية الأكبر، مع ارتفاع واضح في مستوى الاتهامات المتبادلة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 14 عاماً. فـ94% من الديمقراطيين يرون أن الجمهوريين تجاوزوا الحدود في خطابهم، مقابل 93% من الجمهوريين الذين يرون الأمر ذاته بشأن الديمقراطيين.
أما داخل كل حزب، فلا تزال القناعة بوجود تجاوزات داخلية محدودة؛ إذ قال 36% من الجمهوريين إن حزبهم يستخدم لغة مبالغ فيها، فيما انخفضت هذه النسبة لدى الديمقراطيين إلى 28% مقارنة بـ45% عام 2011. ويبدو أن المستقلين أصبحوا أكثر ميلاً لرؤية الطرفين كمسؤولَين معاً عن التصعيد، مع قفزات ملحوظة في نسبهم.
وفي استطلاع موازٍ عبر الإنترنت، حمَّل 71% من الأميركيين انتشار الآراء المتطرفة على الإنترنت المسؤولية الأكبر عن موجات العنف السياسي الأخيرة. كما رأى 64% أن اللغة التحريضية للسياسيين والمعلقين السياسيين تمثل عاملاً رئيسياً في إشعال التوترات.
وتوزعت بقية عوامل اللوم على إخفاقات نظام الصحة النفسية (52%)، وسهولة الوصول إلى الأسلحة (45%)، بينما جاءت أسباب أخرى مثل تعاطي المخدرات وضعف الأمن والعنف في الإعلام الترفيهي بنسب أقل.
ويتفق الجمهوريون والديمقراطيون والمستقلون على تحميل الإنترنت والتحريض الإعلامي الجزء الأكبر من المسؤولية، لكن التباين يصبح حاداً حول قضية السلاح؛ حيث يعتبرها 74% من الديمقراطيين سبباً رئيسياً للعنف السياسي مقابل 14% فقط من الجمهوريين، في مؤشر جديد على عمق الشرخ القيمي بين المعسكرين.
وإضافة إلى هذه الأسباب، ذكر المستجيبون مصادر أخرى للتصعيد، بينها تحريض مسؤولين منتخبين، والانقسام السياسي، والتحيز الإعلامي، وغياب اللياقة في الخطاب العام.
وتُظهر النتائج أن الولايات المتحدة تتجه نحو مرحلة أكثر اضطراباً، مع توسع دائرة العوامل التي يرى الأميركيون أنها تُغذي العنف السياسي، وتزايد شعورهم بأن النظام السياسي برمّته أصبح أسيراً للغة المواجهة والصراع المفتوح.