واشنطن تعيد تموضعها في المياه اليمنية.. استراتيجية جديدة لمواجهة القوة اليمنية الصاعدة

صنعاء – المساء برس|

تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة رسم استراتيجيتها في المياه اليمنية الممتدة من البحر الأحمر إلى خليج عدن والبحر العربي وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق مقاربة جديدة تختلف عن سياساتها السابقة، وتهدف من خلالها إلى استعادة نفوذها البحري وتعزيز حضورها العسكري في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم.

المقاربة الأميركية الجديدة، بحسب تقارير متقاطعة، تقوم على حزمة من الخطط المتوسطة والبعيدة المدى ترتكز إلى شبكة من التحالفات الإقليمية، وفي مقدمتها التحالف مع السعودية والإمارات، وذلك لمواجهة القوة اليمنية الصاعدة التي باتت تمسك بزمام المبادرة في بعض الممرات الحيوية، وعلى رأسها مضيق باب المندب.

وترى واشنطن أن خسارة المبادرة في المياه اليمنية تمثل انكشافاً خطيراً لنفوذها في الشرق الأوسط، ولذلك تعمل على التعامل مع البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي كسلسلة مترابطة يجب إعادة السيطرة عليها، ليس فقط لاحتواء القدرات اليمنية، بل أيضاً لمواجهة التمدد الصيني والروسي والإيراني في تلك المناطق.

وتدرج الإدارة الأميركية ضمن خططها الجديدة مفهوم “الردع البحري المتعدّد الاتجاهات”، الذي يجمع بين الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية، لمنع خصومها من تحويل تلك الممرات إلى مراكز نفوذ بديلة عن النظام البحري الذي تقوده منذ عقود.

وفي هذا السياق، كشفت صور جوية حديثة عن تسارع بناء قاعدة أميركية جديدة في غربي السعودية تعرف باسم “جينكنز”، تقع على بعد نحو 20 ميلاً من ساحل البحر الأحمر بين ينبع والوجه. ووفق المعلومات، ستستخدم القاعدة كمركز لتخزين الإمدادات والذخائر والمعدات الثقيلة، لتسهيل إعادة الانتشار السريع في البحر الأحمر وخليج عدن، عند اندلاع أزمات في اليمن أو القرن الأفريقي أو شرق المتوسط.

أما الإمارات فتؤدي، وفق مراقبين، دوراً محورياً في تنفيذ المخطط الأميركي، عبر تعزيز وجودها العسكري في الجزر اليمنية الإستراتيجية. إذ أظهرت صور أقمار صناعية نشرتها وكالة “أسوشيتد برس” بناء مهبط طائرات جديد في جزيرة زقر البركانية في البحر الأحمر قبالة الحديدة، يرجح أنه يمنح واشنطن قدرة على المراقبة الجوية فوق البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب.

وتشير تقارير تتبع السفن إلى نشاط مكثّف لسفن إماراتية بين دبي وميناء بربرة في أرض الصومال، حيث تدير “موانئ دبي العالمية” أحد الموانئ هناك، كما أكدت شركة “سيف للشحن والخدمات البحرية” أنها نقلت مواد إسفلتية إلى جزيرة زقر استخدمت في بناء المهبط.

التموضع الإماراتي لا يقتصر على زقر؛ بل يمتد إلى جزر عبد الكوري وسمحة في أرخبيل سقطرى، إضافة إلى مطارات بوساسو وبربرة في بونتلاند وأرض الصومال، وموكا وميون في البحر الأحمر، وهي الأخيرة التي تطل مباشرة على مضيق باب المندب الذي يعبر منه نحو 30% من نفط العالم.

كما أن “إسرائيل” ليست بعيدة عن هذا المخطط، إذ ترتبط بشبكة من القواعد والمدارج والموانئ التي أقيمت لتسهيل النفوذ الإماراتي بالوكالة عن الأميركيين و”الإسرائيليين” في المياه اليمنية والإقليمية. وأشار “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” مؤخراً إلى أن التحالفات الدفاعية الجوية المتعددة الأطراف باتت ركناً أساسياً في المشهد الأمني الإقليمي بعد السابع من أكتوبر، من خلال تبادل أنظمة الرادار والاستخبارات والإنذار المبكر بين الحلفاء.

وبحسب مراقبين، فإن هذه القواعد قد تستخدم مستقبلاً من قبل الولايات المتحدة و”إسرائيل” ضد “محور المقاومة”، سواء عبر استهداف “أسطول الظل الإيراني” الذي يلتف على العقوبات الأميركية، أو لاحقاً الأسطول الروسي إذا تصاعد التوتر بين واشنطن وموسكو.

مصادر مطلعة أكدت أن الاعتداءات الأخيرة على سفن متجهة إلى الموانئ اليمنية، بينها ناقلة غاز تعرضت لهجوم نهاية الأسبوع الماضي، تأتي ضمن مساعٍ “إسرائيلية” لخنق الاقتصاد اليمني. وأشارت المصادر إلى أن صنعاء قد ترد في المستقبل القريب على الدول المشاركة في هذا المخطط، وفي مقدمتها الرياض وأبو ظبي، اللتين وجّهت لهما اتهامات يمنية مباشرة بالتورط في تسهيل العمليات المعادية لليمن، وتحذيرات من مغبة الانخراط في صراع بالوكالة عن المصالح الأميركية و”الإسرائيلية” في المنطقة.

قد يعجبك ايضا