بيان فرنسي ضد الإمارات بشأن اليمن “هل هو ابتزاز مسبق لصفقة سلاح؟”
المساء برس – خاص/ يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة العاصمة الإماراتية أبوظبي اليوم الأربعاء وتمتد ليومين لبحث بعض الملفات المشتركة بين البلدين.
وقال بيان صادر عن “الإليزيه”، وهو قصر الرئاسة في باريس، إنه وعلى الرغم من الشراكة الجيدة والوطيدة بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة، غير أن هناك خلافات بين البلدين من بينها الحرب على اليمن.
وأضاف البيان الذي نشرته مساء أمس وسائل إعلام فرنسية إن “فرنسا والإمارات شريكان وثيقان لكن هناك أحياناً مواضيع لا تحظى باتفاق كامل بين البلدين”، لافتاً أن من بين هذه المواضيع هو الأحداث في اليمن والتي تدعو بشأنها فرنسا، حسب البيان، إلى “حل سياسي لأن فرنسا لا تؤمن بوجود مخرج عسكري لمثل هذا النزاع”.
واستغرب مراقبون إصدار الرئاسة الفرنسية بياناً كهذا، خصوصاً وأن التوجه الفرنسي تجاه ما يحدث في اليمن يعد من الداعمين لدول التحالف ومن بينها الإمارات، ويعد هذا هو أول موقف فرنسي رسمي من هذه الأحداث في عهد الرئيس الجديد “ماكرون” الذي تجاوز حكمه حتى اليوم الـ(6) أشهر.
ولا يُعرف حتى اللحظة ما إذا كان الرئيس ماكرون سيتخذ سياسة براجماتية تجاه الدول الخليجية التي تشن حرباً على اليمن بقيادة السعودية والإمارات، وما إذا كان سيستغل هذه الأحداث لتحقيق مكاسب مالية من خلال عقد صفقات بيع أسلحة فرنسية للإمارات أو السعودية.
ويرى مراقبون أن توقيت إصدار البيان الأخير بشأن الأحداث في اليمن والذي يأتي عشية زيارة الرئيس الفرنسي إلى الإمارات، وكذا التغير في الموقف الفرنسي تجاه الأحداث في اليمن والذي يبدو “من ظاهره” أنه مناهض للتدخل العسكري، يعتبره مراقبون أنه مجرد ورقة ابتزاز فرنسية تسبق المباحثات بين قيادة البلدين في زيارة اليوم في أبوظبي وأن من المحتمل أن ينتج عن هذا الابتزاز والزيارة إبرام صفقة بيع أسلحة فرنسية للإمارات على غرار ما تفعله الولايات المتحدة مع السعودية.
وتعتبر فرنسا ثالث دولة على مستوى العالم في مبيعات الأسلحة الأعلى عالمياً ومن أكثر الدول التي تبيعها فرنسا السلاح دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات، بالإضافة إلى مصر في قارة أفريقيا، ووفقاً لتقارير فرنسية فإن “باريس باعت كميات كبيرة من سلاحها الذي تصنعه لدول التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن من ضمنها طائرات حربية من نوع رافال وزوارق تفتيش بحرية ومدرعات خفيفة تتمتع بإجراء مناورات في الشوارع الضيقة وتستخدم مثل هذه كثيراً في الحرب ضد اليمن، بالإضافة إلى مدافع 155 ملم ودبابات لوكلير التي بيعت كميات كبيرة منها للإمارات وحالياً تستخدم في اليمن”.
وكانت فرنسا قد وقعت عقداً مع المملكة السعودية لبيع أسلحة على حساب الأخيرة للجيش اللبناني، وكشفت إحدى الصحف الأوروبية قبل عدة أشهر أن جزءاً من هذه الصفقة لم يتم وقد طلبت السعودية تحويل كميات الأسلحة التي كان من المفترض أن يتم تزويد الجيش اللبناني بها، تحويلها إلى اليمن.
ونقلت الصحيفة الأوروبية عن مهندسين عسكريين في أحد مصانع الأسلحة الفرنسية أن قائمة من المواصفات وصلتهم تتعلق بالأسلحة الخاصة بالجيش اللبناني، وأنهم وجدوا أن المواصفات التي تم تقديمها بهدف تعديل المواصفات السابقة وجدوا أنها لا تتوافق مع الطبيعة الجغرافية والبيئة اللبنانية وأن مثل تلك المواصفات لا يمكن أن تستخدم إلا في اليمن نظراً لطبيعتها الجغرافية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء أن يكون إجراء باريس بتحويل أسلحة من الجيش اللبناني إلى اليمن بطلب من التحالف، قد يكون محاولة من فرنسا للتهرب من المساءلة وابتعادها عن دائرة الضوء المسلطة على قائمة الدول التي تزود التحالف العربي بالأسلحة التي ترتكب بها السعودية وحلفائها جرائم ضد الإنسانية، خصوصاً بعد أن أثار البرلمان الأوروبي قضية بيع الأسلحة الأوروبية للتحالف وهو ما يجعل دول الاتحاد مشاركة في جرائم حرب في اليمن.
وفي بداية الهجمة العسكرية السعودية والإماراتية على اليمن في 2015 قام الجيش الفرنسي بعمليات استطلاع جوي فوق مواقع خاضعة لسلطة “أنصار الله”، وكشفت مجلة (MTS ماغازين) العام الماضي أن السعودية دفعت لفرنسا مبالغ مالية بالعملة الأوروبية (اليورو) مقابل قيام الأخيرة بالمشاركة في عمليات عسكرية ضد اليمن من ضمنها تنفيذ عمليات استطلاع جوي فوق المناطق التي يديرها “المتمردون الحوثيون” حد وصفها، وأن عمليات عسكرية أخرى لا زالت تقوم بها فرنسا في اليمن ضمن التحالف السعودي منذ بداية الحرب وحتى تاريخ نشر التقرير الصحفي في 2016، ويرى “المساء برس” أنه ليس من المستبعد أن تكون العمليات العسكرية الفرنسية المساندة للسعودية ضد اليمن مستمرة حتى اليوم سواءً كانت لوجستية أو سياسية أو عسكرية مباشرة كعمليات الاستطلاع الجوي ورصد الإحداثيات وتقديم الصور الجوية للتحالف.