غارة على الدوحة… وصفعة لمن ظن أن التطبيع درع

متابعات خاصة – المساء برس.. هاشم الدرة|

في أعقاب الغارة الإسرائيلية على العاصمة القطرية، وجهت الأنظار نحو الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني، ليس فقط لمعرفة موقفها الرسمي، بل لفهم كيف تهضم هذا الحدث داخليا، وكيف تواجه تداعياته أمام شعوبها، وهويتها السياسية، وموقفها من القضية الفلسطينية.

الحدث لم يكن عابرا، بل كشف هشاشة التوازن الذي تحاول هذه الدول الحفاظ عليه بين التحالفات الجديدة والالتزامات التاريخية.

سياسيا، وجدت هذه الدول نفسها أمام واقعة استهدفت دولة عربية “ذات سيادة”، وفيها قيادات فلسطينية تناقش تهدئة برعاية أمريكية، غير أن الصمت أو التبرير يفقدها ما تبقى من شرعية خطابها القومي، ويضعها في خانة العجز أو التواطؤ.

أما استراتيجيا، فالغارة أعادت تعريف “إسرائيل” كطرف لا يلتزم حتى بأبسط قواعد احترام الحلفاء أو الوسطاء، ما يضع هذه الدول أمام سؤال وجودي: هل العلاقة مع إسرائيل قائمة على شراكة أم على إذعان؟

أمام شعوبها، تواجه الدول المُطبعة شرخا في الثقة، فالمواطن العربي يتساءل: كيف يمكن الوثوق بإسرائيل كشريك وهي تقصف عاصمة عربية دون إنذار؟ وهل التطبيع يعني السكوت عن استهداف القضية الفلسطينية حتى خارج حدود غزة؟

الغارة فجرت مشاعر الغضب المكبوت، وأعادت طرح سؤال الهوية: هل التطبيع كان خيارا شعبيا أم صفقة فوقية؟ هذا الغضب لا يعبر عنه فقط في الشارع، بل في الصمت الثقيل الذي يخيم على منصات الإعلام الرسمي، وكأن الجميع ينتظر من يجرؤ على قول ما لا يقال.

أما أمام القضية الفلسطينية، فقد سقطت ورقة التوت والتوازن التي كانت تروج لها هذه الدول، والتي تقوم على نموذج “التطبيع الذكي”: علاقات مع إسرائيل مع الحفاظ على دعم القضية، فالغارة على الدوحة نسفت هذا النموذج، ولم يعد ممكنا الفصل بين العلاقة مع الكيان الصهيوني وبين ما يفعله في غزة أو الدوحة.

لكن الصمت أمام الغارة يفسر كقبول ضمني باستهداف القيادات الفلسطينية حتى في العواصم العربية، ما أفقد هذه الدول قدرتها على لعب دور الوسيط أو الداعم، وحولها إلى متفرج عاجز أو شريك صامت.

الحدث لم يكن مجرد اختبار لموقف الدول المطبعة مع كيان العدو الصهيوني، بل اختبار لمدى قدرتها على التوفيق بين المصالح والتحفظ، بين التحالف والكرامة، وبين التطبيع والسيادة.

قد يعجبك ايضا