هندسة فوق الصراع: أين أصبح «الشرق الأوسط الجديد»؟

زينب عقيل – وما يسطرون|

عندما ينظر القادة الغربيون إلى خريطة العالم، اعتادوا أن يروا المحيط الأطلسي في الوسط. لكنّ صفعة صينية على الوجه الاقتصادي للغرب، جعلتهم يكتشفون أن مركز العالم لن يكون أطلسيًا خلال عقود قليلة.

ذلك أنّ نصف سكان العالم يعيشون في شرق آسيا، حول المحيط الهادئ، وأن كل الدول المحيطة به منخرطة في صراع القوى للسيطرة على الاقتصاد العالمي، أو للصعود نحو مكانة اقتصادية عالمية، أو على الهيمنة.

والشرق الأوسط على هذه الخريطة ستراه في قلب الصراع، نظرًا إلى احتياطيات النفط والغاز التي تشغّل الاقتصادات الكبرى في العالم، ونظرًا إلى الصراع الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة على الدول التي يشقها طريق الحرير، من الصين إلى أوروبا وأفريقيا، والصراع على الممرات البحرية وخطوط الطاقة، والكابلات الرقمية التي تجعل غرب آسيا ساحة تنافس كبرى على التدفّق (geostrategic flows) وليس فقط على الأرض.

حتى الآن، تعتمد الولايات المتحدة سياسة «ضربة على الحافر وضربة على المسمار» لإبقاء التوتر تحت سقف لا ينفجر دونه النظام العالمي. حرب منخفضة الشدة، تشنّها في غرب آسيا، أحياناً ببطء ودقة وأخرى باستعجال وانفعال، ضمن ما سمي بمشروع «الشرق الأوسط الجديد».

والجدير ذكره أن المشروع ليس وثيقة واحدة متفقاً عليها، بل خطاب وحزمة مبادرات تتحول وتتبدل بصيغ مختلفة: خطاب رايس 2006 وحرب تموز، الشرق الأوسط الكبير، اتفاقيات أبراهام، الممر الهندي IMEC، اتفاقيات أمنية مع دول الخليج، اندماج دفاعي إقليمي تقوده واشنطن،… الخ.

في ما يلي من المقال محاولة لتركيب إطار جامع، يربط العناصر المتناثرة ضمن رؤية إستراتيجية «محتملة» للولايات المتحدة وإسرائيل، تشرح كيف يمكن لهما أن تدفعا أو تعيدا تشكيل هذا المشروع بهدف الهيمنة، تحت ظروف ما بعد «طوفان الأقصى» وحروب 2024 – 2025، خاصة في ظلّ الفراغ الشرقي عن المواجهة المباشرة.

إذ لا يبدو أن الصين وروسيا تريان أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يهدّد مصالحهما البنيوية إذا ظلّ اقتصادًا منفتحًا. بل قد يثقل كاهل الولايات المتحدة أمنيًا، ويترك لهما هامش بناء نفوذ عبر المال والتكنولوجيا والطاقة.

المدرسة الوظيفية

بعد الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، ثم العراق 2003، وبعد حرب تموز 2006 والفشل في تقويض حزب الله باعتباره خط التهديد الأول لأمن إسرائيل، يمكن ملاحظة تحوّل الشعار من تغيير الأنظمة بالقوة، إلى إدارة شبكات ترابط أمنية–اقتصادية–رقمية تسمح بتجاوز الصراعات من دون حلّها جذرياً، ومن دون الحاجة إلى اتفاق سياسي شامل. مثل تطبيع قطاعات تنموية (سكك-ماء–كهرباء…) يُنتج بنى فوق الصراع، وتعمل فوق التوتر السياسي.

والجدير ذكره، أن ديبلوماسية البنى التحتية شائعة في دراسات البنك الدولي أو UNDP، مثل مشروع «ماء مقابل كهرباء» بين الأردن والإمارات ودولة الاحتلال (2021 – 2022)، حيث تُبنى محطة طاقة شمسية في الأردن تنتج كهرباء لصالح إسرائيل، مقابل توسيع محطات تحلية لإرسال المياه المحلاة إلى الأردن، وذلك باستثمار إماراتي. هذا المشروع تم برعاية أميركية من دون أي تعديل على الملفات السياسية الكبرى، مثل القضية الفلسطينية، أو على أقل تقدير من دون أي اعتبار لوضع القدس الشرقية التي يفترض أن المقدسات فيها تحت الوصاية الأردنية.

يُسوَّق للموضوع كحلّ تقني بلا حاجة إلى توقيع اتفاقيات سلام جديدة. والحال أنه حين يصبح الطرفان معتمدَين وظيفيًا على بعضهما، تقلّ احتمالات التصعيد السياسي أو العسكري، ولا يحصل المسّ بالقضايا الخلافية الأخرى وليس ثمة حاجة إلى حلّها.

ثمة مشروع آخر تحدّثت عنه «بلومبيرغ» عام 2022 تحت عنوان Saudi renewable energy export plans via Jordan and Israel. وهو مشروع الربط الكهربائي الإقليمي عبر السعودية – الأردن–إسرائيل–أوروبا.

يطرح هذا المشروع تحت عنوان «ربط المشرق العربي بالشبكة الأوروبية»، أو ممر الطاقة الخضراء، ويجري فيه التنسيق الفني عبر شركات من الدول المذكورة، وهو تنسيق فوق الديبلوماسية الرسمية بين السعودية وإسرائيل، يُسوَّق له على أنه «تكامل طاقي أمني» يمهّد لتطبيع مستقبلي بلا الحاجة إلى معاهدة سياسية. والنتيجة هي اعتماد دولة الاحتلال على السعودية كمصدر للطاقة، واعتماد السعودية على الكيان كممر إلى أوروبا.

إلى ذلك، من شأن الممر الهندي IMEC، الذي لا يزال معرقلًا بفعل الممانعة من محور المقاومة، أن يخلق «جغرافيا سلسلة توريد» (Supply Chain Geography)، حيث يمكن لحركة السلع والطاقة والمال والبيانات أن تُنتج النفوذ أو تعكسه. ومَن يملك النقاط الأساسية التي تمرّ بها هذه التدفقات، أي المرافئ والكابلات ومراكز البيانات ومحطات الطاقة والموانئ وغيرها، من شأنه أن يملك النفوذ. ثمّة قاعدة عرفية لدى النظام العالمي الحالي: التجارة تجلب السلام.

دمج الدفاعات الجوية عبر «سينتكوم»

بعد دمج إسرائيل ضمن القيادة الوسطى الأميركية عام 2021، كثفت القيادة جهودها لربط أنظمة الرادار والدفاع الجوي الخليجية مع الكيان. وقد ظهرت تقارير علنية عن اجتماعات سرّية (2022 – 2023) حول دمج أنظمة الإنذار المبكر واعتراض الطائرات المسيرة الإيرانية. مثلاً، قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات، مرتبطة عبر شبكة اتصالات وتشغيل مباشر بالقيادة الجوية الأميركية في قطر، وبأنظمة التوجيه والاتصالات في السعودية والبحرين.

تدار هذه الأنظمة وتُنسّق ويتم تحديثها عبر شركات إسرائيلية، وهو تنسيق يتعدّى التدريبات المشتركة المعلنة بين الطيارين العرب واليهود ومناورات IMX البحرية.

ثم في بيان الوضعية لعام 2025، وضعت القيادة الوسطى أولوية لربط قدرات الشركاء من الخليج إلى المشرق في منظومة دفاع متكاملة لحماية المصالح الأميركية وردع إيران وحلفائها. تم الإعلان عن الوضعية في 10 حزيران 2025، ثم ما لبثت في 13 حزيران أن أعلنت إسرائيل حربًا على إيران، شاركت فيه الولايات المتحدة فيما بعد ضمن منظومة دفاع متكاملة مع الدول الخليجية وأنظمة عربية لصد الصواريخ الإيرانية عن إسرائيل، وعن قاعدة العديد الأميركية في قطر خلال الضربة الأخيرة.

كاد هذا التعاون أن يشعل حربًا إقليمية بين إيران والأنظمة الخليجية المتحالفة مع الغرب، لولا السعي الحثيث لهذه الأنظمة إلى إبقاء الحرب على وتيرة منخفضة نسبة للصراع الإقليمي الأوسع. وبذلك، يمكن استنتاج عدم قدرة جيران إيران العرب على الانسحاب العملي من الشبكة لتجنّب كلفة أمنيّة.

وانتهت بامتصاص قطر للرد الإيراني على الأميركيين على أراضيها. وبعبارة أخرى، رغم الادعاء العربي بأن هذه التحالفات والشراكات الأمنية هي في سياق التسلّح ضد مَن تسمّيه العدو الإيراني، إلا أنها اضطرت طوعيًا إلى تلقي الضربات الإيرانية، وذلك بسبب عدم قدرتها على الانسحاب من اعتداء موجّه إلى العدو نفسه الذي تتسلّح لردعه، أي إيران.

الإخضاع مقابل السيولة

حتى مع توسّع التحالفات البديلة مثل «بريكس+»، ورغم أزمة الولايات المتحدة الاقتصادية والخطة الترامبية لإضعاف الدولار، ما انفكت الاحتياطات العالمية وعمليات الاقتراض الكبرى تعتمد بشدة على التسعير بالدولار وعلى الأسواق الغربية. استمرار الاعتماد هذا سيبقي ذراع واشنطن القديمة للهيمنة، وهي الدولار، على قيد الإخضاع عبر أدوات الدين والتصنيف الائتماني، والعقوبات الثانوية والقصوى.

تفيد تقارير صندوق النقد الدولي لعام 2025 بشأن السعودية ومصر، عن استخدام ترتيبات الدين وما تسميه واشنطن الإصلاح البنيوي لفتح أسواق وخصخصات تجذب رؤوس أموال إقليمية وغربية، تحت شعار «الإصلاح مقابل السيولة».

من شأن الممر الهندي، الذي لا يزال معرقلًا بفعل الممانعة من محور المقاومة، أن يخلق «جغرافيا سلسلة توريد». ثمّة قاعدة عرفية لدى النظام العالمي الحالي: التجارة تجلب السلام

والواقع أن ما يسمّى إصلاحًا ليس إلا إعادة هيكلة اقتصادية تمليها المؤسسات المالية مثل صندوق النقد والبنك الدولي وصناديق الاستثمار، لخصخصة القطاعات العامة، وتحرير أسعار الطاقة والغذاء، وإعادة صياغة القوانين الاستثمارية بما يخدم مصالح الدولة المانحة.

تمنح الولايات المتحدة لهذه الدول سيولة مالية لتنفيذ الاستثمارات (مثل استثمارات «رؤية 2030» السعودية وغيرها)، أو لتخفيض العجز والمنع من الانهيار (مثل مصر ولبنان وغيرهما)، في المقابل تُمنح واشنطن إعادة هيكلة القطاع العام ومزيداً من النفوذ في مؤسسات الدولة، وتُمنح أيضًا نوعاً من السيادة على السياسات المالية والنقدية.

وفي حالة الشرق الأوسط، فإن الدول تُمنح سيولة أيضًا بمقدار تشكيلها لبيئات استثمارية تخدم الاندماج مع إسرائيل. وحين يُعاد بناء القطاع الاقتصادي على هذا الأساس، سيصبح التعامل مع دولة الاحتلال جزءًا من البنية «الطبيعية» في عالم الأعمال. وثمّة تحليلات حديثة حول مستقبل ما يسمّونه بالاتفاقات الإبراهيمية تؤكد الحاجة إلى مشاريع عملية (طاقة–تكنولوجيا–تجارة…) لاستمرار الزخم رغم الأزمات.

القضاء على الممانعة

يمكن القول إنه تم الإعلان الأميركي الواضح عن «الشرق الأوسط الجديد» مع إعلان إسرائيل عن حرب لبنان الثانية عام 2006. ثمة مفارقة بعدما فشلت الحرب في القضاء على حزب الله، أن الحزب أعلن انتصاره على العدو الإسرائيلي ومُنح تعاطفًا شعبيًا عالي المستوى.

وفي حين كانت الولايات المتحدة مشغولة بقلب الأنظمة العربية في «الربيع العربي» لضمان «الهندسة فوق الصراع»، كانت قوة حزب الله تتعاظم لتحوّله إلى لاعب إقليمي أساسي، خاصة بعد مشاركته الأساسية في إفشال خطة إسقاط النظام السوري على يد الجماعات المتطرفة.

كما تشكلت قوات «الحشد الشعبي» من خبرات تجربة حزب الله وحرس الثورة الإيرانية، قبل أن تندمج مع القوات العسكرية العراقية لمواجهة «داعش».

استفادت «أنصار الله» في اليمن من الخبرات نفسها لتشكيلاتها البنيوية والعسكرية، واستطاع الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد حسن نصرالله أن يثبت معادلات ردع مع الإسرائيليين إلى أن جاء «طوفان الأقصى» وفتحت جبهات الإسناد في تطبيق عملي لـ«وحدة ساحات» محور المقاومة جرى لأول مرة، وضع الشرق الأوسط الجديد وقلبه إسرائيل أمام الخطر الوجودي.

رغم أنه ليس ثمة معلومات وافية تجعلنا نفهم ما الذي حصل بالضبط بالنظر إلى نوايا الإسرائيليين في تلك الفترة وعمّا إذا كان صحيحًا أن «الطوفان» لم يكن إلا ضربة استباقية لحرب ليس هدفها أقل من القضاء على «حماس»، إلا أن ما لا يلتفت إليه كثيرون أنه قبل «طوفان الأقصى» تشكّلت حكومة يمينية متطرفة اتّضح منذ اليوم الأول أنها حكومة حرب.

دورها الأساسي، في رؤية الشرق الأوسط الجديد، توسيع الاستيطان والانتهاء من سردية حل الدولتين والحد من تعاظم قوى المقاومة. والنتيجة: لم تنجح إسرائيل، مع كل الدعم الأميركي، والعربي (جزئيًا)، في الإطاحة الكاملة بقوى المقاومة. تضرر المحور عسكريًا وسياسيًا ولكنه لم يُستأصل، ولم تُمنح الولايات المتحدة بيئة خالية من المقاومة.

غيّر انهيار سوريا من جغرافيا المقاومة، خسر المحور العمق الإستراتيجي السوري لحزب الله وإيران، ولكنه كسب خط مواجهة بحرياً قادراً على الضغط الأمني والتجاري، وبرزت حركة «أنصار الله» كجبهة مقاومة، استهدفت إسرائيل في العمق كما لم تتمكن حركة مقاومة أخرى عدا حزب الله.

حزب الله، بدوره، بقي حتى الساعات الأخيرة قبل إعلان وقف الحرب قادرًا على أن يطال مواقع إسرائيلية حساسة. ولا يزال محتفظًا بما يكفيه من قدراته العسكرية البشرية واللوجستية.

بعدها حاولت إسرائيل إنهاء المحور عبر إستراتيجية قطع الرأس، بشن حرب على إيران، انتهت بطلب إسرائيلي لوقف الحرب. تم إضعاف المشروع النووي الإيراني دون أن ينهيه، ولم تتمكن إسرائيل من إسقاط الثورة الإسلامية، وطهران ما انفكت محتفظة بأدوات الضغط.

وبعد ما يقارب ثلاث سنوات من القصف والحصار المطبق، لم يُقضَ على المقاومة في غزة، وما يزال الإسرائيلي عاجزاً عن «الانتصار الكامل»، وأصبح السيناريو المرجح هو «حرب إلى ما لا نهاية»، وفق تحليل «أسوشييتد برس».

وعليه، فإن كل حركة مقاومة/دولة من هؤلاء لا تزال عائقًا في وجه مشروع الشرق الأوسط الجديد أو على الأقل قادرة على رفع كلفة المشروع إن لم تكن قادرة على التعطيل. في حين تعلم واشنطن بشكل واضح أن نهج احتواء مصادر التعطيل، مع دفع مشاريع الممرات قدمًا حيث ما تسمح الظروف (كما كانت تفعل قبل «الطوفان»)، خير لها من أن تغرز في وُحُول حروبٍ لا تنتهي مع قوى المقاومة.

المشهدية الحالية لـ«الشرق الأوسط الجديد»

بناء على ما تقدّم، يمكن ملاحظة الاندماج الخليجي التدريجي في الأمن والاقتصاد. لا تخفي السعودية مشاريع التعاون والاستثمارات مع الولايات المتحدة وتتجاهل الانتقادات التي لم تعد تعنيها بشأن ما أسمّيه «التطبيع الوظيفي» مع إسرائيل.

في حين تلعب الإمارات علنًا دور «عقدة لوجستية مالية» كما في أدبيات الاقتصاد السياسي، تربط رأس المال الخليجي بالتكنولوجيا الإسرائيلية وبالأسواق الشرقية والغربية. أمّا في المشهد الأردني، فثمة دراسات سياسية تبرز ملف المياه كرافعة تعاون مستدام بين الأردن وإسرائيل، تتزايد الحاجة إليه مع شحّ المياه في الأردن وضغط اللاجئين.

وفي مصر تجري الضغوط الأميركية والخليجية كالعقوبات القصوى من أجل استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة، بالإضافة إلى مطالب أميركية بسحب استثمارات الجيش المصري من البنى التحتية والحياة الاقتصادية في مصر.

في سوريا سقط العائق فعليًا، وأصبح المجال الجغرافي مفتوحًا لممرات طاقة وطرق أخرى بين الخليج وتركيا وإسرائيل، وذلك رغم أن ضعف السلطة هو بمنزلة عامل عدم استقرار جديد للمشاريع التجارية. وقد أعلنت حكومة الشرع رسميًا نيتها الانصياع للمشروع الجديد.
أمّا في لبنان، فيمارس الأميركيون الضغط الأقصى على الدولة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله الإستراتيجي، تارة عبر ربط إعادة الإعمار بتسليم السلاح، وأخرى بالتلويح بتسليم لبنان إلى الجماعات المتطرفة، كما إن واشنطن عبر مبعوثها لم تعطِ أي ضمانات بمنع الإسرائيلي من الاعتداء مجددًا على لبنان بأي حال من الأحوال.

لكن مما يبدو حتى الآن أن الضغوط تمارس تحت سقف الانفلات الداخلي الأمني، رغم التلويح به. لا يبدو أن واشنطن تعلم الكثير عن قدرة حزب الله المتبقية، ولكنها تعلم أنه لا يزال يمتلك ما يكفي من السلاح الإستراتيجي ليمنع تشكيل مظلة أمنية لبنانية–إسرائيلية–خليجية متكاملة.

إلى ذلك، يبدو اليمن أكثر صلابة واستعصاء على الهيمنة الأميركية من النظام السوري السابق؛ رغم التحالفات الغربية والضربات الأمريكية–البريطانية، يستأنف اليمنيون المرحلة الرابعة من الحصار البحري لإنهاء الحصار على غزة، مع ضربات متكررة عطلت 90% من الشحن عبر البحر الأحمر، سواء نجحت في إيقاف الحرب على غزة أم لا. ذلك أن السيطرة على باب المندب وجزء من البحر الأحمر هو بمنزلة عائق بحري صلب يؤخر مشاريع الممر الهندي وكابل BLUE RAMAN.

لتكتمل الصورة

قد يبدو مشروع «الشرق الأوسط الجديد» أسرع من ذي قبل مع إضعاف حركات المقاومة، ولكنه ليس بالسرعة التي يحتاجها الأميركيون لتثبيت الهيمنة في مواجهة العملاق الصيني. فالتطبيع الوظيفي يمضي في المياه والطاقة والتجارة رغم الأزمات، ولكن التحوّل البنيوي أبطأ من إيقاع المنافسة مع الصين، ولا يعادل سلامًا سياسيًا شاملًا سريع العائد وأقل كلفة كما هو متوقّع من مشاريع الممر الهندي وممرات الطاقة في سوريا.

وخلال التصعيد العسكري الخطير، لم تبدُ الصين مهتمة بدعم الأطراف لمواجهة الهيمنة الأميركية في المنطقة، ولا حتى روسيا، ذلك أن ثمة رؤية كلية للصراع، لا يرى فيها المعسكر الشرقي تهديدًا له.

قد يعجبك ايضا