فايننشال تايمز: إعلان صنعاء توسيع الحرب البحرية ضد إسرائيل يربك الحسابات الدولية ويفتح مرحلة جديدة في الصراع
متابعات خاصة – المساء برس|
أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن البيان العسكري اليمني الصادر الأحد الماضي على لسان العميد يحيى سريع، المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، يمثل نقطة تحوّل حاسمة في مسار الصراع البحري في البحر الأحمر وخارجه، وذلك بعد إعلان القوات اليمنية بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، أينما وُجدت.
ونقلت الصحيفة عن مارتن كيلي، رئيس قسم الاستشارات في مجموعة EOS للمخاطر، أن بيان القوات اليمنية الأخير يكشف عن “تحول في النوايا”، وقال: “أعتقد أننا قد نشهد بعض الهجمات في الأمد القريب”، في إشارة إلى اتساع رقعة العمليات العسكرية اليمنية لتطال سفناً لم تكن مستهدفة في المراحل السابقة.
ويأتي التصعيد الجديد بعد نجاح القوات البحرية اليمنية في تنفيذ أولى عمليات الإغراق المباشر لسفينتين في البحر الأحمر خلال شهر يوليو الجاري، بسبب انتهاك مالكيهما قرار حظر الملاحة نحو موانئ فلسطين المحتلة. هذه العمليات تأتي رغم اتفاق وقف إطلاق النار المعلن بين صنعاء وواشنطن، والذي جرى الالتزام به من الطرفين، حيث توقفت القوات اليمنية عن استهداف السفن الأمريكية، فيما أوقفت واشنطن غاراتها الجوية على اليمن، دون أن تنجح في رفع الحظر المفروض على الملاحة الإسرائيلية.
التصعيد يتجاوز البحر الأحمر
وفي السياق ذاته، أشارت فايننشال تايمز إلى أن المرحلة الرابعة المعلنة من التصعيد اليمني تتضمن توسيع نطاق الاستهداف ليشمل السفن التي تديرها أو تملكها شركات تتعامل مع الكيان الإسرائيلي، حتى لو لم تكن وجهة السفن إلى موانئ الاحتلال، إضافة إلى أن الاستهداف لم يعد محصورًا في البحر الأحمر، بل يشمل أي منطقة بحرية تصل إليها القوات اليمنية.
وأعرب أحد خبراء الأمن البحري الذين تحدثوا للصحيفة عن اعتقاده بأن الوضع في غزة والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد المدنيين قد أوجدت “غطاءً” دولياً يمنح اليمنيين شرعية إضافية لمواصلة ضرباتهم، وقال: “مع كل هذا السخط العالمي مما يحدث في غزة، لا يُستبعد أن يواصل الحوثيون استغلال ذلك لتوسيع عملياتهم”.
مأزق الردع الإسرائيلي والأمريكي
وأضاف كيلي أن تلميحات بيان صنعاء باستهداف سفن مرتبطة بأي دولة تدعم الاحتلال قد تشير إلى استعداد يمني جديد لكسر وقف إطلاق النار مع واشنطن، والعودة إلى استهداف السفن ذات الصلة بالولايات المتحدة. لكنه أكد في الوقت ذاته أن صنعاء – حتى الآن – التزمت بشكل واضح بعدم مهاجمة السفن الأمريكية، طالما توقفت الأخيرة عن قصف اليمن.
ورغم بعض الانتقادات الغربية حول أن معايير الاستهداف اليمنية “فضفاضة”، وفقاً لتعبير خبير بحري آخر في التقرير، إلا أن الوقائع الميدانية تؤكد أن كل عملية استهداف يتم تبريرها لاحقاً بوجود روابط حقيقية أو تقنية تربط السفن المستهدفة بشبكات تجارية أو مالية تدعم اقتصاد الاحتلال.
تداعيات بشرية واقتصادية
وأشار التقرير إلى حادثة سفينة “إترنيتي سي”، والتي هوجمت مؤخراً، حيث تأكد مقتل اثنين من البحارة، وفقدان اثنين آخرين يُفترض أنهما لقيا مصرعهما، فيما تم إنقاذ عشرة بحارة آخرين عبر شركة أمنية خاصة. ولا تزال بعض أطقم السفن محتجزة لدى القوات اليمنية، دون وجود أي مفاوضات حالياً للإفراج عنهم، بحسب الصحيفة.
هل تفلح واشنطن في حماية تل أبيب بحرياً؟
يرى مراقبون أن التصعيد اليمني في هذه المرحلة، بعد أن أصبح الاحتلال الإسرائيلي عاجزاً عن تأمين ممراته البحرية حتى بوجود الحماية الأمريكية، يكشف عن فشل واضح في قدرة واشنطن على فرض هيبتها أو ردع صنعاء، ويُعد ذلك مؤشراً على تحوّل نوعي في موازين القوة في المنطقة.
ويؤكد اليمن – من خلال عملياته البحرية – أنه بات فاعلاً إقليميًا قادرًا على فرض معادلاته السيادية دون خضوع للابتزاز الدولي، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وغياب أي تحرك دولي جاد لوقف جرائم الحرب في غزة.