البحرية الأمريكية في البحر الأحمر: ورطة تتفاقم بعد عام من العدوان
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
بعد عام كامل من العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن بهدف إيقاف الدعم اليمني لقطاع غزة، تحولت هذه الحملة إلى ورطة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.
فالبحرية الأمريكية التي طالما اعتُبرت رمز الهيمنة العالمية على البحار أصبحت في وضع حرج نتيجة الهجمات المتكررة التي شنتها القوات اليمنية على سفنها وطائراتها، مما أدى إلى تآكل سمعتها وهيبتها العسكرية.
وفقًا لمصادر عسكرية أمريكية تحدثت للعديد من الصحف والقنوات ومراكز الدراسات الأمريكية على مدار عام كامل من المواجهات بين القوات اليمنية والبحرية الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وفق ما رصده “المساء برس”، فقد تعرضت حاملات الطائرات الأمريكية، وآخرها “يو إس إس هاري ترومان”، لعدد واسع من الهجمات الكبيرة، ثمان منها كانت ضد الحاملة ترومان. هذه الهجمات، التي شملت ضربات بالطائرات المسيرة والصواريخ، دفعت البحرية الأمريكية إلى تبني استراتيجية إنكار الصدمات بدلاً من الاعتراف بالخسائر المتزايدة.
خسائر مادية وتداعيات استراتيجية
تسبب الاستنزاف المستمر للموارد العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر في كشف ضعف الجاهزية القتالية للأسطول الأمريكي، حيث باتت السفن بحاجة إلى فترات صيانة أطول، وتراجعت قدرة الطواقم على التعامل مع المهام طويلة الأمد.
كما أدى هذا الاستنزاف إلى تقليل الأسطول المتاح في مواجهة أزمات محتملة في المحيط الهادئ، وهو ما يمثل خطرًا استراتيجيًا على المصالح الأمريكية العالمية، وفق تقارير لموقع “ذا ويرزون” الأمريكي المتخصص بالشؤون الدفاعية وصحف عديدة أبرزها “وول ستريت جورنال”.
تصريحات المسؤولين الأمريكيين
قالت “بيث سانر”، نائبة مدير الاستخبارات الوطنية في ولاية ترامب السابقة، إن العمليات اليمنية ضد البحرية الأمريكية لم تنجح الولايات المتحدة في ردعها، بل على العكس، تآكلت سمعة الجيش الأمريكي بسبب تكاليفه الضخمة مقابل فشل واضح في تحقيق أي من أهدافه.
وأضافت: “الحوثيون قادرون على مواصلة هجماتهم بطائرات وصواريخ رخيصة نسبيًا، بينما تحرق أمريكا مليارات الدولارات.”
وفي سياق متصل أشارت “واشنطن بوست” في عدد من التقارير إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعترفون سرًا بعجزهم عن وقف الهجمات، واصفة “الحوثيين” بأنهم أكثر أيديولوجية من حماس وحزب الله، وأن تصميمهم على القتال يجعل ردعهم أمرًا صعبًا للغاية.
عقدة البحر الأحمر
خلال معركة طوفان الأقصى وجبهة اليمن المساندة للفلسطينيين عسكرياً والتي فتحتها صنعاء بوجه الاحتلال الإسرائيلي لإجباره على وقف العدوان على غزة وأسمتها “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، تحول البحر الأحمر إلى ساحة معركة محورية في صراع أوسع أمريكي بريطاني من جهة ويمني من جهة مقابلة يرتبط بالعدوان الإسرائيلي على غزة. فمنذ تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع في أكتوبر 2023، كثفت القوات اليمنية من هجماتها البحرية بهدف شل حركة السفن الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية. هذا التصعيد أظهر للعالم أن الهيمنة الأمريكية على الممرات البحرية لم تعد حقيقة مطلقة، باعتراف خبراء عسكريين أمريكيين وروس وصينيين.
إسقاط عناصر التفوق الأمريكية
تكرار إسقاط طائرات الاستطلاع المتطورة “إم كيو-9” واستهداف حاملات الطائرات بات يشكل فضيحة عسكرية، بحسب خبراء عسكريين. هذه التطورات أظهرت أن التقنيات العسكرية الأمريكية، التي كانت تعد عناصر تفوق استراتيجي، لم تعد منيعة أمام الهجمات اليمنية.
اليمن وإعادة تشكيل موازين القوى
ومنذ أكتوبر 2023، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، تحركت القوات اليمنية لدعم المقاومة الفلسطينية عبر عمليات عسكرية غير تقليدية في البحر الأحمر. استهدفت هذه العمليات إغلاق الممرات الملاحية أمام السفن الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية، مما تسبب في تراجع كبير لنفوذ واشنطن في المنطقة. ومع استمرار هذا الاستنزاف حتى يناير 2025، يبدو أن اليمن أصبح لاعبًا أساسيًا في إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية والدولية، في وقت باتت فيه البحرية الأمريكية عاجزة عن استعادة السيطرة.