وقف النار في لبنان.. أمريكا تتحكم بكل شيء ونشر التفاؤل “حرب نفسية ضد الحزب”
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في خضمّ التصعيد العسكري بين المقاومة اللبنانية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، تتصدر الولايات المتحدة المشهد كوسيط رئيسي في إدارة جهود وقف إطلاق النار. الدور الأمريكي لا يقتصر على الوساطة فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى توجيه دفة النزاع بما يخدم أهدافها الاستراتيجية وأهداف إسرائيل، في ظل تحديات داخلية وخارجية تواجه إدارة الرئيس جو بايدن.
إدارة النزاع: أهداف متشابكة
وتأتي التحركات الأمريكية في سياق زمني حساس، حيث تسعى إدارة بايدن إلى تحقيق اختراق دبلوماسي في الشرق الأوسط قبل انتقال السلطة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، خلال الأيام القليلة الماضية رصد “المساء برس” تصريحات المسؤولين الأمريكيين وتصعيد وتيرة اللقاءات مع الأطراف المعنية ليتبين أن هناك قلقًا واضحًا من تفاقم الأزمة وخروجها عن السيطرة.
الهدف الأمريكي الأول هو تأمين وقف فوري لإطلاق النار يضمن استقرار الحدود الشمالية للفلسطين المحتلة. إلا أن هذه الجهود تصطدم بتعقيدات ميدانية، حيث تصرّ “إسرائيل” على حرية العمل العسكري داخل لبنان، وهو ما يعارضه حزب الله بشدة.
التصعيد والمناورة
ووفقًا للتقارير الإعلامية، نفذت المقاومة اللبنانية خلال الأيام الماضية أكثر من 50 عملية نوعية، استهدفت مواقع استراتيجية داخل الأراضي المحتلة، بما فيها تل أبيب. هذا التصعيد وضع الاحتلال الإسرائيلي في مأزق عسكري وسياسي، ودفعه للضغط على الإدارة الأمريكية لتسريع جهود وقف إطلاق النار.
لكن هذه الجهود تحمل في طياتها احتمالات مزدوجة: قد تكون مناورة لامتصاص زخم المقاومة وهو الأرجح أو محاولة فعلية لإنهاء القتال، مع ذلك تجدر الإشارة إلى أن معظم التحليلات الأمريكية تشير إلى أن وقف إطلاق النار بات “قاب قوسين أو أدنى”، إلا أن التفاصيل المتعلقة بآليات التنفيذ وشروطه تبقى محور الخلاف الأساسي.
الدور الأمريكي: وسيط أم متحكم؟
التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث والسياسات الأمريكية خلال الأيام الماضية بهذا الشأن تبرز دور واشنطن كطرف فاعل يضغط على الطرف اللبناني بقدر مضاعف عن ضغطه على الطرف الإسرائيلي لتحقيق أهدافه وأهداف إسرائيل. أما الأهداف الأمريكية فتشمل:
ضمان أمن إسرائيل: من خلال تعديل القرار 1701 بما يتيح لها التدخل العسكري في لبنان إذا استمرت أنشطة المقاومة.
توازن دقيق: بين الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية وتجنب تصعيد شامل قد يضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة.
تهيئة الظروف لمفاوضات مستقبلية: تهدف إلى ترسيخ وقف النار كخطوة نحو تطبيع أوسع بين دول في المنطقة والكيان الإسرائيلي.
إشاعات التفاؤل: أداة حرب نفسية
ولعل الجزء الأبرز من الحرب النفسية الذي تمارسه وشانطن والاحتلال الإسرائيلي للتأثير على بيئة المقاومة هو نشر التفاؤل حول قرب التوصل إلى وقف إطلاق النار. فالتصريحات الإيجابية الأمريكية ترافقها إشارات إلى إمكانية تصعيد جديد إذا فشلت المحادثات، ما يعكس سياسة العصا والجزرة التي تنتهجها واشنطن.
التحديات المستقبلية
رغم كل الجهود، يبقى الميدان هو الحكم. فالمقاومة أثبتت قدرتها على الصمود والردع، ما يعقد حسابات واشنطن وتل أبيب. ومع اقتراب موعد انتقال السلطة في الولايات المتحدة، يبدو أن أي إخفاق في التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى انسحاب الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين من جهود التفاوض، مما يعزز احتمالات التصعيد.
وبالمحصلة فإن الدور الأمريكي في إدارة وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي يتجاوز الوساطة التقليدية إلى التحكم الكامل في مفاصل النزاع. ومع تزايد تعقيد المشهد، يبقى السؤال: هل سينجح الضغط الأمريكي في تحقيق تسوية تضمن مصالح الأطراف كافة، أم أن إسرائيل ستتمكن من فرض إرادتها وتعمل على تمريرها على اللبنانيين والإدارة الأمريكية.