انسحاب التحالف من اليمن بات وشيكاً وفقاً لتصريحات رسمية “تقرير خاص”
المساء برس – تقرير خاص/ يوم أمس قال وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه “لا حل عسكري للأزمة اليمنية”، جاء ذلك خلال لقائه مع وزير خارجية حكومة المنفى عبدالملك المخلافي على هامش زيارة الأخيرة للقاهرة.
مواقف موحدة تمهيداً للانسحاب
وصحيح أن كلام الوزير “شكري” ليس بجديد، لكن اللافت والجديد في الأمر هو تركيز وسائل الإعلام المصرية في تناولها لخبر اللقاء أنها أوردت عبارة أن الوزير شكري “شدد” على الوزير المخلافي أنه “لا حل عسكري للأزمة اليمنية وأن الحاجة باتت ملحة للتوصل لحل سياسي شامل يجنب البلاد مخاطر الانزلاف في صراع ممتد”.
وبالمثل أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قبل نحو أسبوع من الآن على دعم بلاده للعملية السياسية في اليمن، جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ72 بنيويورك.
ومن على المنبر ذاته الذي أكد فيه الجبير وألمح إلى قناعة بلاده بأن الحل في اليمن لن يكون إلا سياسياً، قال نفس الحديث وزير الشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش، بل إنه دعا الأمم المتحدة إلى تقديم حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وقال قرقاش “إن الأمم المتحدة مدعوة لتقديم حل سياسي في اليمن.
المبعوث الأممي لليمن اسماعيل ولد الشيخ أكد أن الحل العسكري غير ممكن في اليمن وأن الواقع يؤكد أن الحل السياسي هو السبيل للخروج من الأزمة.
هادي محبط جداً
وفي لقاء مع قناة العربية السعودية أثناء تواجده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر سبتمبر الماضي، ظهر الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي مستجدياً ومناشداً لجماعة أنصار الله وحزب المؤتمر، وبدت عليه معنوياته المنكسرة بالنظر إلى الخسائر التي تتكبدها قواته في الجبهات ولدرايته أيضاً بأن “أمراء الحرب” في الخليج باتوا يبحثون عن حل سياسي ومن المحتمل أن يكون التخلي عن هادي أول تنازل يقدمه الخليج مقابل قبول سلطة الأمر الواقع في صنعاء القبول والجلوس إلى طاولة مفاوضات لإيجاد حل سياسي.
قال هادي مخاطباً جماعة أنصار الله وصالح في مقابلته “لا فائدة من الحرب التي أضرت بالوطن والمواطن”.
التمهيد إعلامياً لضرورة وقف الحرب
والمتابع لتطورات الأحداث في اليمن والتغطية الإعلامية السعودية والمكثفة على المعارك الحدودية وكشفها عن خسائرها اليومية، يخرج بانطباع أكيد أن هناك قناعة واعتراف بأن الحرب في اليمن لم تحقق معظم أهدافها بعد عامين ونصف من بدأها، وبربط ذلك مع التصريحات الأخيرة للمسؤولين الخليجيين وأصحاب الشأن يجد أن هناك مساعي حقيقية لإيجاد خيارات بديلة أبرزها البحث عن حلول سلمية، تحفظ ماء وجه دول التحالف على أقل تقدير، وأبرز هذه الدول السعودية التي أصبحت غارقة في مستنع الحرب اليمنية والتي يرى بعض المحللين الغربيين أنها لم تعد تبحث عن نصر داخل اليمن بقدر ما تبحث عن إيقاف لنزيف الدم والخسائر التي تتكبدها يومياً في أراضيها الجنوبية بفعل الهجمات اليمنية والصواريخ التي تطال أراضيها باستمرار وتهدد منشئاتها الاقتصادية والصناعية.
تهديد الإمارات خط أحمر
بالنسبة للإمارات فيرى مراقبون أن التهديدات التي أطلقها زعيم جماعة أنصار الله بضرب أهداف استراتيجية داخل الإمارات حظيت باهتمام كبير من قبل الإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، لإدراك أصحاب القرار هناك أن تصريحات الحوثي ليست “مجرد تصريحات”.
وكان عبدالملك الحوثي في أحد خطاباته في سبتمبر الماضي قد هدد بضرب أهداف حيوية واستراتيجية داخل العاصمة الإماراتية وقدرة الصواريخ الباليستية محلية الصنع إلى مدن وموانئ إماراتية هامة.
ويرى المراقبون أن التهديدات الأخيرة للحوثي بضرب الإمارات وضرب أهداف عسكرية في السواحل الإفريقية في الجهة المقابلة لليمن على البحر الأحمر، في إشارة إلى ضرب قواعد عسكرية يتم استخدامها في العمليات العسكرية ضد اليمن، يرى المراقبون أن هذه التهديدات هي التي حركت المياه الراكدة بشأن اليمن نظراً لكون الخطر الآن بات يتهدد الإمارات وليس السعودية، الإمارات بكل ما تحمله من ثقل اقتصادي وسياسي صاعد في المنطقة ومدعوم أمريكياً وبريطانياً وفرنسياً وإسرائيلياً، ربما كبديل أو كحليف موازي للحليف التقليدي للدول الغربية الكبرى في المنطقة “السعودية”.
خيار مطروح
لم يعد بالإمكان التوقع بأن دول التحالف تحاول الاختيار بين الاستمرار في الحرب أو التوجه إلى البحث عن حلول سياسية تسمح ببقاء كل الأطراف، بل إن ما هو مؤكد اليوم هو أن هذه الدول تبحث كيف تخرج من هذه الحرب ولازالت الأوضاع كما كانت عليه بداية الحرب، لا شرعية في اليمن والحوثيون هُزموا ولا حققت السعودية أهدافها، ولا ضمنت الإمارات استمرار ما حققته حتى اليوم من مكاسب تمثلت بالسيطرة على محافظات عدة جنوب اليمن بينها جزيرة سقطرى وميون وباب المندب.
وبالتالي فإن ما كتبه المحلل السياسي والصحفي الكويتي عبدالرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط السعودية يوم أمس وألمح فيه إلى إمكانية اتخاذ دول التحالف قراراً بالخروج من الحرب في اليمن والاكتفاء بمعارك الحدود السعودية فقط، يصبح خياراً متوقعاً وربما يتم اتخاذه في أي ساعة وترك ما يعرف بقوات “الشرعية” تتقاتل مع قوات صنعاء حتى يتغلب أحدهما على الآخر، على اعتبار أن دور التحالف قد انتهى بمساعدة سلطة هادي حتى استعادت جزءاً كبيراً من المساحات الجغرافية ولم يتبقّ إلا القليل، بالإضافة إلى أنها – أي دول التحالف – قد ساعدت الشرعية حتى أمّنت لها محافظات يمكن من خلالها العودة إلى قيادة المعارك بنفسها دون تدخل أطراف خارجية.
قوة صنعاء تتعاظم
ما من شك أن الولايات المتحدة باتت تدرك أن استمرار الحرب في اليمن لم يزد “الحوثيين” إلا قوة، وكل يوم يمر دون أن يتحقق أي تقدم عسكري ينعكس سلباً على التحالف وإيجاباً على قوة أنصار الله وحلفائهم التي تتعاظم يوماً بعد آخر، وهذا يشكل تهديداً بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل التي ترى في صعود جماعة متمردة على الولايات المتحدة في أي دولة من دول الشرق الأسط، يعد تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل، وبالتالي فإن أنجح طريقة لإيقاف تعاظم قوة أنصار الله هي إيقاف الحرب وإشغالهم بإعادة البناء والبحث معهم على حلول سياسية تحفظ للسعودية أمنها وأمن خطوط الملاحة البحرية التي تسيطر اليمن على أهم ممر فيها “باب المندب”.