إعفاء المستوطنين من الاعتقال الإداري إسرائيل تبدأ أولى خطوات ضم الضفة الغربية

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، وقف استخدام أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية، مما يشير إلى انحياز واضح للميليشيات الاستيطانية المتطرفة.

القرار، الذي وصفته أطراف عديدة بأنه “ضوء أخضر للإرهاب”، يعكس تحولًا خطيرًا في سياسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين، وسط تصاعد الاعتداءات اليومية التي تستهدفهم.

إطلاق يد المستوطنين: عنف بلا قيود

جاء القرار في وقت تسجّل فيه الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية أرقامًا قياسية، حيث أظهر تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن الاحتلال ومستوطنيه نفّذوا 1490 اعتداء خلال أكتوبر فقط. الآن، ومع رفع الحصانة القانونية عن المستوطنين، ستتحول هذه الاعتداءات من جرائم فردية إلى سياسة ممنهجة ومدعومة رسميًا.

القرار يعني عمليًا إعفاء المستوطنين من أي رقابة أمنية جادة، وتحديدًا ما يسمى بـ”شبيبة التلال”، الذين يشتهرون بهجماتهم العنيفة على القرى الفلسطينية. هؤلاء أصبحوا الآن قادرين على مواصلة إرهابهم دون الخوف من الاعتقال أو المحاسبة، بينما تستمر سلطات الاحتلال في استخدام الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين بلا هوادة.

إرهاب مشرعن: ماذا يعني القرار للفلسطينيين؟

تكريس التمييز العنصري:

فالقرار يعكس تطبيقًا صريحًا لسياسة عنصرية تفرق بين اليهود والفلسطينيين، إذ سيبقى الاعتقال الإداري سيفًا مسلطًا على الفلسطينيين، بينما يُعفى منه المستوطنون، حتى عند ارتكاب جرائم إرهابية موثقة.

زيادة العنف الميداني:

فمنح المستوطنين هذا الغطاء القانوني سيؤدي حتمًا إلى تصعيد في هجماتهم ضد الفلسطينيين، سواء من خلال إحراق المنازل، أو اقتلاع المحاصيل، أو استهداف المساجد والكنائس.

تقييد دور الشاباك:

رفض كاتس توصيات جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) باستخدام الاعتقال الإداري ضد المستوطنين، مما يضعف قدرة الأجهزة الأمنية على كبح نشاط الجماعات الإرهابية اليهودية، ويفتح الباب أمام تكوين تنظيمات سرية أكثر تنظيمًا وعنفًا.

دلالات سياسية خطيرة

يأتي هذا القرار في سياق ضغوط مكثفة من أحزاب اليمين المتطرف على كاتس، الذي يبدو أنه استسلم لمطالبهم، مما يعزز السيطرة اليمينية على الحكومة الإسرائيلية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، رحب بالقرار واصفًا إياه بـ”البشرى العظيمة”، في حين أيدته شخصيات يمينية أخرى اعتبرت أن الاعتقالات الإدارية ضد المستوطنين كانت ظلمًا لهم.

من ناحية أخرى، يعكس القرار تناقضًا صارخًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حيث أشار مسؤولون قضائيون إلى أن إلغاء الاعتقالات الإدارية للمستوطنين يمثل “ترخيصًا بالقتل”، مؤكدين أن هذا النهج سيشعل المنطقة ويؤدي إلى مزيد من التوترات.

ردود فعل متباينة

ترحيب اليمين المتطرف:

شخصيات مثل سموتريتش وبن غفير أشادت بالقرار، واعتبرته خطوة لإنهاء “التمييز” ضد المستوطنين، وفق وصفهم.

انتقادات داخلية محدودة:

بعض الأصوات في المعارضة مثل غادي آيزنكوت وصفت القرار بأنه “خطأ جسيم وخطير”، إلا أن المعارضة الإسرائيلية بشكل عام التزمت الصمت، مما يعكس حالة الانقسام الداخلي والتردد في مواجهة اليمين المتطرف.

تعليقات إعلامية ساخرة:

أما الإعلام العبري فقد انتقد القرار بشدة، حيث وصفه مراسل قناة “كان” العبرية، رؤي شارون، بأنه بشرى مذهلة للمستوطنين “لحرق المنازل وكسر الجماجم والعودة سالمين”.

الهدف الحقيقي: تمكين المشروع الاستيطاني

قرار كاتس يتماشى مع مشروع إسرائيل التوسعي في الضفة الغربية، حيث يتم تسهيل تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتصعيد الاستيطان تحت غطاء حكومي رسمي. بالتزامن مع صعود إدارة ترامب المحتملة، التي أبدت دعمًا مطلقًا للاستيطان في السابق، يبدو أن الاحتلال يسعى لاستغلال هذه اللحظة لتسريع تنفيذ خططه الاستيطانية وفرض أمر واقع جديد.

النتيجة: مقاومة فلسطينية تتصاعد

مع تصاعد الإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين، يصبح من الواضح أن الاحتلال يدفع نحو مواجهة شاملة في الضفة الغربية والقدس. فالقرار سيدفع الفلسطينيين إلى تعزيز مقاومتهم الشعبية، وسيتحول كل اعتداء جديد إلى وقود لإشعال انتفاضة شاملة قد تتجاوز حدود الضفة الغربية.

رفع القيود عن الإرهاب اليهودي الممنهج

إن قرار كاتس بإعفاء المستوطنين من الاعتقال الإداري يمثل خطوة أخرى في طريق تكريس الاحتلال ككيان استعماري عنصري يرفض أي قيود على إرهابه الممنهج. في ظل هذا التصعيد الخطير، يبقى الشعب الفلسطيني وحده في مواجهة آلة القمع الإسرائيلية، التي لا تعرف حدودًا في استباحة الأرض والدماء، لتثبت مجددًا أن المقاومة هي الخيار الوحيد في وجه الاحتلال.

قد يعجبك ايضا