إدارة نتنياهو للصراعات: سياسة الخداع والتلاعب على حساب الأمن والمبادئ (تقري{)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
منذ لحظة توليه منصب رئيس وزراء الاحتلال، أدار بنيامين نتنياهو أزمات كيانه بحنكة أقرب ما تكون إلى القمار السياسي، حيث يراهن بكل شيء للبقاء في الحكم، حتى لو كان الثمن هو انهيار منظومة الأمن والسياسة الداخلية، وتصاعد حالة الغليان على الجبهات المختلفة. ومع استمرار حرب غزة وصعوبة تحقيق اختراق عسكري في لبنان، تتضح أكثر ملامح إدارته الفاشلة التي باتت عبئًا على الكيان نفسه.
فضائح وفساد: ساحة نتنياهو المفضلة
لم تقتصر إدارة نتنياهو للصراعات على محاولات “إخماد النيران” داخليًا، بل اعتمد على صناعة الأزمات للهروب من مسؤولياته. فضائح التسريبات القضائية والأمنية كشفت عن مدى هشاشة مكتبه واستغلاله للمعلومات السرية كورقة ضغط ضد الخصوم. بدلًا من أن تكون هذه التسريبات وسيلة لتعزيز الأمن، أصبحت أداة بيد نتنياهو لإبعاد الأنظار عن إخفاقاته في أحداث السابع من أكتوبر، حيث أظهرت التحقيقات تلاعبه بالوثائق الأمنية لتبرئة ساحته من المسؤولية عن هذا الإخفاق الكبير.
إقالة غالانت: دليل جديد على تلاعبه بالمؤسسات
أقال نتنياهو وزير الدفاع غالانت في خطوة وصفها المراقبون الإسرائيليون بـ”الجنونية”. لم تكن هذه الخطوة سوى محاولة لإسكات الأصوات التي عارضت سياساته غير المتزنة، خصوصًا في ظل دعوات غالانت لإعادة النظر في الحرب على غزة وإطلاق سراح الأسرى عبر صفقة تبادل. من هنا، بدت الإقالة كرسالة تهديد واضحة لكل من يفكر بمعارضة رئيس الوزراء، لتتحول الحرب إلى فرصة لتعزيز هيمنته السياسية.
الفشل على جبهتي غزة ولبنان: انهيار استراتيجية “الأمن أولًا”
حاول نتنياهو الحفاظ على جبهة لبنان بوقف إطلاق النار، في محاولة يائسة لتخفيف الضغوط على الجيش وتجنب استدعاء الحريديم للتجنيد، الذي يعد تهديدًا كبيرًا لاستقرار حكومته. لكن هذه السياسات، التي تتسم بعدم الوضوح، قوبلت بمعارضة شديدة داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية، التي اعتبرت أن تردده في اتخاذ قرارات حاسمة يضعف موقف الكيان أمام محور المقاومة.
أما في غزة، فقد أظهرت الحرب استنفاد استراتيجيات نتنياهو التقليدية، حيث لم تنجح عملياته العسكرية في كسر إرادة المقاومة، بل أصبحت سياسة “التجويع للتركيع” التي يتبناها طريقًا طويلًا إلى فشل جديد. فالمقاومة الفلسطينية أثبتت أنها لاعب رئيسي يفرض شروطه ويدير المواجهة بكل اقتدار.
محور المقاومة: كابوس نتنياهو المستمر
مع كل صاروخ يُطلق من غزة، وكل تهديد من حزب الله، وكل تصعيد من جبهات الدعم العراقية واليمنية، يتضح أن محور المقاومة قد تحول إلى قوة متماسكة تربك حسابات نتنياهو. بينما يسعى للتطبيع مع السعودية واستغلال دعم إدارة ترامب المرتقبة، فإن فشله على الأرض يعمّق أزمة الكيان داخليًا وخارجيًا.
إدارة الصراع: تسويات على الورق وأوهام النصر
يحاول نتنياهو تحقيق انتصارات وهمية على الورق، مثل الحديث عن ضم مستوطنات الضفة أو تخفيف الحصار عن مستوطني الشمال، لكنها خطوات تعكس استغلاله للصراعات لترسيخ حكمه، وليس لتحقيق الأمن المزعوم. فالحرب أصبحت وسيلة لإطالة عمر حكومته اليمينية المتطرفة، التي تفضل إبقاء التوتر في المنطقة بدلًا من البحث عن حلول حقيقية.
نتنياهو… بطل الفساد والخذلان
لقد أصبح واضحًا أن نتنياهو يقود الكيان نحو انهيار شامل، داخليًا وخارجيًا. فهو لا يسعى إلا للبقاء في السلطة، مهما كان الثمن، مستخدمًا الفساد، الابتزاز، وسياسات الإقصاء لضمان ذلك. هذا النهج لا يزيد الكيان إلا ضعفًا أمام محور المقاومة، الذي يواصل تحقيق إنجازاته في مواجهة الاحتلال وأعوانه.
المقاومة تتفوق، ونتنياهو في الزاوية
بينما ينشغل نتنياهو بتصفية حساباته السياسية، تستمر المقاومة الفلسطينية واللبنانية، مدعومة بجبهات الدعم الإقليمية، في كسر شوكة الاحتلال. في ظل هذه الظروف، يبدو أن سياسات نتنياهو قصيرة النظر ستقوده إلى مصير مشابه لسلفه أولمرت، حيث لن ينجح في التهرب من المحاسبة ولا من سقوط حكومته، ليبقى محور المقاومة هو الكلمة العليا في معادلة الصراع.