خطة “اللكمة” تتحول إلى صفعة: “إسرائيل” تتخبط على الجبهة الشمالية أمام مقاومة حزب الله

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

في الأسبوع الثالث مما يسميه الاحتلال الإسرائيلي “المناورة البرية لجيشه” جنوب لبنان، يبدو أن خطة “اللكمة” التي أعدها رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي بالتعاون مع قائد المنطقة الشمالية دايفيد غوردين تعثرت أمام تكتيكات ومفاجآت المقاومة اللبنانية، رغم أنها أي “خطة اللكمة” حظيت بوعود كبيرة وطموحات عريضة.

هذه الخطة، التي جاءت كتحديث لخطة “تنوفا” الشهيرة والتي تدرب عليها الجيش الصهيوني بأكمله لثلاث سنوات، لم تحقق حتى الآن أي من الأهداف التي وُعد بها القادة السياسيون والعسكريون في حكومة نتنياهو، ما يثير تساؤلات في الداخل الإسرائيلي حول فعالية هذا النهج، ويضيف فشلاً عسكرياً واستخبارياً جديداً يضاف إلى فشل 7 أكتوبر التاريخي.

مناورات طموحة، نتائج محدودة

منذ البداية، تم الترويج للخطة على أنها “الخطة الانتقالية” الكبرى، والتي ستحقق هدفين رئيسيين: تدمير فرقة الرضوان التابعة لحزب الله، وتحجيم البنية العسكرية للحزب بشكل حاسم.

هذه الأهداف لم تُنفذ بعد، على الرغم من مرور 3 أسابيع على بدء العمليات العسكرية للاحتلال ضد حزب الله جنوب لبنان ورغم الضربات التي وجهها الاحتلال لبنية القيادة في حزب الله على المستويين السياسي والعسكري والتي تبين أنها لم تكن مؤثرة على بنية الحزب ومقاومته التي تمثل خط الدفاع العسكري الأول والوحيد للبنان بأكمله، ورغم تكتيكات الاختراق السريع التي تم تدرب قوات الاحتلال عليها، إلا أن المقاومة اللبنانية أظهرت صمودًا غير متوقع، مما جعل القوات الصهيونية تجد نفسها في موقف محرج أمام مقاومة تبرع في تكتيكات حرب العصابات وتفرض معادلة جديدة على الأرض.

الكوماندوس… وأين النتيجة؟

هناك من يرى من المحللين العسكريين إلى أن جزءاً كبيراً من الفشل الإسرائيلي أمام المقاومة اللبنانية، يعود إلى الاعتماد الزائد على قوات الكوماندوس والقوات الخاصة، التي تم إرسالها لتنفيذ عمليات اختراق عميقة جنوب لبنان بدعم جوي ومدفعي مكثف، ربما على غرار اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982 والذي وصل في اليوم السادس للاجتياح إلى العاصمة اللبنانية بيروت بسبب عدم وجود جيش أو مقاومة تتصدى له حينها. لكن يبدو أن ما واجهته هذه القوات اليوم على الأرض كان غير متوقعاً، حيث تصدّت لها المقاومة بأساليب مفاجئة ونيران دقيقة، مما أفشل تقدم قوات الاحتلال ومحاولات السيطرة على التلال الحاكمة التي يعتبرها كيان الاحتلال حاسمة في أي مواجهة برية مع حزب الله.

تعاون أمريكي؟ ولكن دون جدوى

الخطة الحالية تبدو أيضًا مُطعّمة ببصمات أمريكية، خاصة من خلال دور الجنرال مايك كوريلا قائد القيادة الوسطى الأمريكية، والذي كان له تأثير مباشر ودور فاعل منذ نحو 6 أشهر حين بدأ بالتردد عدة أسابيع متتالية على كيان الاحتلال الإسرائيلي وعقد اجتماعات مكثفة مع قادة جيش الاحتلال ووضع معهم تعديلات خطط جيش الاحتلال على الجبهة الشمالية وتطوير تلك الاستراتيجية التي ظل الاحتلال يبني عليها على مدى 3 سنوات ماضية. ورغم هذا التعاون، إلا أن الخطة البديلة لـ”تنوفا”، المعروفة بخطة “Victory”، والتي بُنيت على فكرة “الفتك السريع”، لم تقدم أي نتائج تُذكر حتى الآن.

حرب نفسية تجرّد من القوة

من الواضح أن العدو الصهيوني يعاني ليس فقط على المستوى الميداني، ولكن أيضًا على الصعيد النفسي. ففشل هذه الخطة، التي كانت تعتبر بمثابة “اللكمة الحاسمة”، يُظهر حالة من الارتباك والتخبط في صفوف القيادات الإسرائيلية. إذ كيف يُعقل أن تخطط لهذه العملية لسنوات، وتجلب جنرالاتك الأبرز وتستعين حتى بالقيادة الأمريكية، ثم تجد نفسك عالقًا أمام مقاومة تعرضت لهزّات متتالية واستطاعت ترميم بنيتها القيادية وتمكنت من إفشال كل محاولات الاختراق؟.

ما يحدث على الأرض في الجبهة الشمالية للاحتلال الإسرائيلي عوضاً عن كونه معجزات إلهية ووعود تتحقق وعد الله بها من يقاتل في سبيله ضد أعداء الإنسانية، فهو أيضاً يُشكل فشلًا استراتيجيًا كبيرًا للاحتلال.

هذا الفشل يرسل رسائل واضحة للعالم ولشعوب المنطقة بأن آلة الحرب الصهيونية ليست كما كانت تُصور دائمًا: قوة لا تُقهر، بل على العكس، تبين أن المقاومة اللبنانية قادرة على تحجيم هذا الكيان وكسر طموحاته، مهما كان حجم الدعم العسكري والتكنولوجي الذي يتلقاه من حلفائه.

المعركة النفسية الحقيقية

بينما تستمر القوات الإسرائيلية في محاولات تعديل خططها والتعامل مع الفشل المتتالي، فإن هذا الوضع يُضعف الروح المعنوية للجنود ويُشكك في جدوى الاستراتيجيات الموضوعة. الخطة التي كانت تهدف في الأصل إلى غزو لبنان والسيطرة السريعة ثم تحوّلت إلى مناورة بريّة في جنوب لبنان كخطوة استباقية للاحتلال في حال فشل في تحقيق أهدافه وتعرض للهزيمة، أصبحت الآن عبئًا نفسيًا على القيادات، حيث أصبح كل يوم إضافي في هذه المعركة يُظهر للعالم هشاشة الكيان الإسرائيلي وقدرة المقاومة على الصمود والمواجهة، بل والكشف عن مفاجآت يخبئها حزب الله وآخرها الاختراق الاستخباري الذي حققه الحزب في صفوف ألوية جيش الاحتلال وأبرزها اختراق لواء غولاني، هذا الاختراق الذي توجته المقاومة أمس بضربة ساحة الطعام في معسكر غولاني في حيفا والتي أدت لمقتل وجرح أكثر من 100 جندي وضابط في اللواء بعد استهدافهم بطائرة مسيرة واحدة استطاع الحزب إيصالها إلى هدفها دون الكشف عنها رادارياً من قبل الاحتلال، وهذه الضربات النفسية الموجهة لجيش الاحتلال تنذر بمزيد من الهزائم التكتيكية والمعنوية له.

هكذا، يتبين أن ما سُمي بـ “اللكمة” لم يكن سوى خطوة متعثرة في ساحة المعركة التي تعد حلقة من سلسلة ممتدة منذ 2006 والتي فقد فيها الاحتلال زمام المبادرة وبدء مسلسل انهيار الردع بفضل جهود وصمود وثبات المقاومة والمحور الفلسطيني المساند لها.

قد يعجبك ايضا