لا تفرحوا ولا تحزنوا.. الأمور لا تزال في بداية بداياتها !
وما يسطرون – محمد بن عامر – المساء برس|
بعد اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الرياض وصنعاء، وتنفيذ بعض بنوده مثل إلغاء الإجراءات الاقتصادية واستئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولي إلى الأدن، وتسيير رحلات جوية جديدة (لم تنفذ عمليًا حتى اللحظة) إلى القاهرة والهند، يتبادر إلى أذهاننا تساؤلات عما إذا كان هذا الاتفاق يبشر حقًا بانفراجة شاملة؟ وهل يجب على المواطن اليمني أن يتفاءل، أم ينبغي عليه التريث؟
من الطبيعي أن يستبشر الناس بهذه الخطوة، وهذا حقهم. لكن من المهم ألا نعلق كل آمالنا على خطوة واحدة، وأن نرفع سقف التوقعات لنقول إن كل شيء سيعود كما كان عليه سابقًا أو إلى الأفضل. فالمخاطر قائمة، وقد يواجه المواطن صدمة إذا تحقق عكس ما كان يأمله، مما قد يؤدي إلى تفاقم مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب، وحتى الاضطرابات النفسية الأخرى.
لننظر في مخرجات الاتفاق. رغم أنها تبعث على الأمل، إلا أنها لا تمثل تسوية شاملة، بل مجرد تجاوز لبعض العقبات التي وضعتها دول التحالف بقيادة السعودية أمام ما تم الاتفاق عليه في العام 2022. وربما قد يشهد هذا المسار تلاعبًا جديدًا كما جرت العادة، ليعود الوضع إلى نقطة الصفر.
لا يمكننا تجاهل أن هذه المفاوضات تأتي بعد سنوات من التعقيد والمراوغة والتسويف، وبالتالي الموافقة السعودية لم تكن لتحدث لولا التقدم الملحوظ في قدرات القوات المسلحة اليمنية، مدعومة بتطور ترسانتها العسكرية، وتهديدات قائد الأنصار بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية، والمساعي الأمريكية لخفض التصعيد خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على الحديدة بيد أن واشنطن منشغلة بالانتخابات وتعتمد على عامل كسب الوقت، وهو المسار الذي تحاول الرياض التموضع حوله، لأن عرقلة سير المباحثات يخدمها في الوقت الحالي لعدة اعتبارات منها الانتخابات الأمريكية، وحتى يتمكن ترامب من الفوز بالرئاسة الأمريكية، والتفرغ لملف اليمن.
وهناك أيضًا معطيات سلبية مثل إصرار السعودية إلى تسويق نفسها كوسيط، لا كطرف تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في اليمن. وهذا الأمر من شأنه أن يعيق تقدم المفاوضات الجارية حاليًا برعاية أممية.
عمومًا، لست هنا بصدد استباق الأحداث أو لإحباط آمال السلام، فنحن جميعًا نُريد ذلك. لكن، ينبغي أن نكون واقعيين في تقييمنا للأوضاع والواقع، وأن نكون مُستعدين لكل السيناريوهات المحتملة وغير المحتملة حتى لا نُفاجئ بانسداد الأفق والدوران بنفس الحلقة المفرغة أو إندلاع الحرب من جديد وبوتيرة أكثر حدة. كل شيء وارد، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية، حيث بات اليمن يلعب دورًا محوريًا في معركة “طوفان الأقصى”.