أنصار الله يوضحون للمعترضين: أسباب إحياء يوم الغدير “سياسياً”
المساء برس – خاص/ بعد الهجوم الذي شنه ناشطون في كل من حزب الإصلاح وحزب المؤتمر على جماعة أنصار الله “الحوثيين” بسبب إحيائهم لذكرى يوم الغدير التي تعترف بها جميع الطوائف والمذاهب الإسلامية، يحاول أنصار الله الرد على هذا الهجوم بمقالة يبدو وكأنها بتوضيح للمفهوم والمقصود من إحياء هذه المناسبة.
اختارت الجماعة شخصية قيادية لكنها غير معروفة ولا تظهر على وسائل الإعلام بشكل كبير، إنه رفيق درب حسين الحوثي والرجل الثاني بعده “يحيى قاسم ابو عواضة” الذي كتب مقالة بعنوان “لماذا نحيي بيوم الغدير؟” سرد فيها شرحاً للمناسبة ونقاط الخلاف في حادثة “غدير خم” بين المذاهب الإسلامية المختلفة وبقية الطوائف.
ويقول أبو عواضة إن يوم الغدير “ليس مناسبة لطائفة معينة وما حدث فيه أيضاً ليس خاصاً بالإمام علي عليه السلام وبالجيل الأول وإنما هو مناسبة إسلامية ترتبط بالأمة إلى يوم القيامة” ويضيف أن أول من أحياها هو رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم “بأمر الله سبحانه بإجماع المسلمين”.
ويؤكد أبو عواضة أنه “ليس هناك أحد من المؤرخين أو المحدثين ينكر ما حدث في الثامن عشر من ذي الحجة السنة العاشرة للهجرة في حجة الوداع في غدير خم” وأن الخلاف فقط كان في مدلول قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”.
يقول أبو عواضة على لسان جماعته إنهم يعتقدون أن الرسول في هذا اليوم رسم المسار السياسي للأمة إلى يوم القيامة، على اعتبار أن المعايير والمواصفات التي كان يتصف بها الإمام علي هي ما يجب أن تتوفر في من يتولى أمر الأمة الإسلامية، ومن وجهة نظر حديثة وعصرية فإن ما يقصده “أبو عواضة” إن الشروط الواجب توافرها في من يترشح لمنصب رئيس الجمهورية هي ما كانت متوفرة في شخصية الإمام علي كرم الله وجهه، وهذا لا يقدح أو يجرح من بقية الخلفاء الراشدين “أبو بكر وعمر وعثمان” رضي الله عنهم.
ويشير يحيى قاسم ابو عواضة في مقاله أن تركيز جماعته لهذا الأمر يأتي في إطار الرؤية المتكاملة لإصلاح وضع الأمة التي تبدأ بإصلاح الحاكم، حيث يقول “من يتأمل في واقع الأمة اليوم يجد أن معاناتها في ماضيها وحاضرها هو من هذا الموقع من حكامها الضعفاء الجبناء الجهلة الذين لا يهمهم إلا مصالحهم ولو على حساب شعوبهم”.
وضرب القيادي في جماعة أنصار الله مثالاً على ما يحدث حالياً في الوطن العربي قائلاً “لاحظوا معي زعماء أمتنا بعد تحرك أمريكا لاحتلال منطقتنا ماذا كان موقفهم؟ بدلاً من العمل على حماية شعوبهم من هذا الخطر الكبير الذي يستهدف الأمة في كل شيء، حتى في وجودها، ذهبوا إلى أمريكا ليقدموا أنفسهم جنوداً لها لضرب كل من يتمرد ويرفض ما تريده أمريكا بهذه الشعوب”.
في اليمن أصبح من المؤكد أن الحرب التي تشنها دول التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات تأتي في إطار ضرب كل من يتمرد على السياسة الأمريكية في المنطقة، وهذا ما يبرره القيادي في أنصار الله “أبو عواضة” بتساؤله: “ما الذي عملنا بالنظام السعودي والإماراتي والمتحالفين معهما حتى يشنوا علينا هذا العدوان؟ أليس استجابة لأمريكا؟ ما الذي قد عملناه بالشعب السوداني حتى يديروا ظهورهم لإسرائيل التي تضربهم بين حين وآخر ويأتوا لحربنا؟”.
ويؤكد أبو عواضة مرة أخرى أن “كل ما يحصل هو من الحكام الذين جندوا أنفسهم لأمريكا. فقدموا أمتنا ضعيفة ولديها كل مقومات القوة، طلعوا أمة القرآن أغبى أمة في أزهى عصور الدنيا، أمة ممزقة رغم كل ما تمتلكه من عوامل التوحد!”، ثم يعود من جديد إلى يوم الغدير الذي يقول إن فهم ومعرفة ما حدث في يوم الغدير لأمكن للأمة الإسلامية فهم المعايير القرآنية لمن يتولى أمر الأمة، لافتاً إلى أن هذه المسألة ليست حكراً ومقتصرة على الجيش الأول بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بل إنها “تمتد إلى يوم القيامة”.
وفي نقطة مهمة جداً، وهي ما يتم استغلالها حالياً لتهييج الشارع ضد جماعة أنصار الله، يقول أبو عواضة “نحن عندما نحيي هذه المناسبة فليس الغرض نبش قضايا تاريخية لا علاقة لحاضرنا بها وإنما لها علاقة أساسية بما تعانيه أمتنا اليوم فنحن بأمس الحاجة إليها فلا مخرج للأمة مما تعانيه إلا بالعودة إلى ما قدمه الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربه في هذا اليوم العظيم فنعرف من هو الجدير بأن يلي أمرنا وفق المعايير والمواصفات الإيمانية التي عرف بها الإمام علي عليه السلام”.
“أطع الأمير وإن قصم ظهرك”
ويلفت أبو عواضة الانتباه إلى ما تم تقديمه للأمة بدلاً عن الولاية ولكن تحت عناوين أخرى استخدمها الآخرون لأغراض سياسية، حيث يقول “ما الذي قدم لنا بدلاً عن الولاية بمعاييرها ومواصفاتها التي قدمت في مثل هذا اليوم؟ ألم يقدم بدلاً عنها ثقافة أطع الأمير وإن قصم ظهرك؟ فحكم الأمة السفهاء والفاسدون والعملاء والطواغيت وفعلاً قصموا ظهر الأمة وأوصلوها إلى ما وصلت إليه اليوم”.
ويضيف القيادي في أنصار الله في ختام مقالته بالقول “في هذه المرحلة تم تحديث هذه الثقافة إلى أطع امريكا وإن احتلت بلدك ونهبت ثرواتك وانتهكت عرضك! أليس هذا ما يراد لشعوبنا اليوم؟ ثم أليس في هذا ما يجعلنا نعود إلى ثقافة الولاية التي قدمت في يوم الغدير؟ فنصحح واقعنا أو فلتنتظر أمتنا المزيد من الذلة والهوان وتنتظر أن تسحق وتسحق وتسحق تحت أقدام الأمريكيين والإسرائيليين”.
“حسن الصعدي يتحدث عن الغدير والطائفية”
جاء في مقالة للقيادي في جماعة أنصار الله حسن الصعدي مايلي:
“الحديثُ عن يوم الغدير وإحياؤه لا علاقةَ له بدعاوى العنصرية والطائفية مطلقاً.. ولكن الأمرَ في الحقيقة أننا بحاجة ماسّة لتصحيح العلاقة بأهل البيت وفهم شخصية الإمام علي، فقد عملت السلطات الظالمة في تأريخها المليء بالعورات والمساوئ على إفساد هذه العلاقة من خلال التشويه وتزوير التأريخ والعبث بالروايات والحد من الاستفادة من القُرْآن وتحويله إلى نصوص جامدة تستخدم في المناسبات وللاستشفاء!!
ولعل دعاوى الطائفية والعنصرية والسلالية والمذهبية التي تفتك بمجتمعاتنا هي ثمرة مساعي أولئك وعملهم الدؤوب على إبعاد الأُمَّـة عن كتابها وعن عترة نبيها صلى الله وسلم عليه وعلى آله.
ومن غير الصواب بل ليس من المنطق ونحن في إطار سعينا للحق وللحقيقة أن نقعَ في شراك الساعين لبث الفُرقة وإثارة الفتن والصراعات تحت مسمى الطائفية والعنصرية وغيرها، فنستجيب لتلك الدعوات ونتخذ مواقفَ سلبيةً من كُلّ دعوة إلى قراءة جديدة للواقع لا تستبعدُ تأريخَ أهل البيت ولا سيما تراث وسيرة الإمام علي، فنكونُ بذلك قد حققنا مشروع الشيطان في العداوة والبغضاء والسوء والفحشاء والقول على الله بغير علم، ونكونُ بذلك قد قدمنا كذلك خدمة مجانية لأعدائنا وأعداء ديننا وأُمّتنا.
إن النظرة الضيقة لتأريخ وسيرة الإمام علي هي دليلٌ واضحٌ على خلل كبير في منهج التفكير وأَدَوَات المعرفة لدى من يحمل هذه النظرة ويتعاطى من خلالها مع تأريخ كبير من العلم والفلسفة والحكمة ومعين من قيم الرحمة والإنْسَانية والعطاء وفيض من معاني الرجولة والشهامة والشجاعة والصدق والثبات.
إن هذه المناسبةَ فرصةٌ للمراجعة الحقيقية والصادقة وليست مدخلاً إلى تأجيج الصراع وتعميق الخلاف والفرقة بحال من الأحوال”.
انتهت المقالة