بعد هروب “آيزنهاور” الجيش اليمني يقلب موازين القوى في البحر الأحمر ويُبهر خصوم واشنطن
صنعاء – المساء برس|تقرير: يحيى محمد الشرفي|
لفتت هجمات الجيش اليمني على سفن الملاحة المرتبطة بكيان الاحتلال الإسرائيلي أو التي لا تزال تقوم بالشحن نحو كيان الاحتلال إضافة للهجمات ضد سفن حربية أمريكية وبريطانية وأوروبية، انتباه العالم إلى أن الجيش اليمني في عهد سلطة أنصار الله وحلفائهم وبعد أن رفعواويد الهيمنة الخارجية عن اليمن منذ اواخر سبتمبر ٢٠١٤ أصبح هذا الجيش قوة ضاربة لا يستهان بها، وأن اليمن الذي كان يُرى إليه بأنه بلد ضعيف استطاع ان يوجه ضربة قاصمة للتجارة العالمية بهدف الضغط على القوى الغربية توجيه كيان الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانه ورفع حصاره عن قطاع غزة والانسحاب منها.
الهجمات وأسلحتها
استخدم الجيش اليمني في هذه الهجمات ٤٠٠ طائرة بدون طيار، وأكثر من ٣٠ زورقاً مسيراً هجومياً، وأكثر من ١٥٠ صاروخاً باليستياً، وأكثر من ١٥ صاروخاً مجنحاً (كروز)، وأكثر من ١٠ صواريخ مضادة للسفن، وقد أدت هذه الهجمات إلى قطع الملاحة الإسرائيلية عن المرور من البحر الأحمر نهائياً منذ ما قبل ٧ أشهر إضافة إلى استهداف كل السفن التجارية المملوكة للولايات المتحدة الأمريكية أو المملوكة لبريطانيا وذلك رداً من اليمن على قيام أمريكا وبريطانيا بتنفيذ عدوان عسكري على اليمن لمنعه من مهاجمة سفن كيان الاحتلال الإسرائيلي، والان السفن التي تذهب إلى موانئ فلسطين المحتلة عبر البحر الأبيض المتوسط يتم استهدافها كنوع من زيادة الضغط والتصعيد ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي مقابل استمرار عدوانه وتصعيده ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وبالطبع وبحسب البيانات الرسمية المعلنة على لسان المتحدث الرسمي باسم الجيش اليمني العميد يحيى سريع، فقد أدت هذه الهجمات على الأقل إلى إغراق سفينتين وإعطاب ما لا يقل عن ٣٠ سفينة أخرى بالإضافة إلى أول عملية للبحرية اليمنية والتي أدت إلى الاستيلاء على سفينة شحن سيارات مملوكة لكيان الاحتلال الإسرائيلي (جلاكسي ليدر) وقطرها من شمال البحر الأحمر إلى السواحل اليمنية، وحجزها في اليمن مع طاقمها ووضع أمر السفينة بيد المقاومة الفلسطينية لتتصرف فيها كيفما تشاء أثناء المفاوضات مع العدو الإسرائيلي.
تفاصيل وأبعاد الهجمات
تعكس هذه الهجمات قدرة القوات المسلحة اليمنية على إنتاج واستخدام أسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية التي وبشهادة القادة الأمريكيين في البنتاغون وفي مختلف وزارات دفاع الدول الكبرى يكون اليمن اول بلد في العالم ينجح في استهداف أهداف متحركة في البحر باستخدام صواريخ باليستية نظراً لتعقيدات حساباتها الرياضية قبل تنفيذ أي عملية، منها حساب النقطة الحقيقية التي سيصل إليها الصاروخ بعد سقوطه وهندسة هذه العمليات الحسابية بما يحقق نتيجة استهداف الهدف المتحرك في البحر بعد حساب سرعته وزاوية اتجاهه وسرعة الصاروخ للوصول لهدفه وسرعة دوران الكرة الأرضية التي ستغير من موقع الهدف من نقطة تحديد موقعه أثناء إطلاق الصاروخ إلى نقطة تواجده أثناء وصول الصاروخ وحساب زمن وصول الصاروخ من لحظة انطلاقه إلى وصوله لهدفه، والذي يتراوح في معظم العمليات اليمنية التي جرت ضد سفن محظورة في خليج عدن – على سبيل المثال – ما بين ساعو ونصف إلى ساعتين، وللمسافات الأبعد قد يتراوح زمن وصول الصاروخ ما بين ٣ إلى ٤ ساعات وهذه الأرقام التقريبية بالنسبة للصواريخ الباليستية العادية أما بالنسبة للصواريخ الجديدة التي باتت القوات اليمنية تمتلكها وهي الصواريخ الفرط صوتية الباليستية فإن الحسابات هنا تختلف قليلاً.
وبالإضافة إلى الصواريخ الباليستية هناك أيضاً الصواريخ المجنحة، والطائرات المسيرة، والزوارق المسيرة والغواصات المسيرة، وكل هذه الترسانة من الأسلحة اليمنية واليمنية الصنع كلياً، يؤكد خبراء عسكريون في عدد من الدول الكبرى والتي تتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية وتسابقها عسكرياً، يؤكدون أنه أمر لم يكن متوقعاً أن يروه يأعينهم من بلد كاليمن الفقير والذي أنهكته حرب العشرية السابقة، لكن ما أذهل الجميع، هو احتراف القوات اليمنية وإتقانها لإنتاج صواريخ باليستية قادرة على ضرب أهداف بحرية متحركة وبدقة عالية جداً وهو أمر لم يحدث من قبل ولم تقم به أي دولة في العالم من قبل وهذا يعطي اليمن أسبقية عالمية في استخدام هذه التقنية في الحؤوب البحرية، فبالإضافة لما سبق شرحه من تعقيدات عملية تحديد هدف الصاروخ الباليستي هناك أيضاً أنظمة اتصالات وأنظمة ملاحية دقيقة جداً يجب امتلاكها لدى القوة العسكرية التي تستخدم باليستي لضرب هدف متحرك وبحري، وامتلاك اليمن لهذه التقنية وأيضا إنتاج صواريخ باليستية قادرة على ضرب أهداف متحركة في البحر وعلى مسافات بعيدة جداً، يشير حسب خبراء عسكريين روس وصينيين إلى تقدم تقني ملحوظ لدى الجيش اليمني.
ردود الفعل الأمريكية
على الرغم من أن الولايات المتحدة أطلقت عملية حماية بحرية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، متعددة الجنسيات وأرسلت حاملة الطائرات آيزنهاور إلى المنطقة، إلا أن القوات اليمنية لم تكتفي فقط بمهاجمة السفن التجارية المحظورة بل وتجرأوات على مهاجمة السفن الحربية الأمريكية بما في ذلك شن ثلاث هجمات متتالية في أقل من شهر على حاملة الطائرات آيزنهاور. ولم تقم الولايات المتحدة بأي عمليات عسكرية كبيرة ضد المناطق التي تسيطر عليها قوات الجيش اليمني في اليمن، بل اكتفت بإجراء مناورات بحرية مشتركة مع البحرية الإيطالية، ومناورة أخرى مع السعودية ومحاولة التصدي لبعض الهجمات اليمنية ضد السفن التجارية المحظورة وفي أصعب الأحوال يقتصر عمل اقطع الحربية الأمرسكية على إخماد الحرائق في السفن التي يتم استهدافها، وإسعاف السفن الحربي الأخرى أثناء تعرضها لهجوم من اليمن كما حدث مع السفينة الحربية الدنماركية التي استنجدت بالسفينة الحربية الأمريكية يو إس إس كارني إنقاذها من الهجمات اليمنية بعد تعطل نظام الدفاعات بالكامل على متنها ولمدة نصف ساعة كاملة وفشلها من أن تتمكن حتى من التصدي للطائرات المسيرة اليمنية لتضطر لطلب النجدة من السفينة كارني ريثما تنسحب من موقعها وتبتعد بعيدا شمال البحر الأحمر هرباً من أسلحة اليمنيين التي يصفها الأمريكيون في البنتاغون بأن هجماتها متهورة.
الانسحاب الأمريكي
في 22 يونيو، أعلنت القوات اليمنية عن هجوم آخر على حاملة الطائرات آيزنهاور، ولم ترد الولايات المتحدة إلا بسحب الحاملة إلى الشمال متجهة إلى الميناء. ورغم أن الأمريكيين وصفوا هذه الخطوة بأنها جزء من إعادة التموضع العادية، إلا أن هذا الانسحاب يعتبر اعترافًا ضمنيًا بالفشل والهزيمة وهذا ما يراه العسكرون في روسيا والصين وبعض الدول الأوروبية.
تأثير الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر
شهدت خطوط الملاحة في البحر الأحمر انخفاضًا بنسبة 90% في حجم النقل، وسيطر الجيش اليمني على مضيق باب المندب والبحر الأحمر بشكل فعلي، مما يعكس فشل الولايات المتحدة في الحفاظ على هيمنتها في المنطقة.
المنافسة العالمية
يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تفقد سيطرتها على الأوضاع في الشرق الأوسط، وبينما تواصل تركيزها على مضيق تايوان للضغط على الصين في سياق الصراع الأمريكي الصيني الممتد إلى الصراع الاقتصادي بينهما. ومع ذلك، فإن تأثيراتها في البحر الأحمر تكشف عن ضعف متزايد في قدرتها على السيطرة، ولهذا تنظر الصين إلى ما يحدث في البحر الأحمر بتعجب واستغراب من قدرات اليمنيين وفرحة وسخرية من الهزيمة الأمريكية التي كانت الصين تعتقد أنها قوة عظمى وتتخوف من مجابهتها عسكرياً في البحر.
مستقبل القوات الأمريكية في المنطقة
بعد مغادرة حاملة الطائرات آيزنهاور، من المتوقع أن ترسل الولايات المتحدة حاملة الطائرات روزفلت لتحل محلها، لكن من الواضح أن التوترات في البحر الأحمر تمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة، وتعكس تغيرًا في موازين القوى في المنطقة، وأن ما حل بآيزنهاور سيحل مثله أو أكثر بروزفلت.