العليمي غير معني باتفاق الرياض ولم يوقع عليه مع الانتقالي
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
برز الخلاف مؤخراً بين رشاد العليمي رئيس المجلس القيادي الذي أعلنته الرياض في أبريل 2022 وبين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، بسبب تراجع الإيرادات بشكل حاد وانعكاس هذا التراجع على العلاقة بين مكونات حكومة التحالف السعودي الإماراتي التي عادت من جديد للتصارع فيما بينها على هذه الإيرادات.
وبعد قرار حكومة صنعاء في أكتوبر 2022، بعد 6 أشهر على إعلان الهدنة التي وقعت بينها وبين الرياض، والقاضي بمنع تصدير النفط الخام اليمني من مناطق سيطرة التحالف السعودي جنوب وشرق اليمن والتي يتم نهبها دون أن يستفيد منها الشعب اليمني بما في ذلك في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف، حيث كانت تورد عائدات النفط الخام المباع إلى البنك الأهلي السعودي وتصرف لاحقاً تحت إشراف السفير السعودي محمد آل جابر الذي كان يرأس لجنة خاصة بهذا الشأن يشترك في عضويتها محافظ مركزي عدن، بعد ذلك القرار انقطعت جزء من إيرادات حكومة التحالف التي كانت تصرفها لهم السعودية وهي جزء من إيرادات النفط الخام، وإزاء هذا الانقطاع عاشت ولا تزال حكومة التحالف أزمة إيرادات أدى إلى تنامي الصراع على الأموال من جديد بين القوى التابعة للتحالف السعودي.
وكجزء من هذا الصراع، لجوء أحمد عوض بن مبارك، رئيس حكومة التحالف، إلى تقليص نفقات حكومته على شراء وقود المحطات الكهربائية من خلال فتح المجال للمنافسة بهدف الحصول على عروض بأسعار مخفضة بدلاً من تلك التي يحتكر المجلس الانتقالي شراءها وبيعها لحكومة التحالف بفوائد مضاعفة.
غير أن حصول الانتقالي على فوائد مضاعفة من تجارة وقود المحطات الكهربائية هو جزء متفق عليه بين المجلس الانتقالي الجنوبي من جهة وما كان يسمى (الشرعية) من جهة في إطار ما أطلق عليه بـ”اتفاق الرياض” 2019.
ففي مقابل حصول الانتقالي على احتكار استيراد وقود المحطات الكهربائية، حصلت الأطراف الأخرى على حصص إيرادية وملفات احتكار أخرى، وبالطبع كان الاتفاق على احتكار تقاسم الإيرادات سرياً ولم يكشف عنه أي طرف من أطراف اتفاق الرياض رغم خصومتهم ضد بعضهم البعض وتصاعد وانخفاض الصراع فيما بينهم، وظل الأمر سرياً لأنهم جميعاً كانوا مستفيدين ويتقاسمون ملف الأموال والإيرادات، حتى تمت الإطاحة بمعين عبدالملك من منصب رئيس الحكومة والتي استمر فيها منذ منتصف أكتوبر 2018 حتى 5 فبراير 2024 بعد تعيين أحمد عوض بن مبارك بتدخل مباشر من السفير الأمريكي لدى اليمن.
كان ذلك هو الوضع الذي ساد بين أطراف حكومة التحالف السعودي منذ إعلان اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 حتى عودة الصراع بين السعودية والإمارات بعد أزمة واحة الياسات التي أعلنتها الإمارات محمية إماراتية واحتجت على ذلك بشكل رسمي السعودية بتقديمها شكوى ضد الإمارات لدى الأمم المتحدة.
ولكون جنوب اليمن واحدة من ساحات الصراع الخفي بين السعودية والإمارات، على الرغم من أنهما شركاء الحرب على اليمن منذ مارس 2015 تحت ما أطلق عليه (تحالف دعم الشرعية)، فقد استخدمت السعودية أوراقها جنوب اليمن لضرب الإمارات من خلال ضرب أبرز أدوات أبوظبي وبدء التضييق عليها فكان أبرز ملف لتحقيق ذلك هو الملف العسكري والملف المالي، وعلى الرغم من أن الملف العسكرية لم يحسم الأمر فيه كلياً في اتفاق الرياض إلا أن ذلك لم يمنع حينها من شمول الاتفاق تقاسم السيطرة العسكرية في بعض المناطق الجغرافية جنوب اليمن وتأجيل حسم الصراع في بقية المناطق خاصة الشرقية الغنية بالنفط، أما ما يتعلق بالملف المالي والإيرادات فالمرجح أن الاتفاق على هذا الملف قد شمله اتفاق الرياض الذي أعطى أبرز أطراف الصراع حينها حصصهم ورسم خارطة النفوذ المالي لكل طرف.
مناورة السعودية ضد الإمارات جنوب اليمن تبدو مختلفة هذه المرة عن المناورات السابقة، فبينما كانت في السابق تناور في مساحات لم يحسم الجدل والاتفاق بشأنها جنوب اليمن، مثل مناوشات الصراع العسكري في المناطق الشرقية ووسط الجنوب، دخلت السعودية هذه المرة لتناور في مساحة خاصة بالانتقالي وفي ملفات متفق عليها بأنها من حصة المجلس الإماراتي، وهو الملف الإيراداي الخاص بالانتقالي، من خلال بدء تضييق الخناق عليه وحرمانه من احتكار توريد وقود المحطات الكهربائية التي يستفيد منها من خلال فرض فوائد مضاعفة بعد بيعها على حكومة التحالف، حيث بدأ رئيس حكومة التحالف بن مبارك بفتح المجال لاستيراد وقود المحطات عبر مناقصات معلنة وعامة وإلغاء احتكار الملف على الشركات التابعة لقيادات الانتقالي.
ذلك يعني أن العليمي وبن مبارك دخلا في المحظور وتجاوزا الخطوط الحمراء، لأن ذلك يعتبر خروجاً عن ما تم الاتفاق عليه في “اتفاق الرياض”، غير أن العليمي وبن مبارك لن يقدما على خطوة كهذه إلا بضوء أخضر من الرياض، الأمر الذي يعني أن أطراف الصراع في المجلس القيادي الرئاسي تخوض خصوصاً السعودية وأدواتها تخوض معركة كسر عظم ضد الإمارات وأدواتها.
وعلى الأرجح فإن العليمي وبن مبارك يستندان (في الظاهر) في خطواتهما إلى كونهما يعتبران خارج اتفاق الرياض، ولم يشاركا فيه أو يوقعا عليه، وهذا مبرر العليمي في خطواته المدفوعة سعودياً ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، والواضح أن السعودية هي من أتاحت للعليمي مواجهة الانتقالي على هذا الأساس وهو “عدم علاقة العليمي أو بن مبارك باتفاق الرياض” وبالتالي فإن أي خطوات تجاه الانتقالي ليست مقيدة أو خاضعة لإطار اتفاق الرياض.