“تدّ قدمك وارم ببصرك أقصى القوم”
وما يسطرون – جلال زيد – المساء برس|
“تدّ قدمك وارم ببصرك أقصى القوم” .. كانت هذه وصية أمير المؤمنين (ع) في إحدى المعارك التي خاضها مع اعداء الإسلام آن ذاك لأحد ابنائه، وتعتبر هذه الوصية بمفهومها العمومي والشمولي قاعدة جوهرية واساسية لكل حركة سياسية أو جتماعية أو عسكرية ولأي مجتمع أو حكومة، تضمن للعامل بها ديمومة السير باتجاه الهدف وفق المخطط له دون انحراف او فقدان للتوازن وتضمن ايضا نجاح الوصول إلى الهدف المطلوب. ولعكس هذه القاعدة على حاضرنا فهذه الحكمة العلوية تقول بأنه لابد من تحقيق شرطين في الحركة المقتدرة والقادرة وهذا ما ينبغي على ثورة ال21 من سبتمبر فهمه والعمل عليه.
الأولى : تهيئة الأرضية والدعامة الصلبة “الشعبية والإجتماعية…الخ” الثابتة التي يُستند عليها وتمكننا على الثبات في المواقف ما يضمن عدم انهيارها بنا أو تزلزها. وهذه الأرضية اليوم نستطيع القول عنها أنها الجبهة الداخلية وطبيعة العلاقة القائمة بين الشعب والحاضنة بقيادته السياسية والثورية . وفي ظلّ هذه الظروف الإستثنائية التي تمرّ بها المنطقة عموماً واليمن خصوصاً مع الإشارة للدور اليمني القوي في المنطقة فإن كلّ ما قد يُحدث شرخاً أو تصدعاً في الجبهة الداخلية من قبل سياسة وإدارة الحكومة بمختلف وزاراتها وإداراتها يُعد خطراً استراتيجياً وتهديداً جدياً يستهدف الجبهة الداخلية ويزعزع الأرضية التي تستند عليها الثورة والثوّار ، إذ كلما فقدت الإدارة ثقة الشعب والحاضنة كلما استطاع العدو النفوذ إلى العمق لكيّ الوعي الاجتماعي تفتيت عوامل الصمود والصبر والقوة من الداخل ومحاولة حرفه عن المسير المحدد والهدف المنشود.
ما يعني أن كلّ مظاهر الفساد الإداري والقضائي وو.. الخ يخدم بالدرجة الأولى العدو وأدواته المحلية والإقليمية بقصد أو بدون قصد، وهو الجزء الأخطر من الحرب الناعمة التي يشنها العدو علينا ، فتعزيز وجود الفساد الإداري والسياسي والقضائي ..وتجذيره ، والتركيز عليه هو ما يحقق للعدو الهدف الأكبر لضرب الجبهة الداخلية ونزع ثقة الشعب بحكومته.
فـ (تدّ) قدمك( ثبت قدمك) تعني تهيئة الساحة الثابتة والمرتكز القوي وقاعدة الإنطلاقة المنيعة نحو الهدف ، وكل قاعدة ومرتكز ضعيف قد يسقط في أي وقت . وصناعة مثل هكذا أرضية يحتاج إلى قدرة عالية من الحكمة والدراية والوعي والبصيرة. والكثير من العمل الدؤوب والأهم من ذلك القدرة على المحافظة عليها.
نعم قد تظهر الكثير من الملابسات التي قد يثيرها البعض حول هذا الموضوع كالحديث مثلاً أننا نواجه عدواً خارجياً متناسياً أن العمل على الإصلاحات ومكافحة الفساد هو الجزء الأهم في مواجهة العدو الذي فقد القدرة العسكرية للمواحهة المباشرة ويسعى دائماً لضرب الداخل وزعزعة الجبهة الداخلية وأيضاً قد لا يفهم قول الله جلّ وعلا في محطم كتابه “وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ” فلا يحق للمؤمنين والمجاهدين مجابهة وراء العدو الخارجي متناسين جبهتهم الداخلية والتي منها تنطلق كل التحركات .
نعم نحن في ظرف حساس جداً يتطلب الحزم والحكمة لإصلاح الأوضاع الداخلية قبل فوات الأوان . والمتابع البسيط والمواطن العادي حين يجد قضايا تمسّ الأمن والسلم الإجتماعي عموماً لاتقوم الحكومة ودوائرها بمعالجتها بشكل جيد وحاسم يفقد الثقة تدريجياً بالحكومة والقيادة الثورية وقد ينساق بعدها لمؤامرات العدو بصورة لا إرادية. ولا يقول أحد أنني أتجنى مثلاً أو اكتب كلاماً استعراضياً فعن تجربة خاصة أحمل ملفاً لقضية تمسّ أمن واستقرار المجتمع لم يتم حسمها بل وساعدت الحكومة للأسف في تقويتها من خلال عدم الاستماع لأصوات الناس المظلومة. وكذا ققضية المبيدات المسرطنة وغيرها من القضايا الكثير والتي يعيشها المواطن داخلياً ويعاني منها. ناهيك عن التدهور الاقتصادي الذي لم تقدم له أية حلول فاعلة وناجعة منذ سنوات !. وعلى الإدارة والحكومة أن تعي جيداً أن الصحفي والإعلامي (المغرض) لا يُلام على مهاجمته للحكومة مادامت هذه الحكومة تقدم له المعول لهدمها والمبرر لنقدها.
وعلى الإعلامي (الوطني) المجاهد أن يكون ناقداً للأخطاء بما يحمله معنى النقد في تقديم الحلول ومعالجة المشاكل لا أن يكون ساكتاً عن الفساد والخطأ أو أداةً طيعةً بيد المسؤول الفلاني لتلميعه وتنصيع صورته أوقلماً مأجوراً لمن يدفع أكثر والسلام .