إنزالات جوية في غزة.. إنقاذ أم غطاء لاستمرار الحصار؟
عبدالحميد شروان – وما يسطرون|
لماذا الإنزالات الجويّة الاستعراضية في غزة التي بادرت لها دول الطوق بضوء أخضر “إسرائيلي” وتبعتها الولايات المتحدة، ولماذا لم يختصروا الكلفة، ويوسّعوا الفائدة على نحو أكبر من خلال إدخال المساعدات عبر المنافذ البرية؟
ولماذا الكيان لم يتحسس الكيان من هذه الإنزالات، كمثل تحسسه من المساعدات العالقة عبر المنافذ إذ يخلق العوائق لمنع دخولها، وإن أدخل عددً من الشاحنات، يفرض إجراءات معقّدة ومطوّلة بذريعة التفتيش التي تأخذ يومًا كاملاً للشاحنة الواحدة؟
فيما لم يهتم أو يفرض إجراءات مثلها لتفتيش المساعدات التي يتم إلقائها عبر الإنزالات؟ ولماذا يخشى إدخال السلاح -مثلًا- من خلال المساعدات القادمة من المنافذ ولا يخشى إدخالها من الجو عبر الإنزالات، مع أن من ألقاها من الجو هو نفسه من تتكدّس عنده المساعدات في البر، فضلا عن أن الأخيرة تخضع أيضًا لتفتيش اللجنة الأممية، أما التي تلقى من الجو لا تخضع لأي تفتيش!؟
ومن ضمن حجج الكيان لعرقلة دخول شاحنات المساعدات من معبر رفح، قوله إنه يخشى أن تصل المساعدات المساعدات لحماس، فهل عملية إلقاء المساعدات جوًا العشوائية ستضمن له عدم وصولها لحماس؟
مصر أيضًا، تقدم حجة أنها لو قامت بإدخال المساعدات برًا، ستقصف “إسرائيل” الشاحنات، إذًا لماذا لم تسقط الأخيرة الطائرات التي تلقي المساعدات؟
في البدء يجب أن يفهم الجميع أن ما يتم إنزاله جوًا، لا يساوي 0,1% من حاجة أبناء القطاع من غذاء ودواء وغيره، بل أن كل ما تم إلقائه من مساعدات من الجو لا يساوي حمولة شاحنتين، فضلًا عن تلف جزء منه في البحر وفي البر بعد ارتطامه بالأرض، إضافة لما يخلقه من تدافع وتنازع بين الناس وعدم التوزيع العادل بينهم.
لكن الأثر الإعلامي له كبير، وما لذلك الأثر من انعكاسات على الجوانب العسكرية والسياسية والحقوقية، بما يخدم العدو طبعًا، لا أهل غزة.
إذ تنقل مسرحية الإنزالات فكرة وتكرّسها تتمحور حول أن الحصار لم يعد قائمًا، وقد تم إدخال المساعدات وبمشاركة الكيان نفسه، الذي أعلن أن عمليات الإنزال تمت بتنسيق مشترك بينه وبين مصر والأردن والولايات المتحدة وفرنسا، للإشارة بأنه لا يوجد حصار والدليل أنهم أنزلوا المساعدات جوًا ورآها العالم أجمع وبمشاركة دول عربية، رغم أنه لا فائدة تذكر في هذه الإنزالات!
وبالتالي، استمرار الحصار وخنق أهالي القطاع، دون تشكيل أية ضغوط عليه، ويعطيه حجة للهروب من جريمة الحرب المتمثلة في الحصار، بمنع إدخال الغذاء والدواء من الوصول إلى المدنيين، الذي يجرّمه القانون الدولي، ليستكمل بعدها مخططه الوحشي في الإبادة الجماعية بالنار والجوع على مرأى ومسمع من العالم وبتواطؤ رخيص -للأسف- من دول عربية شاركته في هذه المسرحية الهزليّة.
وتسعى أميركا أيضًا لتخفيف الضغوط عليها والسخط الكبير المتنامي ضدها دوليًا على خلفية مشاركتها وإدارتها لهذه الحرب الوحشيّة قتلًا وحصارًا، عبر إعلان بايدن عن مشاركتهم في هذه المسرحية السمجة تحت عنوان الإنزالات الجوية للمساعدات.
وهو ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن “الإنزال الجوي للمساعدات يتماهى مع سياسة الاحتلال بتعزيز التجويع وشراء الوقت وتمديد المجاعة”.
وبيّن المكتب، في بيانه أمس، أنها “مجرد طريقة استعراضية وغير مُجدية وهي ليّ لذراع الواقع والميدان والحقيقة”، وأن التعامي عن إدخالها من المعابر البرية يعد التفافًا على الحلول الجذرية”.
كما يوضّح أنها “لا تحقق العدالة مطلقاً وتقتضي ركض الناس خلفها في سلوك مهين، إضافة إلى سياسة إغلاق المعابر البرية أمام قوافل المساعدات الإغاثية والتموينية والغذائية تعد جريمة حرب”.
بمعنى ألّا فائدة من كل هذا الضجيج باستثناء خدمة العدو.