المقاومة توجع واشنطن بقوة.. خبراء أمريكان: بايدن لم يتمكن من استعادة الردع في الشرق الأوسط

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

تتصاعد الانتقادات ضد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من الداخل الأمريكي خاصة من قبل الجمهوريين لمعارضين له وذلك بسبب ما تتعرض له الولايات المتحدة الأمريكية من ضربات قاسية ضد قواتها من قبل المقاومة العراقية والقوات المسلحة اليمنية من دون قدرة واشنطن على الرد بسبب عدم مشروعية أي هجمات عسكرية، باستثناء الاعتداءات المتفرقة عبر الضربات الجوية التي برزت تحديداً في العراق وسوريا لكنها لا تزال حذرة بشكل كبير في اليمن حيث تتجنب واشنطن تعرض المزيد من قواتها للقصف من قبل القوات اليمنية.

الجمهوريون في واشنطن استغلو مسألة عدم قدرة أمريكا على استعادة الردع الذي فقدته في المنطقة العربية، حيث تمثل فقدان هذا الردع في أن هناك من المنطقة العربية من تجرأ على استهداف القوات الأمريكية وقتلها وضرب مصالحها كما فعلت المقاومة العراقية وكما فعلت القوات المسلحة اليمنية التي لم تتردد حتى في ضرب السفن التجارية الأمريكية رغم أنها لا تعبر من البحر الأحمر إلا بحماية البوارج الحربية الأمريكية ورغم ذلك تمكن اليمنيون من ضربها بل ومنعها وإجبارها على العودة وسلك الممر الملاحي المسمى (طريق رأس الرجاء الصالح)، ومع شن أمريكا عدوانها على اليمن بهدف إجبار صنعاء على وقف قطع الملاحة الإسرائيلية من جهة وإجبارها على عدم مهاجمة السفن الأمريكية أو البريطانية مرة أخرى، فإن هذه الهجمات الأمريكية بالقصف الجوي والبحري لم تجدِ نفعاً في تحييد اليمن، بل زادت من حماس اليمنيين لمواجهة القوات البحرية الأمريكية وفي كل مواجهة بين البحرية اليمنية والبحرية الأمريكية ينتهي الأمر بانتصار اليمنيين وتراجع الأمريكيين.

من هنا يستغل الجمهوريون في واشنطن مسألة فشل بايدن وإدارته في استعادة الردع في المنطقة العربية، وعلى إثر ذلك يشنون هجومهم ضد بايدن، وهو هجوم يأتي في سياق الصراع الانتخابي مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.

في هذا السياق قال الخبير الأمريكي ديفيد داوود إن واشنطن لم تستعد الردع، وأضاف “السبب في ذلك أنها لم تضرب رأس الحربة، أي النظام الإيراني”.

وأضاف داوود “الضربات الراهنة لم تردع وكلاء إيران ولم تستعد الردع لأمريكا، ما حصل من قصف أمريكي في العراق واليمن ليس ردً عسكرياً جدياً يعيد الردع، نلاحظ أن وكلاء إيران لم يردعهم شيء، أمريكا تقول كلاماً صارماً لكن لا يتم تطبيقه على أرض الواقع”.

حديث الخبير الأمريكي يشير إلى شيء من السخرية في الداخل الأمريكي من قبل معارضي بايدن، والذين يرون إلى بايدن وإدارته بأن تهديداتها مجرد ثرثرة فقط بينما على أرض الواقع لم تجرؤ أمريكا على فعل شيء يحافظ على مكانتها السابقة وعلى هيمنتها في منطقة الشرق الأوسط، وهذا مؤشر على مدى شعور أمريكا بالضعف، في حين يرى محللون أن رد الفعل الأمريكي المتخوف من تصاعد المعركة في المنطقة يكشف أن واشنطن بالفعل لم تعد قادرة عسكرياً على مواجهة عسكرية في ظل وجود خصوم وأعداء لها لا يأبهون لتهديداتها ولا أسلحتها وهو ما يعني أن أمريكا أصبحت في نظر مسؤوليها أولاً وفي نظر القوى الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط قوة عسكرية ضعيفة وغير قادرة على مواجهة طويلة والانخراط في حرب غير تقليدية لم تتمرس القوات الأمريكية عليها وواضح أن هذا النوع من الحروب تتفوق فيها القوى الإقليمية الصاعدة أكثر من القوات الأمريكية رغم فارق العتاد والسلاح والإمكانات خلافاً لعامل الأرض والجغرافيا فالأمريكي يقاتل كغازي ومعتدي في المنطقة العربية بينما قوى المقاومة كما في العراق واليمن فهم يقاتلون كونهم أصحاب الأرض وأصحاب الحق ومهما كانت الإمكانات فإن الغلبة في النهاية هي لأصحاب الأرض وأصحاب الحق والمقاتلين ذو الوازع الغريزي المبني على الدفاع عن الأرض في وجه أي معتدي خارجي.

إدارة بايدن تشعر بمدى تصاعد انتقادات الجمهوريين لها وتحميلها مسؤولية تآكل الردع الأمريكي في الشرق الأوسط، ولهذا خرج مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ليحاول الدفاع عن بايدن ومن معه مقدماً تبريرات سبق أن قدمتها واشنطن عند كل مرة يظهر فيها عجزها على فرض ما تريده في المنطقة في ظل رفض القوى الإقليمية الصاعدة على رأسها قوى محور المقاومة، وهنا على سبيل المثال ذهب سوليفان إلى ما يمكن اعتباره تبريراً سخيفاً لتآكل الردع الأمريكي على أيدي مجموعات (كما تسميها أمريكا) وليس على أيدي دول مثل أنصار الله في اليمن والحشد الشعبي في العراق.

يقول سوليفان “العامل الإيراني في أحداث المنطقة حقيقي وأساسي وخبيث” كأنه يريد القول، أن الجماعات التي تضرب القوات الأمريكية في المنطقة تمكنت من فعل ذلك لأنها مدعومة من إيران أو أن إيران هي من تنفذ هذه الضربات ضد الأمريكيين لكن باسم هذه الجماعات.

أما عن تبرير سوليفان لضربات بلاده ضد العراق واليمن والتي انتقدها الجمهوريون ليس لأنها اعتداء أمريكي على سيادة هذه البلدان سيجر الويل على الأمريكيين مستقبلاً بل لأنها لم تثمر في ردع هذه الجماعات من مواصلة ضرباتها ضد الأمريكيين كما هو الحال مع القوات المسلحة اليمنية، ولهذا ذهب سوليفان للزعم بأن “للضربات الأمريكية تأثيراً جيداً في إضعاف قدرات المليشيات على مهاجمتنا ومع استمرار الضربات سنكون قادرين على توجيه رسالة قوية حول تصميم أمريكا الثابت على الرد عندما تتعرض قواتنا لهجوم”.

في الختام: لم يعد من المشكك فيه من أن الردع الأمريكي في المنطقة أصبح يتآكل بشكل أكثر مما كان متوقعاً، وهو ما يكشف حقيقة أن الصورة الأمريكية المقدمة للعالم على أنها قوة لا تقهر هي في حقيقة الأمر مجرد صورة متخيلة صنعتها في أذهان شعوب العالم وخصوصاً المنطقة العربية شركات السينما الأمريكية في هوليود، أما على أرض الواقع فقد رأينا أن هذه القوة في كل مرة تدخل فيها حرباً مباشرة مع أي بلد تخرج منها مهزومة عسكرياً وإن حققت من وراء هذه الحرب مكاسب اقتصادية عبر السرقة والنهب كما حدث في العراق وأفغانستان وقبل ذلك في فيتنام، وكما يحدث اليوم في اليمن.

قد يعجبك ايضا