صهيونية عيدروس الزبيدي.. دروس في قلة الحياء وانعدام الكرامة
وما يسطرون – مصطفى عامر – المساء برس|
وقف عيدروس أمام المرآة، شذّب شاربيه، ثم ذهب إلى القاعة لإلقاء خطبة عن أهمية “قلة الحياء” في العمل الثوري! ولهذا فقد جاء إلى القاعة برسالةٍ واضحةٍ للغاية، ومحدّدة: نحن- أيها السّادة- بصدد القيام بعملٍ “مُنافٍ للشرف”، لهذا “لا تستحوش”!
أعلنوا هذا الموقف في الشوارع والحارات، ثمّ أخبروا النّاس ألّا يستحوا أيضًا، لقد أخبرنا المجتمع الدولي أن الحياء يضرّ بالقضية، الشرف يستجلب العقوبة، والكرامة رجسٌ من عمل الشيطان!
ثمّ أنه صاح في الجنوب: يا جنوب! لقد جئتك من بلاد الغرب بالخير والخبز والعناقيد، لولا أنّك جنوبٌ تستحي! لقد جنى أسلافك عليك، يا جنوب، وأخبرني الحلفاء أن أجدادك قومٌ سيّئون! فالعن أجدادك يا جنوب، “لا تستحيش”، وصدّق حلفائي!
بالتأكيد فإنّ قلب عيدروس عامرٌ بالإيمان، لا يمكننا إغفال هذا الأمر، لولا أنّ إيمانه يُحتّم عليه في هذه المرحلة المفصليّة من التاريخ تصدير ما يمتلكه من “قلة حياء” إلى الحاضرين، ومنهم إلى كلّ الأمّة!
لا تستغربوا، فعيدروس لو تعلمون، لله درّه!، يملك من “قلة الحياء” ما يكفي العالم، لهذا فعيدروس ليس شخصًا، إنّه ثروة قوميّة!
لا يهم بعد هذا التفكير بأسئلةٍ من قبيل: كيف سيؤدي فرض الحصار على موانئ فلسطين المحتلة إلى منع الدواء والغذاء عن عدن؟ ما الذي دفع عدن إلى القفز شمالًا إلى هذا الحد؟ هل أخطأنا في قراءة خريطة العالم أم أننا أخطأنا- فحسب- في قراءة خريطة رأس عيدروس الزبيدي؟
لا يهم، إنها أسئلةٌ للذين يستحون! وما دام عيدروس يعتقد بأن “قلة الحياء” شعبة من شُعب الإيمان، فلا غرابة أن تقفز عدن إلى أم الرشراش، حضرموت إلى وراء كوكب زحل، واشنطن إلى شارع المعلا، وحيفا إلى خليج الفيل!
عيدروس ليس شخصًا إذن، إنه فكرةٌ مترهلّةٌ عابرةٌ للزمان وللمكان، تتقولب وفق أشكالٍ وصورٍ عديدةٍ لكنها في كلّ حالاتها تجسّد الضعف، والخنوع، والذّل. هو رمزٌ نماذجيٌّ لكل حثالات البلاد ومعدوميّ الكرامة فيها، صورةٌ للعار تمرّ على ذاكرة الشّعوب ولا تغادرها؛ خطيئةٌ ارتكبها الذين “فسقوا فيها” ودفنوها في مكانٍ قفرٍ، وشاء الله أن ينبت لها وجهٌ وجسد، فمن أراد من خونة هذه البلدة أن ينظر إلى وجه خطيئته فلينظر إلى وجه عيدروس.
عارٌ مثله لا يمكن تغطيته، إنّه عارٌ لا يموت، وفيما لو استضافك التّاريخ في بيته فإنك ستشاهد رأس عيدروس- في الأغلب- على هيئة “متفل” أو “مطفأة سجائر”، وإلى جواره ستشاهد “متافل” أخرى على شاكلته، فمحكيّات الشعوب على أيّة حالٍ تحتوي على قدرٍ لا بأس به من الذين “لا يستحون”.
هذا المقال، إذن، ليس عن عيدروس، إنه مقالٌ عن كلّ عيدروس، لا يهم بعدها ما إذا كان شماليًّا أم جنوبيًا، فأن تكون عيدروسًا أم “لا” يحدّده موقفك من قيمة “الحياء” ذاتها، ولا تهمّ بعدها الأسماء أو الألقاب أو الجهات!
أي أنّك، ولتكن من كنت، أمام أحد خيارين: إمّا أن تعيش حرًّا، مثل أجدادك مرفوع الرأس! أو تكون عيدروس، ومتستحيش بالطّبع!.