لله ثم للتاريخ.. حقيقة ما يدور في طيران اليمنية
بديع الزمان اليماني – وما يسطرون|
دموع التماسيح التي يتم صبها حاليا على ارصدة اليمنية، تخفي ورائها الكثير من الدجل والنفاق والأكاذيب، بل يصح في هذه الزوبعة ان نطلق عليها (كلمة باطل أريد بها باطل) وحتى لا نستفيض في الحديث خارج سياق الموضوع، فنود على عجالة ان نوضح أسباب ومسببات وتبعات هذه الزوبعة. وإن كان ليس بمستغرب ان تثار هذه الضجة من قبل متنفذي اليمنية الذين جاءت بهم الصدفة القميئة ، إلا ان المستغرب ان يحدث هذا بعد ان سادت أجواء التفاؤل بحلول السلام وعودة الأمور إلى نصابها. ولكي نوضح حيثيات هذا الصراخ الكاذب على أموال اليمنية، فلابد ان نستعرض كيف وصل الحال إلى ما هو عليه، وكيف سببت تراكمات الأخطاء المرتكبة في هذه الوضعية الشاذة.
أولا: الخطوط الجوية اليمنية هي شركة تأسست منتصف القرن الماضي، كمؤسسة تجارية بين حكومتي اليمن والسعودية بنسبة شراكة 51% لليمن و49% للسعودية ، ولذا اخذت صفة الناقل الوطني.
ثانيا : لم تطالب السعودية في تاريخ الشراكة الطويلة بين الطرفين بأي إيرادات او مستحقات نظير 49% وكان ينظر للشراكة السعودية كشراكة إسمية فقط وتقتصر على حضور اجتماعات مجلس الإدارة السنوية او النصف سنوية، او كما اصبح مؤخرا في التقليعات الجديدة التي ابتكرتها عصابة اليمنية بالإجتماع الدوري كل ثلاثة اشهر.
ثالثا: قبل الدمج بين اليمنية وطيران اليمن ( التي حلت محل اليمدا سابقا والتي أممت شركة باسكو تاريخيا) في العام 1996م ( كانت اخر مؤسسة حكومية يتم دمجها بين الشمال والجنوب) كانت اليمنية تشغل ل28 محطة داخلية وخارجية بينما كانت اليمدا تشغل ل 14 محطة . وتم على ذلك دمج القوى العاملة في الشركتين بواقع ( 2600 موظف في اليمنية و1600 موظف في اليمدا ) ويبلغ العدد حاليا اكثر من خمسة الف موظف .
رابعا : كان لدى اليمنية اسطول مكون من 12 طائرة بين مستأجرة ومملوكة. ومنها طائرات A330 ذات المدى البعيد.
خامسا : وقعت اليمنية في العام 2010م مع الإيرباص على شراء عشر طائرات جديدة من طراز A320 . كانت مجدولة في خطط التسليم بواقع طائرتين كل عام . وفعلا استلمت اليمنية اول طائرتين في العام 2011. على ان يتم استكمال عملية تسليم الطائرات العشر بالكامل في العام 2015. ولكن بسبب ظروف الحرب في اليمن لم تتمكن اليمنية من استلام الطائرات المجدولة والمشتراة سلفا .
سادسا : عوضا عن ذلك قامت اليمنية ببيع موعد تسليم الطائرات للأيرباص وتم توقيع اتفاقية جديدة تنص على تسليم اليمنية طائرات A320 neo الأحدث وبنفس الشروط السابقة على أساس ان يتم تسليم الثمان طائرات في العام 2023. أي هذا العام .
سابعا : ماطلت اليمنية الأيرباص في دفع مستحقات الأيرباص رغم انه وبحسب ما تم تسجيله من ايردات وارباح حققتها اليمنية منذ منتصف العام 2015 وحتى يومنا هذا كان كفيل بان تقوم اليمنية بسداد كافة المستحقات لشركة الأيرباص وتحقق فائض مادي . كون الشركة عملت لمدة تسعة أعوام كاملة منفردة تماما واستحوذت على السوق بالكامل كما انها ولمدة عامين كاملين لم تدفع ريالا واحدا ثمنا للوقود حيث كانت وزارة الدفاع السعودية تزود طائرات اليمنية بالوقود مجانا في مطار بيشة . وفي مقابل ذلك فرضت ادارة اليمنية الدنبوعية أسعار اعلى وتكاليف إضافية اسمتها تأمين المخاطر كانت تضيفها على كل تذكرة .
ثامنا : تم تغيير إدارة اليمنية مع تغيير الدنبوع بما يسمى بالمجلس الرئاسي لدواعي مناطقية . ومع هذا ظلت اليمنية تراوح في تفس المكان وتدور في تفس الدائرة وتشغل نفس الخطوط .
تاسعا :منذ العام 2015 وحتى اليوم لا احد يعلم اين تورد إيرادات اليمنية ؟ وكم تبلغ تلك الإيرادات ؟ وكم هي مصاريف التشغيل الفعلية ؟ وكم هي الأرباح المحققة ؟ الايرادات المعلومة هي التي كانت تحصل في منطقة صنعاء فقط . اما باقي المناطق الداخلية المحتلة والخارجية فلا احد يعلم اين هي ؟ وكم تبلغ ؟
عاشرا : بدلا من ان تقوم اليمنية بتنفيذ التزاماتها نحو شركة الأيرباص لأستلام الطائرات المستحق موعد استلامها ، ذهبت تتفاوض مع شركات مصرية لشراء طائرات نصف عمر . وعند توقيع تلك الأتفاقيات مع الشركات المصرية تم سداد قيمة تلك الطائرات ( كما تم الأعلان عنه) من رصيد الشركة في صنعاء.
الحادي عشر: من المعروف ان اكثر مبيعات الشركة هي من منطقة صنعاء . ومن المعروف ان رواتب وحوافز ( نعم اليمنية تصرف حوافز ) جميع موظفي الشركة داخل اليمن وخارجه يتم صرفها من حسابات الشركة في صنعاء.
الثاني عشر : الأدارة الحالية بدلا من ان تعمل على تلافي أخطاء ( خطايا بالأحرى) الإدارة القديمة كرست نفس التمييز المناطقي ونفس النهج العشوائي وزادت الطين بلة عندما ارادت ان تثبت انها إدارة مقتدرة من خلاا افتعال المشاكل واثارة الزوبعات . فأي شركة تجارية في العالم تعمل على تنمية مواردها خصوصا في الأسواق الأكثر كثافة والأكثر ايرادا والأكثر ربحا .
وهذه الإدارة انتهجت العكس من ذلك تماما ، فعندما وافق التحالف والأمم المتحدة على فتح مطار صنعاء والتشغيل منه كان اول من احتج وعارض واختلق الأعذار ، هي إدارة اليمنية الموقرة .
الثالث عشر: رغم السماح بفتح رحلات محدودة المسارات والأتجاهات ، عملت إدارة اليمنية على خلق العراقيل المتكررة من خلال الاخلال بجداول الرحلات ، جدولة طائرات اقل طرازا ، التحكم بحجوزات المقاعد . وأيضا من خلال رفضها واصرارها على تقييد الحركة وربطها بمحطة واحدة فقط .
الرابع عشر: الادعاء حاليا بأن هناك مصادرة لأرصدة اليمنية وعدم صرفها يصب في نفس الخانة من التلفيق والمغالطة . فأرصدة اليمنية تتحكم بها الأدارة المالية في عدن واوامر الصرف والمبالغ يتم تعميدها من الأدارة في عدن وليس من صنعاء . حتى ان الرواتب والحوافز والخصومات يتم تعميدها أيضا من عدن . ومنطقة صنعاء تقوم فقط بعملية الصرف والتحويل. ولم يحدث بتاتا ان تم رفض صرف أي مبلغ او تحويلة من قبل أي موظف في الأدارة في صنعاء ، ناهيك ان البنوك لا تصرف الا بموجب التوقيعات المعتمدة لديها .
الخامس عشر : ما هو اذن سبب هذه الزوبعة ؟ طالما وكل مصروفات اليمنية يتم التنسيق لها وصرفها بصورة دورية من الأدارة في صنعاء؟
السبب او الأسباب كثيرة واهمها:
1- رغبة الأدارة في عدن في سحب جميع الأرصدة الخاصة بالشركة بالكامل ، وتحويلها بالكامل لحسابات خارجية لا يعلم احد عنها شيئا .
2- عدم رغبة المتنفذين في عدن في تشغيل رحلات مباشرة من صنعاء لاي منطقة كانت ، لأسباب جلية وواضحة ولا تحتاج تفسير ، ولكن أيضا لأن الحركة من صنعاء سحبت معظم الحركة من باقي المناطق. كما ان خطر التوسيع لرحلات اكثر ومناطق اكثر سيصيب باقي مناطق التشغيل بالشلل.
3- الهلع الذي ساور إدارة اليمنية من أي تسوية سياسية قادمة سيتم بموجبها تغيير الكيانات الهلامية التي صنعها التحالف ، وبالتالي فإن الأدارة الحالية تخشى من انكشاف عورتها ، حيث ان الأستحقاق الوطني القادم سيضع يده على كل مواطن الفساد المستشري خصوصا في المؤسسات والوزارات التي تحت إدارة الشرعية واخواتها.
4- الأرصدة الموجودة في صنعاء من الصعب السحب منها لغير ما يهم اليمنية، فبالتالي لن تتمكن إدارة عدن من السحب كما يحلو لها والتصرف في إيرادات الشركة بحسب توجهاتها المشبوهة . ولهذا هم مستميتين على سحبها .
5- هناك طبعا من يؤجج الوضع من اطراف مختلفة ليس حبا في اليمنية ، بل لكي يكرسوا النظرة السوداوية عن الوضع في صنعاء. ولهذا فقد تم الترويج لهذه الكذبة بصورة فجة وممجوجة.
6- تستطيع إدارة اليمنية في عدن ان تضع الأمور في نصابها الفعلي من خلال تقرير مفصل عن كل ما يرغبون القيام به مستغلين تلك الأرصدة . فيمكن ان يطلبوا ان يتم تحويل مبالغ مقابل شراء طائرات او محركات او قطع غيار او صيانة ويتم تحديد الوجهة والمبلغ وسيتم التحويل فورا ، خصوصا ان السويفت الدولي للبنوك مازال في بنوك صنعاء.
7- تستطيع كذلك إدارة اليمنية في عدن ان تعلن عن الأرصدة التي تمتلكها حاليا في البنوك الخارجية . بهذه الخطوة ستؤكد للعالم اجمع نزاهتها وشفافيتها. اما ان تضغط لتحويل ارصدة موجودة في حسابات الشركة المفتوحة منذ عشرات السنين في بنوك وطنية ومعروفة ، ليتم تحويلها ( بدون سبب) لبنوك وحسابات خارجية غير معروفة ، فهذا ما لايقبله عاقل .
8- تستطيع إدارة اليمنية في عدن كذلك ان تعلن عن خططها التشغيلية للفترة المقبلة ، فإيقاف رحلات صنعاء لن يمنع المسافرين من البحث عن حجوزات ولو عبر مناطق أخرى . ورغم ان اليمنية بهذا ستخسر تقريبا اكثر من نصف الإيراد إلا انها وكما يبدو كانت عازمة على هذا الإجراء منذ فترة ، وما الزوبعة الأخيرة الا تغطية لسوء نواياها .
9- يجب الان ان يتم اتخاذ موقف جدي من الجميع تجاه ما يحدث من مهازل وجرائم من قبل من يسمون انفسهم شركة وطنية وهم ابعد ما يكون عن الوطنية ، فعملية إيقاف الرحلات تعد وفق القانون الدولي قرصنة وقطع طريق وحتى يمكن ان نسميها حرابة . خصوصا انه ليس هناك أي داعي ولا مسوغ لا قانوني ولا أخلاقي ولا حتى تجاري. وحتى من نعتبرهم أعداء وعدوان ، تفهموا الأمر جيدا ولم يبدو أي معارضة لتشغيل الرحلات . كل ما في الأمر ان أصحاب المشاريع الصغيرة داخل اليمنية لا يرون الأ مصالحهم الشخصية .
10- يجب على الجميع الصدح بصوت الحق ، فعصابة اليمنية ومن ورائها المافيا الأكبر لا تستهدف اليمنية فحسب ، بل تستهدف كرامتنا وسيادتنا وحتى سمعتنا . فمن المعيب والمخجل ان عصابة لا تمتلك ادنى مقومات الفكر والمفهومية والنضوج تتحكم بمصير بلاد بأكمله من دواوين القات ومخادر الشواذ. لا يمكن ان نسمح لهم مرة أخرى ان يلعبوا بعواطفنا وبمشاعرنا وبكينونتنا كمواطنين أولا وكاصحاب حقوق ثانيا .
اللعنة على كل من تسول له نفسه العبث بكرامة هذا الشعب الكريم الذي ابتلاه الله بهذه العصابة القميئة والتي سيلفظها التاريخ الذي لا يقبل الجيف. فصنعاء التي وقفت في وجه الطوفان ووجه العدوان. صنعاء حضانة الوطن، وأم كل اليمنين وعاصمتنا التاريخية، لن يضرها موالعة اليمنية ومن والاهم. فاليمن ابقى واكبر واعظم من كل هؤلاء الاقزام.