واشنطن تدفع الإمارات لتوسيع نفوذها : تـعـز الـوجـهـة الـقـادمـة
المساء برس – خاص/ على غرار “أهل مكة أدرى بشعابها” يتجه التحالف العربي في حربه ضد اليمن نحو إفساح المجال لطرف الإمارات بقواتها العسكرية “الأجنبية، والمحلية اليمنية” لتوسيع مشاركتها في العمليات العسكرية على الأرض وتمكينها من تولي زمام الأمور في أكثر من جبهة كانت من قبل محسوبة إما على وحدات عسكرية موالية للرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي وأتباعه وعلى رأسهم حزب الإصلاح أو على جماعات مسلحة غير نظامية تنتمي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الحزب ذاته.
وبعد الدور الإماراتي البارز الذي صاحب العمليات العسكرية في باب المندب وذباب استطاعت الإمارات أن تلفت الأنظار إليها وإلى أداءها العسكري خاصة في باب المندب “وإن كان بقوات أجنبية معظمها من القرن الإفريقي”، وصحيح أنها تكبدت خسائر فادحة، ولا يزال تقدمها في المخا متعثراً نسبياً بسبب عدم قدرتها تجاوز القوات العسكرية التابعة لحكومة الإنقاذ بصنعاء والتي لا زالت مسيطرة على مواقع استراتيجية تطل على المخا والساحل الغربي وباب المندب، إلا أن هذا الأداء مقارنة بأداء القوات العسكرية التابعة للشرعية في الجبهات الشمالية وصرواح ونهم بمأرب والتي تشرف عليها السعودية مباشرة، أفضل بأضعاف مضاعفة.
وبحسب ما يراه مراقبون، فقد أدركت الإمارات أن الدفع بجنود من جنسيات أجنبية للمشاركة في عمليات قتالية في طبيعة جغرافية صعبة أمراً غير مجدٍ على الإطلاق، ولهذا كانت استراتيجية الإمارات هي استخدام الجنود الأجانب في الجبهات الساحلية كذباب وباب المندب وأجزاء من المخا لكونها مناطق مفتوحة ويسهل التوغل فيها وبقاءها أيضاً، في حين أوكلت لأصحاب الأرض القتال في المناطق الجبلية كالذي حدث مثلاً في محافظة تعز حين تبنت دعم جماعة أبو العباس السلفية ودفعتها للتقدم والسيطرة على جبهات كانت واقعة في إطار وحدات عسكرية محسوبة على حزب الإصلاح.
ويقول محللون عسكريون في صنعاء إن الإمارات استطاعت إقناع الولايات المتحدة الأمريكية أنها الأفضل في إدارة العمليات العسكرية بأقل خسائر وأقل الإمكانيات وبالأدوات الفعّالة، ولهذا تحظى الإمارات بدعم وتأييد أمريكي سمح لها أن تكون الساعد الأيمن لها جنوب اليمن وباب المندب وهو ما دفع بالأمريكان إلى منحها الضوء الأخضر لتعزيز نفوذها جنوباً على حساب الموالين لشريكها في التحالف “الإصلاح”.
ولم يعد التوسع الإماراتي يقتصر على الجنوب بما في ذلك حضرموت التي فيما يبدو أنها تتجه لالتهام المحافظة الكبرى بشقيها “الساحلي” و”الوادي والصحراء” عبر قوات النخبة، بل بات جلياً أن معركتها القادمة هي تعز لبسط نفوذها وسيطرتها على مختلف جبهات القتال التي تقع معظمها في إطار سيطرة حزب الإصلاح والقوات العسكرية النظامية الموالية للحزب.
وعلى خلاف المخا لم تقم الإمارات باستجلاب جنود أفارقة للقتال في جبال تعز، بل توجه الخيار نحو جماعة أبو العباس السلفية لتكون حليفها الذي يمكن عن طريقه تحقيق مكاسب فعلية على الأرض، ولهذا اتجهت نحو دعمها وتمكينها من جبهة الكدحة التي كانت تتبع اللواء 17 والمحسوب على حزب الإصلاح، وبعد معارك عنيفة بين كتائب أبو العباس وقوات اللواء 17 بمساندة عناصر مسلحة من الإصلاح انتهى الأمر بتسلم كتائب أبو العباس لمواقع الجبهة بأكملها ومواقع أخرى تتبع مديرية مقبنة “مركز اللواء 17″، من خلال اتفاق تم بين الطرفين جرى بحثه داخل السعودية نفسها.
ورغم أن الإصلاح هو الحليف الرئيسي للسعودية في اليمن إلا أن الأخيرة فضلت الصمت تجاه الخطوات الإماراتية التي استهدفت حلفاءها في الكدحة، ولم تقدم لها أياً من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لمواجهة التمدد الإماراتي، الأمر الذي يؤكد أن أحداث الكدحة بين أبو العباس والإصلاح وانتهت لصالح الأول، تمت باتفاق سعودي إماراتي وبرغبة أمريكية.
ولم ينته الأمر عند جبهة الكدحة، فكما يبدو تسارع الإمارات إلى توسيع نفوذ حلفاءها داخل تعز وهو ما تؤكده التحركات السرية لهذه الأطراف وبعض الأحداث التي وقعت أمس السبت في عدن وتعز، والتي يمكن اعتبارها مؤشرات لتسليم زمام الأمور للإمارات وحلفائها على الأرض، نسرد هذه المؤشرات فيما يلي:
1- بالأمس قالت مصادر صحفية إن الولايات المتحدة تتجه لاحتواء الوضع في الجنوب من خلال تمكين السلفيين الموالين للإمارات واستبعاد الحراكيين والإصلاح.
ونقل موقع الخبر اليمني عن مصادر خاصة قولها إن لقاءً استمر لساعة ونصف جمع العميد حمدي الصبيحي القيادي الميداني في جبهة المخا والمحسوب على الإمارات بأحد ضباط كتيبة المارينز الأمريكية وبحضور ضابط إماراتي في مدينة الشعب بمحافظة عدن جنوب البلاد.
2- أفادت مصادر خاصة من عدن أن العميد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 متواجد في عدن وتسلم أمس السبت من قيادة التحالف عدداً من الأطقم والسيارات رباعية الدفع وكميات كبيرة من البترول والديزل، في حين لم تحصل قيادة اللواء 17 التي كانت متواجدة أيضاً في عدن على شيء.
وهنا رجح مراقبون أن يكون العميد الحمادي وقوات اللواء 35 من الحلفاء المحتملين للقوات الإماراتية إلى جانب السلفيين من جماعة أبو العباس، نظراً لكون الرجل يحظى باحترام عدة أطراف عسكرية وسياسية في تعز عوضاً عن أدائه في قيادة العمليات العسكرية في نطاق اللواء، خلافاً للعميد عبدالرحمن الشمساني قائد اللواء 17 والمحسوب على الإصلاح والذي لا يعتبر محل ثقة بالنسبة للإمارات.
3- في تعز علمت “المساء برس” من مصادر ميدانية أن جماعة أبو العباس سيطرت على تبة “الخزان” التابعة لمسلحين ينتمون للإصلاح، وأضافت أن مسلحي الإصلاح يستعدون لتنفيذ اقتحام للتبة واستعادتها خوفاً من تقدم أبو العباس نحو “المقبابة” والسيطرة عليها.
4- تشير المعلومات الواردة من تعز أن الأجواء بين الإصلاح وأبو العباس متوترة في عدة جبهات، بالإضافة إلى ما نقلته مصادر خاصة من قيام قيادات في الإصلاح بالتعميم على جميع وحداتها المنتشرة مراقبة تحركات جماعة أبو العباس في المدية، إضافة إلى تعزيزها للنقاط المسلحة تحسباً لأي محاولة هجوم قد تنفذها جماعة أبو العباس.
ويرى محللون أن الإمارات لا تجيد قيادة العمليات العسكرية البرية لكنها تجيد التعامل مع القيادات العسكرية اليمنية والتي تشرف الإمارات عليها مالياً ولوجستياً واستخبارياً، فالإمارات تتعامل مع الجبهات بعقلية رجل الأعمال الذي يدفع المال مقابل تحقيق المكاسب الأكبر، وهي كذلك تدفع المال والسلاح مقابل تحقيق إنجاز ميداني أو على الأقل المحافظة على الموجود، على عكس السعودية التي أثبتت خلال أكثر من عامين من الحرب أنها لا تجيد “لا قيادة العمليات العسكرية البرية ولا التعامل مع الوحدات والقيادات العسكرية اليمنية الواقعة تحت إشرافها.
وفي الفترة الأخيرة كثر الجدل حول جدوى الأموال والأسلحة التي تقدمها السعودية للقيادات العسكرية اليمنية الموالية لها والمتواجدة في جبهتي ميدي وحرض الحدوديتين شمالاً وجبهتي صرواح ونهم المتاخمة لمحيط العاصمة صنعاء، في حين لا يوجد أي تقدم ملموس لقواتها، بل والأكثر من ذلك خسارتها لمواقع عسكرية في تلك الجبهات، ما يعني أن السعودية تواجه عملية استنزاف من قبل من تعتمد عليهم في الجبهات والوحدات العسكرية، ليس لإفشال السعودية ميدانياً بل لجمع تلك الجهات العسكرية ثروات هائلة من الأموال السعودية المخصصة كرواتب ودعم للجبهات ومن عائدات الأسلحة المتدفقة والتي يتم التصرف بجزء لا بأس به منها، وبيعها هنا وهناك.
عندما قررت الإمارات المشاركة في عاصفة الحزم لم تكن تتوقع أن الأمر سيصل بها إلى أن ترسل وحدات عسكرية بأكملها وأن يكون تواجدها داخل الأراضي اليمنية أكثر من السعودية.