الارتزاق باسم حقوق الإنسان.. تفاصيل تكشف لأول مرة عن روّاد السفارات (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
علم “المساء برس” من مصادر دبلوماسية يمنية سابقة، مقيمة في الخارج حالياً، أن ما حدث من فوضى وصفتها بـ”ارتزاق رواد السفارات” فيما يتعلق بالفوضى التي حدثت في القطاع الدبلوماسي اليمني منذ شن التحالف السعودي الإماراتي حربه على اليمن.
حديث المصادر الدبلوماسية جاء تعليقاً على تصريحات رشاد العليمي رئيس المجلس القيادي الذي شكلته السعودية مطلع أبريل الماضي ومزاعمه بأنهم سيعملون على معالجة الاختلالات في الجهاز الدبلوماسي في حكومة التحالف.
وكان العليمي قد اعترف أن السلطة السابقة في إشارة لسلطة هادي، بعد ما أسماه “انقلاب الحوثيين” عملت على تعيين من ليس لهم علاقة بالعمل الدبلوماسي لأنها كانت مضطرة لذلك لكي تغطي الفراغ الدبلوماسي الذي حمله العليمي لأنصار الله حيث زعم أن سلطات صنعاء بداية الحرب منعت المسؤولين الدبلوماسيين من مغادرة اليمن، وهو ما استدعى سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي إذ أن كل الدبلوماسيين قبل وبعد اندلاع الحرب على اليمن كانوا جميعهم في البلدان التي يمثلون الحكومة اليمنية فيها ولم يكونوا في صنعاء.
وقالت المصادر الدبلوماسية إن ما حدث في القطاع الدبلوماسي من قبل المسؤولين الذين انضموا للتحالف السعودي منذ 2015 عبارة عن فشل ذريع وفوضى وعشوائية مفرطة في التعيينات والبعثات الدبلوماسية في السفارات لكل من هب ودب.
وكشفت المصادر عن الطريقة التي عمل الإصلاح من خلالها على اختراق الجهاز الدبلوماسي السابق للجمهورية اليمنية وتغييره بشكل شبه كلي طوال سنوات الحرب السبع الماضية.
وحسب المصادر فإن الوفود التي كانت ترسلها حكومة هادي المسيطر عليها من قبل الإصلاح منذ بداية الحرب على اليمن والذين كانوا يذهبون إلى مفوضية حقوق الإنسان في جنيف للمشاركة في جلسات أعمال ودورات حقوق الإنسان سنوياً، تقوم هذه الوفود التي هي عبارة عن ناشطين لا أكثر ممن اكتسبوا شهرة بمواقع التواصل الاجتماعي وجميعهم من حزب الإصلاح، يقومون بعد الانتهاء من دورة حقوق الإنسان بالهروب إلى دول أوروبية أخرى ثم يقدمون في أي دولة طلبات لجوء في هذه البلدان.
وكشف مصدر سياسي، طلب إخفاء هويته، في حديث خاص لـ”المساء برس” عن سبب موافقة الدول الأوروبية على طلبات اللجوء المقدمة من نشطاء الإصلاح، أن هؤلاء النشطاء وبسبب هيمنة حزب الإصلاح على وسائل الإعلام إضافة إلى توظيف إعلام التحالف لمصلحة القوى اليمنية التابعة له وعلى رأسها الإصلاح، كان يتم نشر أخبار بعضها مفبركة تزعم فيها هذه الوسائل قيام السلطات اليمنية في صنعاء (أنصار الله) باعتقال هؤلاء الناشطين قبل تمكنهم من الهروب ومغادرة صنعاء ومناطق سيطرة أنصار الله ومن ثم الخروج من اليمن إلى السعودية، ويتم تقديم هذه الأخبار على أنها أدلة على تعرضهم للاضطهاد وعدم إمكانية عودتهم إلى اليمن وبالتالي ضرورة قبول الدول الأوروبية لطلبات اللجوء لحمايتهم خصوصاً وأن طلبات اللجوء يتم تقديمها على أنها من ناشطين سياسيين يتعرضون للاضطهاد السياسي والقمعي.
وبالعودة لما قالته المصادر الدبلوماسية، فإنه وبعد أشهر من حصول هؤلاء الناشطين على حق اللجوء السياسي في البلدان الأوروبية وبسبب هيمنة الإصلاح على سلطة ما كانت تسمى “الشرعية” بما في ذلك وزارة الخارجية، فإنه سرعان ما يتم توزيع هؤلاء الناشطين على السفارات اليمنية بمناصب مختلفة معظمها تم استحداثها خلال سنوات الحرب لمجرد أن هناك من يريد أن يتعين ملحقاً في سفارة اليمن في هذا البلد الأوروبي أو ذاك.
لكن المصادر الدبلوماسية كشفت أن الصراع الذي بدأ يتصاعد في حكومة الشرعية المنفية خاصة في قطاع السفارات والسلك الدبلوماسي مع تزايد أعداد الملتحقين بالتحالف السعودي ودخول جناح المؤتمر الموالي لعفاش بعد مقتله وهروب أبرز معاونيه وأقاربه على الخط وانضمامهم لـ”الشرعية” كان يتم تعيين هؤلاء الملحقين والموظفين الدبلوماسيين في وظائف وهمية في السفارات اليمنية في أوروبا والدول العربية واستخدامهم كمخبرين إما ضد بعضهم البعض أو ضد الشخصيات السياسية والنشطاء الآخرين من التيارات الأخرى الموالية للتحالف والمتعارضة مع الإصلاح الذين هربوا من اليمن والتحقوا بركب التحالف السعودي الإماراتي ، كما كان يتم استخدام هؤلاء المخبرين (المبتعثين الدبلوماسيين) كمخبرين ضد أبناء الجاليات اليمنية في البلدان التي كانوا يتواجدون فيها.
وقالت المصادر الدبلوماسية أن هناك من الفساد في السلك الدبلوماسي للحكومة التابعة للتحالف أكبر بكثير من الفساد الحاصل في قطاع التعليم العالي في البعثات الدراسية التي يتم توزيعها على أبناء مسؤولي حكومة التحالف المنفيين، مشيرة إلى أن الوقت قد اقترب لنشر هذه الفضائح وكشف فساد المسؤولين التابعين للتحالف الذين يتنعمون بالعيش الرغيد خارج اليمن على حساب دماء أطفال ونساء اليمن شمالاً وجنوباً مستفيدين من استمرار الحرب والحصار على اليمن كونها لا تضرهم ولا تؤثر عليهم بل إنها سبب في استمرار إنفاق التحالف عليهم شهرياً آلاف الدولارات.
كما كشفت المصادر الدبلوماسية أن الفساد في السلك الدبلوماسي الذي أصبح لكل من هب ودب في حكومة هادي وحالياً العليمي وصل إلى الوفود المرسلة باسم اليمن للمشاركة في الفعاليات الخارجية والتي في الحقيقة تذهب لتمثيل الإصلاح فقط باسم اليمن، مشيرة إلى أن سبب استمرار المجتمع الدولي التعامل مع الوضع في اليمن بانحياز لصالح التحالف وحكومته الموالية هو عدم وجود من يمثل الشعب اليمني واقتصار من يمثل اليمن في المحافل الخارجية هم الطبقة الصاعدة للسلطة من المنتفعين من حزب الإصلاح وبقية القوى الموالية للتحالف المستفيدين أساساً من استمرار الحرب.
وكشفت المصادر الدبلوماسية لـ”المساء برس” أن البيع والشراء في حكومة التحالف وصل لدرجة بيع وشراء أسماء أعضاء الوفود المبتعثة للمشاركة في فعاليات خارجية دولية يكون لليمن تمثيل فيها، حيث يتم بيع مقاعد الوفود المشاركة في هذه الفعاليات الخارجية بمبالغ كبيرة جداً تبدأ من 5 آلاف دولار وتصل إلى 10 آلاف دولار مقابل وضع هذا الاسم أو ذاك في قائمة الوفد الممثل لليمن، وفي الحقيقة فإن هذه الأسماء عندما تخرج للمشاركة باسم اليمن في الفعاليات والمحافل الدولية تستغل هذه الفعاليات فقط من أجل الفوز بفرصة الالتحاق بمرتزقة السفارات واللاجئين السياسيين الذين يعيشون بقية أعمارهم عالة على الدولة المستضيفة لهم والتي تنفق عليهم شهرياً رواتب ثابتة من دون أي مقابل، كونهم لاجئين لديها، إلى جانب ما يحصلون عليه من مبالغ مالية شهرية من التحالف السعودي مقابل ما يكتبونه وينشرونه بحساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي تمجيداً وتسبيحاً بحمد التحالف وقدحاً وذماً وسباً في حكومة صنعاء وأنصار الله حتى تحولوا جميعهم إلى نشطاء مواقع تواصل اجتماعي يعملون بأمر السفير السعودي.
فيما يلي اعتراف من أحد نشطاء الإصلاح سابقاً وأحد الإعلاميين الذين استخدمهم التحالف السعودي الإماراتي كأبواق إعلامية ضد الشعب اليمني للتغطية على جرائم التحالف السعودي في اليمن، حيث يعترف الناشط السياسي والإعلامي أنيس منصور والذي كان مسؤولاً في قنصلية اليمن في جدة بالسعودية قبل أن يهرب منها إلى خارج المملكة بعد الأزمة بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى في 2017، بأنهم كانوا يتلقون توجيهات ما يتحدثون به في الإعلام وما يكتبونه عن التحالف وعن حكومة صنعاء عن طريق السفير السعودي محمد آل جابر.