تفاصيل تُكشف لأول مرة عن أساليب التحالف في حربه الاقتصادية على اليمن
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
يواجه القطاع الخاص الذي يؤمن احتياجات ما يقارب الأربعين مليون نسمة من الغذاء الأساسي كالأرز والقمح والدقيق والسكر وزيت الطهي، عراقيل مركبة.
كل رؤوس الأموال الخاصة العاملة في مجال استيراد الأغذية توجه اللوم بالدرجة الأولى للتحالف الذي تقوده السعودية بسبب ما فرضه من قيود وحصار اقتصادي متعمد مستخدماً سلاح الجوع على كل اليمنيين شمالاً وجنوباً كورقة بيده.
في هذا التقرير نستعرض بعض أساليب التحالف التي استخدمها لفرض حرب اقتصادية زادت شناعتها بشكل مضاعف منذ منتصف العام 2017
يستورد اليمن ما نسبته 80-90% من احتياجاته الغذائية الأساسية منذ بدء الحرب على اليمن، وكل هذه الواردات يتكفل بجلبها لليمن القطاع الخاص والذي أظهر مرونة في التعامل مع ظروف الحرب واستطاع الحفاظ على استمرار تدفق الغذاء إلى اليمن ولكن بنسبة انخفاض كبيرة وزيادة تكاليف في هذه السلع بشكل كبير جداً.
أولاً:
تؤكد بيانات الغرف التجارية والصناعية في اليمن في آخر دراسة لها أن التحالف يراقب بشدة تمويل واردات السلع الغذائية الأساسية، وهو ما يدعو للتساؤل: لماذا يراقب التحالف من أين يتم تمويل النقد الأجنبي الذي يستخدم لاستيراد السلع الغذائية الأساسية؟، الإجابة: هي أن التحالف يريد تقليص هذه التدفقات من النقد الأجنبي، ولهذا سارع في العام 2018 إلى تضييق الخناق على المغتربين اليمنيين في السعودية الذين كانوا يمدون اليمن بالجزء الأكبر من النقد الأجنبي من بعد الحرب عن طريق التحويلات المالية والتي تستخدم فيما بعد كغطاء نقدي لتأمين واستمرار عملية استيراد الغذاء.
ثانياً:
حالياً يعتبر التحدي الأكبر للأمن الغذائي في اليمن هو عدم استقرار أسعار الصرف والتحديات التي تواجه المستوردين للحصول على الائتمان كي يتمكنوا بسهولة من إجراء معاملات الاستيراد، لكن وبسبب نقل البنك من صنعاء إلى عدن أصبح الأمر صعباً للغاية بسبب تآكل الثقة بالبنك المركزي الذي يعمل من الأردن وليس من عدن كما يعتقد البعض، وهذه ثاني وسيلة استخدمها التحالف لتجويع اليمنيين أكثر بعد خطوة تقليص قنوات حصولهم على النقد الأجنبي.
ثالثاً:
وبما أن وظائف البنك المركزي أصبحت بيد التحالف فإن بإمكان السعودية استخدام وسيلة ثالثة لتجويع اليمنيين، والتي تتمثل في إبطاء منح المستوردين خطابات الاعتماد لاستيراد السلع الغذائية، بل ومنع بعض التجار من الحصول على خطابات الاعتماد لاستيراد السلع واقتصار هذه الخطابات على مجموعة صغيرة فقط من التجار المرتبطين بالتحالف السعودي على رأسهم مجموعة بيت هايل وحيدر فاهم والعودي والسعيد ودادية ويحيى سهيل.
رابعاً:
وسيلة أخرى مجدية استخدمها التحالف لتجويع اليمنيين بشكل أكبر وهي تعقيد نقل السلع الغذائية داخل اليمن وذلك من خلال قطع أو على الأقل تقليص لأدنى مستوى، استيراد المشتقات النفطية وبالتالي ارتفاع أسعارها وبالتالي ارتفاع أسعار نقل السلع من ميناء الوصول إلى المدن اليمنية، في السابق، أي قبل منتصف 2017 كانت السلع تصل إلى اليمن رغم ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين إلى موانئ الحديدة ومنه تصل بسهولة لبقية المدن اليمنية بما فيها المدن الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف، من بعد منتصف 2017 أصبحت السلع لا تصل إلا إلى ميناء عدن الخاضع لسيطرة وهناك يتم فرض جمارك مضاعفة على السلع كما يتم فرض جبايات باهضة على طول الطريق التي يمر منها سائقوا قاطرات نقل السلع برياً.
خامساً: قطع الطريق أمام إيجاد حل بديل
الحصار الاقتصادي الذي فرضه التحالف لم يؤدي فقط إلى ارتفاع تكلفة النقل والشحن والتأمين والنقل الداخلي وانخفاض الإمداد من النقد الأجنبي وبالتالي انخفاض الواردات وارتفاع أسعار السلع بشكل كبير بسبب زيادة الطلب وانخفاض العرض بشكل حاد وأيضاً وقف استيراد المشتقات النفطية الذي عرقل النقل داخلياً، بل إن هذا الحصار أدى أيضاً إلى قطع الطريق أمام اليمنيين في أن يعملوا على إيجاد الحل البديل لهذا الحصار الاقتصادي وهو العمل على الإنتاج الداخلي وتحقيق أفضل قدر من الاكتفاء الذاتي، فبعد حصار استيراد المشتقات النفطية أصبح من الصعب تحقيق نمو في الإنتاج المحلي الذي يعتمد كلياً على الطاقة التقليدية (بترول وديزل ومازوت وجازولين).
وأمام حرب قذرة كهذه يستهدف فيها الخصم قوت شعب بأكمله لمحاربته، فإن قرار صنعاء بوقف نهب الثروة النفطية التي تذهب إيراداتها منذ منتصف 2016 حتى نهاية سبتمبر الماضي إلى خزينة البنك الأهلي السعودي ولا يحصل اليمنيون في الداخل على أي دولار واحد منها كان أفضل وأقوى قرار لمصلحة اليمنيين شمالاً وجنوباً لمواجهة الحرب الاقتصادية الشعواء ضد هذا الشعب الفقير، حرب صنفتها منظمات دولية في عدة تقارير سابقة بأنها جريمة حرب مكتملة الأركان.
الخلاصة: أننا أمام عدو منع عنا وصول النقد الأجنبي ليجعل من نفسه هو المصدر الوحيد لهذا النقد الذي يستخدم لاستيراد غذاءنا الأساسي، وقام بنقل البنك المركزي ليتحكم بمنح خطابات الاعتماد للمستوردين فيمنح لمن يشاء من المستوردين ومتى ما يشاء، ومنع عنا وصول المشتقات النفطية كي لا نتجه للحل البديل المتمثل بالإنتاج المحلي.