كارثة اقتصادية ينتظرها اليمن بعد انتهاء الحرب
تتجاوز الخسائر الأولية للحرب والحصار الذي دخل عامه الثالث الـ120 مليار دولار، إلا أن تلك الخسائر الإجمالية التي تكبدها الإقتصاد اليمني بكافة قطاعاته المختلفة تقارب الـ200 مليار دولار، إذا ما أخذنا في الاعتبار فاتورة الحصار التي قدرها اقتصاديون بملياري دولار شهرياً خلال الـ24 شهراً الماضية، وبإجمالي 48 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
فاتورة الحرب
تقدر الغرف الصناعية والتجارية في العاصمة صنعاء الخسائر التي تكبدها القطاع الخاص اليمني بـ75 مليار دولار خلال عامين. ويرى مصدر مسؤول في الغرف الصناعية أن الرقم مرشح للارتفاع في ظل استمرار الحرب والحصار. وزارة الصناعية والتجارة، من جانبها، تشير إلى ارتفاع خسائر القطاع الصناعي الذي تعرض للاستهداف المتعمد من قبل طيران “التحالف”، الذي دمر 277 مصنعاً إنتاجياً وتسبب بتوقف المئات من المصانع عن العمل نتيجة ارتفاع مدخلات الإنتاج أو تعرضها للتهديد بالقصف، إلى 12 مليار دولار.
القطاع الرزاعي كان، أيضاً، أحد أبرز بنوك أهداف “التحالف” في حربه على اليمن، وتكبد هذا القطاع الهام الذي يغطي 50% من الفجوة الغذائية في البلاد قرابة 16 مليار دولار. الأضرار والخسائر نفسها طالت القطاع السياحي الذي يعد الحلقة الأضعف في الحرب، التي دمرت 223 منشأة سياحية و206 معالم أثرية تاريخية. ووفقاً لتقديرات وزارة السياحة اليمنية، فقد تكبد القطاع السياحي خسائر وصلت إلى 12 مليار دولار، جراء الحرب والحصار طيلة العامين الماضيين.
بدوره، قطاع الكهرباء الذي طالته أضرار فادحة منذ الأيام الأولى للحرب، يتحدث هو الآخر عن خسائر وصلت إلى 6 مليارات دولار، بالإضافة إلى خسائر غير مباشرة تصل إلى عشرات المليارات من الريال اليمني. أما قطاع النفط فخسائره المباشرة وغير المباشرة تعاظمت خلال العامين الماضيين، ففي عام 2015 فقد 70% من إيراداته، وفي العام 2016 فقد 80% من الإيرادات. وتفيد الإحصائيات الأولية الصادرة عن وزارة النفط بتجاوز خسائر قطاع النفط الـ7 مليارات دولار خلال عامين، باستثناء الأضرار التي طالت القطاعات النفطية المختلفة. وخسرت اليمن قرابة المليار دولار نتيجة توقف مبيعات الغاز المسال خلال العامين.
كذلك، تؤكد الإحصائيات الصادرة عن وزارة النقل اليمنية ارتفاع خسائر النقل المختلفة إلى 2.5 مليار دولار.
حصر الأضرار صعب
فرق حصر الأضرار التابعة للقطاع الخاص أو المؤسسات الحكومية تعثرت بسبب استمرار الحرب والحصار، واتساع نطاق الإقتتال الدخلي بين طرفي الصراع، ولذلك لا تزال الإحصائيات النهائية للحرب والحصار غائبة حتى اليوم. ساد التراجع والانخفاض إيرادات الدولة بمختلف قنواتها وأوعيتها خلال العامين الماضيين، إذ أدت الحرب ومعها الحصار إلى توقف كافة مصادر الدخل الأجنبي جراء توقف مبيعات النفط والغاز، وفرض حظر على التحويلات المالية بين اليمن والعالم، لتفقد اليمن 3.4 مليارات دولار في 2015، تمثل تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج، والتي تعد أحد أهم مصادر البلد من العملات الأجنبية.
تراجع الإيرادات
ساهمت الحرب إلى جانب الحصار في تراجع إيرادات الدولة إلى أدنى المستويات خلال العامين الماضيين، فالناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 34% عام 2015، و6% عام 2016، طبقاً لبيانات وزارة المالية الرسمية التي حصل عليها “العربي “.
وأفادت البيانات بتراجع الإيرادات العامة للدولة للعام الأول من الحرب بنسبة 53% عن العام 2014. وهو تراجع حاد قوبل بارتفاع في النفقات خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى ارتفاع العجز العام في الموازنة العامة للدولة، والتي بلغت 908 مليارات ريال عام 2015، و863 مليار ريال عام 2016.
ورغم ذلك، ظلت النفقات العامة فوق التريليون ريال خلال العامين الماضيي، بينما قام البنك المركزي بسد تلك الفجوة بين الإيرادات والنفقات من احتياطاته المالية من العملة الوطنية، وكذلك من أذون الخزانة التي يعتمد عليها كآلية للدين العام المحلي.
وخلال العام 2015 بلغت النفقات العامة للدولة 1.9 تريليونات ريال، وخلال العام الماضي تراجعت النفقات العامة إلى 1.5 تريليونات ريال في ظل تراجع الإيرادات العامة للدولة إلى 877 مليار ريال فقط.
فاتورة الحرب كانت فادحة على الإقتصاد اليمني، الذي كان بحاجة إلى 47 مليار دولار للانتقال من الإقتصاديات الأقل نمواً في المنطقة إلى الإقتصاديات النامية بل الأسرع نمواً قبل الحرب، وفقاً للوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية ومجتمع المانحين. إلا أن الفاتورة أصبحت اليوم كارثة مؤجلة ستعيق أي جهود مستقبلية لإخراج اليمن من وضعه الحالي إلى وضع اقتصادي ومعيشي أفضل.
العربي – رشيد الحداد