الإعلام الممول من التحالف يضلل الرأي العام اليمني بشأن بنود الهدنة.. ما وراء فرض الإصلاح شروطاً تعجيزية على صنعاء بشأن فتح الطرق
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تحاول وسائل إعلام يمنية عديدة ممولة من التحالف السعودي الإماراتي، تضليل الرأي العام اليمني بشأن بنود الهدنة الموقعة بين قيادتي صنعاء والتحالف نهاية مارس الماضي والتي بدأ سريانها منذ الثاني من أبريل الماضي واستمرت لشهرين ثم جرى تمديدها للمرة الأولى لشهرين إضافيين تنتهي في الثاني من أغسطس المقبل.
وعلى مدى الأسابيع الماضية رصد “المساء برس” العشرات من الأخبار والتقارير المنشورة بمواقع إخبارية يمنية ممولة من التحالف ومواد أخرى منقولة عن وسائل إعلام إلكترونية عربية خليجية، جميعها تحاول تحريف حقائق بنود الهدنة التي نشرها على حسابه الرسمي عضو فريق صنعاء المفاوض عبدالملك العجري والتي لم ينكرها أو ينفي صحتها لا المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ ولا التحالف السعودي الإماراتي.
نص اتفاق الهدنة الإنسانية التي أعلن عنها المبعوث الاممي قبل قليل pic.twitter.com/Vkwd3DYnVa
— عبدالملك العجري (@alejri77) April 1, 2022
وعلى سبيل المثال نقل “الموقع بوست” وهو موقع اخباري موالي لحزب الإصلاح الذراع العسكري الأول للتحالف داخل اليمن، نقل عن تقرير تقرير نشره موقع “العربي الجديد” التابع لحركة تنظيم الإخوان المسلمين والممول من قطر، قوله أن التحالف السعودي قام بتنفيذ بنود الهدنة والتزاماته التي تضمنتها بنود الهدنة بالكامل، في حين يعترف المبعوث الأممي بنفسه بأن التحالف لم يلتزم بتنفيذ كلي لبنود الهدنة ففي الوقت الذي نصت فيه الهدنة على السماح بدخول 18 سفينة مشتقات نفطية خلال مدة الهدنة الأولى المقررة بشهرين انتهت تلك الفترة بدون اكتمال العدد الكلي لهذه السفن ومع تمديد الهدنة لفترة جديدة يصبح عدد السفن التي يفترض أن يسمح التحالف بدخولها إلى ميناء الحديدة 32 سفينة إلا أن التحالف لم يسمح سوى بدخول 26 سفينة فقط إلى ما قبل يومين خلال فترتي الهدنة ومع اقتراب انتهاء الفترة الثانية للهدنة والتي تنتهي مساء غداً الإثنين أفرج التحالف عن 4 سفن مشتفات نفطية دفعة واحدة كانت محتجزة قبالة جيزان بالبحر الأحمر ليصل بذلك عدد السفن إلى 30 سفينة مشتقات نفطية فقط.
أما على مستوى الرحلات الجوية، فقد نصت الهدنة على أن يتم السماح أسبوعياً برحلتين ذهاباً وإياباً من مطار صنعاء الدولي إلى وجهتين مختلفتين هما الأردن ومصر، إلا أن التحالف لم يسمح سوى بالرحلات الخاصة بالأردن فقط فيما سمح برحلة واحدة إلى القاهرة طوال فترة الهدنة، إضافة إلى أن التحالف لم يسمح ببدء الرحلات الجوية من مطار صنعاء إلى مطار عمّان إلا مع قرب انتهاء الشهر الأول من الفترة الأولى للهدنة وهو ما أدى إلى ضياع عدد كبير من الرحلات الجوية التي كانت مقررة أن تبدأ مع الأسبوع الأول للهدنة، ورغم مطالبة صنعاء للأمم المتحدة بالضغط على التحالف لتعويض الرحلات التي لم يسمح التحالف بتنفيذها إلا أن هذا التعويض لم يتم، حيث يعترف المبعوث الأممي غروندبيرغ في حسابه الرسمي بتويتر أن عدد الرحلات التي سُمح بها من وإلى مطار صنعاء كانت 21 رحلة فقط منها 20 رحلة ذهاباً إياباً إلى عمّان ورحلة واحدة فقط إلى القاهرة وذلك منذ بداية الهدنة في 2 أبريل الماضي وحتى 21 يوليو الجاري أي أن هذه الإحصائية فقط هي إلى ما قبل انتهاء فترة التمديد الثانية للهدنة بعشرة أيام.
الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في #اليمن سارية منذ قرابة الأربعة أشهر. يوضح الرسم البياني تأثير الهدنة على المدنيين والتقدم المحرز في تنفيذها.
للإطلاع على الخط الزمني المفصل للهدنة: https://t.co/NUWGEs6iK8 pic.twitter.com/ECnnxXiIkT— @OSE_Yemen (@OSE_Yemen) July 21, 2022
ورغم بنود الهدنة الواضحة، إلا أن الإعلام الممول من التحالف يحاول تضليل الشارع اليمني، بالادعاء بأن بنود الهدنة نصت على أن من ضمن التزامات صنعاء فتح الطريق الواصل إلى مدينة تعز والمتمثل بطريق (الحوبان تعز) الذي يريد حزب الإصلاح فتحه بدون إجراء أي إعادة انتشار لقواته التي تريد استغلال هذا الطريق لتحقيق اختراق عسكري والسيطرة على مدينة الحوبان، في حين تنص الهدنة بشكل واضح أن موضوع فتح الطرقات بين المدن وليس في تعز فقط، يتم مناقشته والاتفاق عليه في مفاوضات بين طرفي حكومة صنعاء والحكومة التابعة للتحالف السعودي خلال فترة سريان الهدنة بحيث يتوصل الطرفان إلى تفاهمات واتفاقات لتنسيق الإجراءات اللازمة على كل طرف وتحديد الطرق التي يتم فتحها بين المدن اليمنية وليس في تعز فقط، ومع ذلك يصر إعلام التحالف الادعاء بأن فتح الطرق في تعز هو التزام، على صنعاء تنفيذه مقابل تنفيذ التحالف لبنود الميناء والمطار.
الحقيقة أن صنعاء لم تخل بأي بند من بنود الهدنة، بما في ذلك موضوع فتح الطرق الذي ورد في نص اتفاق الهدنة في الفقرة الأخرى التي أتت على شكل توصية وليست كبند رئيسي، حيث نصت الفقرة على أن ترتب الأمم المتحدة مفاوضات بين طرفي صنعاء وحكومة التحالف في الأردن لمناقشة فتح الطرق في تعز والمدن الأخرى كمأرب وشبوة وطرق البيضاء والضالع وتعز ولحج والحديدة وتعز، وذهبت صنعاء لمفاوضات الأردن والتي وصلت لطريق مسدود بسبب رفض وفد الإصلاح القبول بإجراءات إعادة الانتشار العسكري التي قالت صنعاء أنها يجب أن تتم من قبل قوات الطرفين من أجل فتح آمن لطريق الحوبان تعز الذي لا يصر وفد حكومة التحالف إلا على فتح ذلك الطريق فقط فيما يرفض مبادرة صنعاء من جانب واحد فتح طرق أخرى تؤدي نفس الغرض ولا تتسبب بأي تهديدات لا أمنية ولا عسكرية لا لطرف صنعاء ولا لطرف الإصلاح التابع للتحالف.
مصلحة غير مشروعة
للإصلاح مصلحة غير مشروعة في تمسكه بفرض شروط تعجيزية على صنعاء والتي من المستحيل أن تقبل بها، فتعمد الإصلاح الإصرار على مطالبة صنعاء بفتح طريق الحوبان دون رفع الإصلاح لقواته المتمركزة في المنطقة المحيطة من جهة مدينة تعز والتي تسيطر بشكل مباشر نارياً على خط الحوبان تعز، هدفه دفع صنعاء لرفض هذا الشرط وبالتالي فشل مفاوضات فتح الطرق وبقاء الإصلاح على وضعه في تعز مخضعاً المدينة لسيطرته ومبقياً على استفادته الإيرادية من الجبايات التي يتحصلها من الطريق الوحيد المفتوح لتعز من الجهة الجنوبية والتي يستغلها الإصلاح لفرض جبايات على المسافرين وعلى ناقلات البضائع التجارية والتي تدر على الحزب مليارات الريالات شهرياً.
إضافة إلى ذلك فإن الإصلاح ليس مستعداً أن يترك منازل المواطنين والبنايات السكنية التي يسيطر عليها في محيط الخط الرابط بين الحوبان ومدينة تعز، والتي سيطر عليها منذ العام 2015 وقام بتهجير سكانها الذين اضطروا للنزوح من هناك بسبب تمركز قوات الإصلاح في تلك المناطق الآهلة بالسكان نظراً لطبيعتها الجغرافية المطلة على الخط الرئيسي الإسفلتي وهو ما جعل من تلك المنطقة بالكامل منطقة عسكرية، ومع توقف القتال في تلك المنطقة منذ سنوات وبقاء الطريق مغلقة لم تنسحب قوات الإصلاح من منازل المواطنين والبنايات السكنية التي سيطرت عليها، بل إن هذه المناطق أصبحت آهلة بعوائل وأسر قادة المليشيات والفصائل المسلحة التابعة للإصلاح في تعز وترفض حتى اليوم الخروج منها وتسليمها لأصحابها النازحين.