الموقف السعودي الأخير: دفاع عن أمن ومصالح اليمن أم عن مصالح وأمن المملكة؟
خاص _ المساء برس|
أثارت الإجراءات والضغوط التي مارستها السعودية مؤخرًا ضد الإمارات جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية وعلى منصات التواصل الاجتماعي اليمنية والعربية، وذلك عقب إعلان الإمارات سحب ما تبقى من قواتها من اليمن، بعد مهلة مدتها 24 ساعة منحها رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، والسعودية، لأبوظبي لمغادرة الأراضي اليمنية.
هذه التطورات المفاجئة فتحت بابًا واسعًا للنقاش والتساؤلات حول خلفيات الموقف السعودي، وما إذا كانت الرياض قد نجحت بالفعل في تحسين صورتها لدى الرأي العام العربي، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات الموجهة للإمارات خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب ناشطون، فإن السياسات الإماراتية في عدد من دول المنطقة، والتدخلات الفجة في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، إضافة إلى دعمها لمشاريع التقسيم، فضلًا عن علاقاتها المتنامية مع الكيان الإسرائيلي، كلها عوامل أسهمت في تكوين صورة سلبية عنها لدى شريحة واسعة من الرأي العام العربي.
ويرى الناشطون أن هذه الصورة السلبية دفعت كثيرين إلى الترحيب بالموقف السعودي الأخير، واعتباره خطوة إيجابية في مواجهة النفوذ الإماراتي، إلا أن مراقبين أكدوا أن الإشادة بالموقف السعودي جاءت على حساب تجاهل دوافعه الحقيقية.
وأوضحوا أن التحرك السعودي لم يكن نابعًا من حرص على وحدة اليمن أو سيادته أو استقراره، بقدر ما جاء نتيجة شعور الرياض بأن التحركات الإماراتية الأخيرة باتت تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي السعودي، وهو ما ورد – بشكل صريح – في البيانات الرسمية الصادرة عن المملكة.
وفي السياق ذاته، عبّر ناشطون يمنيون وعرب عن استغرابهم مما وصفوه بـ”الانزعاج السعودي المفاجئ” من محاولات تمدد المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، في محافظتي حضرموت والمهرة.
وأشاروا إلى أن هذا الانزعاج لم يكن حاضرًا عندما سيطر المجلس الانتقالي على عدن وأبين وشبوة ولحج، ورفع شعار الانفصال بشكل علني، دون أن تبدي الرياض اعتراضًا واضحًا، بل على العكس، قامت برعاية اتفاق سياسي بين المجلس وحكومة عدن، وأشركته في السلطة.
ويرى هؤلاء أن هذا التباين في المواقف يكشف أن الدافع السعودي لا يرتبط بوحدة اليمن أو استقراره، بل بمصالحها الاستراتيجية الخاصة. فالسعودية – بحسب وصفهم – تعتبر حضرموت والمهرة عمقها الجغرافي وخاصرتها الحيوية، ولا تقبل بتمدد أي قوة أخرى فيهما، حتى وإن كانت حليفًا إقليميًا، وهو ما يفسر موقفها المتشدد الأخير.
وأضاف الناشطون أن الرياض تسعى إلى أن تكون اللاعب الوحيد المتحكم في المشهد اليمني، مستندة إلى موقعها الجغرافي المتاخم لليمن، ومستخدمة هذا القرب ذريعة للتدخل في شؤونه الداخلية، مؤكدين أن هذا النهج لا يختلف كثيرًا عن النهج الإماراتي، وإن اختلفت الأدوات والأساليب.
كما أشاروا إلى أن السعودية، لو كانت حريصة فعلًا على أمن اليمن وتنميته، لما قامت بإنشاء ودعم عشرات الكيانات والفصائل العسكرية والسياسية المتناحرة في المناطق الخاضعة لنفوذها، ولما وصلت تلك المناطق إلى هذا المستوى من التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني والفشل السياسي.
وختم المراقبون بالقول إن المملكة كانت تمتلك وقتًا كافيًا خلال السنوات الماضية لإثبات حسن نيتها تجاه اليمن، غير أن الوقائع على الأرض – بحسب تعبيرهم – تؤكد أن التوجه السعودي لا يختلف جوهريًا عن التوجه الإماراتي، بل إن التدخل الإماراتي في اليمن جاء في الأساس بطلب ودعوة من السعودية نفسها، ضمن إطار التحالف العسكري الذي قاد الحرب على اليمن.