التوتر يبلغ ذروته: الرياض وأبوظبي على حافة قطيعة سياسية

خاص _ المساء برس|

تشير المعطيات السياسية والميدانية إلى أن التوتر في العلاقات بين الرياض وأبوظبي بلغ مستوى غير مسبوق، في ظل تطورات متسارعة تشهدها الساحة اليمنية، ولا سيما في المحافظات الشرقية. ويأتي هذا التصعيد على خلفية التحركات العسكرية التي نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي مطلع الشهر الجاري، من خلال توسعه وسيطرته على أجزاء من محافظتي حضرموت والمهرة، في خطوة أثارت قلقًا بالغًا لدى السعودية.

ورغم الدعوات السعودية الصريحة بسحب قوات المجلس الانتقالي من المناطق التي سيطر عليها، إلا أن الأخير لم يُبدِ أي استجابة، الأمر الذي اعتبرته الرياض تحدٍ مباشر لنفوذها ومصالحها الاستراتيجية، باعتبار أن المحافظات الشرقية لليمن تمثل عمقًا جيوسياسيًا وأمنيًا بالغ الحساسية للسعودية، التي لا ترغب في تمدد النفوذ الإماراتي إلى تلك المناطق.

في المقابل، تسعى أبوظبي إلى تثبيت حضورها هناك، انطلاقًا من اعتبارات سياسية واقتصادية وأمنية، تتصل بموقع تلك المحافظات وثرواتها وأهميتها في المعادلات الإقليمية.

وخلال الأيام الماضية، شن الإعلام السعودي حملة واسعة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وضد الجهات الداعمة له، في إشارة غير مباشرة إلى الإمارات، وهو ما أثار امتعاض أبوظبي.

وفي هذا السياق، نشر أنور قرقاش، مستشار رئيس دولة الإمارات، تغريدة على منصة «إكس» قال فيها:” تابعتُ الحملات الشرسة على بلدي، بعضها من مصادر متوقعة، وأخرى من أطراف لم أتوقعها. حملاتٌ تجاهلت في غالبها الظروف الداخلية للحالات التي تتناولها، لتبرّر تقصيرها وهروبها إلى الأمام، فبقيت في مجملها معدومة النتائج”.

وقد فُهمت تصريحات قرقاش على نطاق واسع باعتبارها اتهامًا مباشرًا للسعودية بمحاولة تحميل الإمارات مسؤولية إخفاقات سياسية وميدانية، عبر تصعيد الخطاب الإعلامي ضدها، كما تعكس التغريدة موقفًا إماراتيًا مفاده أن هذه الحملات لن تُحدث أثرًا فعليًا في توجهات أبوظبي أو سياساتها الإقليمية، في إشارة واضحة إلى مضيها قدمًا في تنفيذ استراتيجيتها دون الالتفات إلى الضغوط الإعلامية.

ومع إعلان السعودية، يوم أمس، استعدادها للتدخل عسكريًا في حال عدم انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، عاد أنور قرقاش ليغرّد مجددًا، قائلًا:” في هذه المرحلة الحرجة، التي مررنا بمثلها من قبل وسنواجهها مستقبلًا، لا بد من تغليب الحوار وابتكار المخارج السياسية، وحفظ الصداقات والتحالفات وتعزيزها، وعدم قطع حبال التواصل والمودة”.

وتُفهم هذه التغريدة على أنها تعبير واضح عن وصول التوتر بين البلدين إلى مستوى يهدد جوهر العلاقات الثنائية، في ظل تضارب المصالح وتشابك النفوذ، ويرى مراقبون أن هذا الخطاب الإماراتي يسعى إلى تهدئة الأجواء، في إطار مناورة سياسية تهدف إلى كسب الوقت وامتصاص الغضب السعودي دون تقديم تنازلات حقيقية على الأرض.

في المقابل، جاء موقف السياسي والأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله أكثر صراحة وحدّة، حيث كتب في تغريدة له:” تهديد قائد التحالف العربي الذي انتهى عمليًا منذ 2019 بعمل عسكري ضد الجنوب العربي جنون. شعب الجنوب العربي وحده يقرر مستقبله. حرر صنعاء أولًا يا بطل».

وقد عكست هذه التغريدة بوضوح مستوى الاحتقان القائم، وأثارت ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والإعلامية السعودية، التي شنت بدورها هجومًا لاذعًا على الإمارات.

ويرى مراقبون أن التوتر الراهن قد يكون من الصعب احتواؤه على المدى البعيد، وإن جرى تطويقه مرحليًا، فإنه سيبقى احتواءً مؤقتًا، في ظل احتدام صراع النفوذ بين الرياض وأبوظبي، ليس في اليمن فحسب، بل في السودان ومناطق أخرى من المنطقة، حيث تتقاطع المصالح، بما ينذر بمزيد من الخلافات في المرحلة المقبلة.

قد يعجبك ايضا