تقرير فرنسي يكشف كواليس دور الإمارات في إضعاف النفوذ السعودي في ترتيبات إقليمية جديدة
متابعات _ المساء برس|
كشف موقع ذا دارك بوكس الفرنسي، في تقرير وصفه بالحسّاس، عن رواية صادمة نقلها مصدر عربي رفيع المستوى، قال إنه أحد كبار الأمراء في المنطقة، تحدث بصفته مُبلِّغًا عن المخالفات وطلب عدم الكشف عن هويته، تتناول ما وصفه بتنسيق سري بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة يهدف إلى إضعاف الدور الإقليمي التقليدي للمملكة العربية السعودية داخل الخليج.
وبحسب التقرير، فإن هذا التنسيق يجري خلف واجهة من التعاون الإقليمي المعلن، والتحالفات الأمنية التي تُقدَّم للرأي العام على أنها قائمة على المصالح المشتركة والاستقرار، في حين تخفي في جوهرها تنافسًا عميقًا وصراع نفوذ متصاعد بين قوى إقليمية رئيسية، تتسم فيه التحالفات بالمرونة المفرطة، والثقة بالهشاشة، والنفوذ بالمناورات غير المعلنة.
وحدة شكلية وتنافس حاد:
ونقل ذا دارك بوكس عن المصدر تأكيده أن مظاهر الوحدة الخليجية، بما في ذلك القمم الدورية والبيانات المشتركة والدبلوماسية المنسقة، باتت “شكلية إلى حد كبير”، ولا تعكس حقيقة الصراع المتنامي بين دول المنطقة، وخصوصًا داخل مجلس التعاون الخليجي.
وأشار التقرير إلى أن الإمارات العربية المتحدة برزت خلال السنوات الأخيرة بوصفها اللاعب الأكثر نشاطًا وطموحًا، من خلال استراتيجية تهدف إلى توسيع نفوذها الإقليمي على حساب القيادات التقليدية، وفي مقدمتها السعودية.
ووفقًا للمصدر، رأت إسرائيل في هذا الطموح الإماراتي فرصة استراتيجية لإعادة صياغة ميزان القوى الإقليمي بما يخدم مصالحها بعيدة المدى.
السعودية… من شريك محتمل إلى “عقبة”
ويتمحور جوهر الشهادة، بحسب التقرير، حول رؤية إسرائيل للمملكة العربية السعودية، حيث يزعم المُبلِّغ أن صانعي القرار في تل أبيب باتوا ينظرون إلى الرياض بوصفها عقبة أكثر من كونها شريكًا استراتيجيًا، ويُرجع المصدر ذلك إلى ما وصفه بالحذر السعودي المزمن، الذي تفرضه اعتبارات داخلية ودينية وإقليمية، خصوصًا فيما يتعلق بملفات التطبيع والانخراط العلني في تحالفات جديدة.
وفي المقابل، يقول التقرير إن إسرائيل اختارت عدم انتظار التحول السعودي، وفضّلت بدلًا من ذلك تعميق شراكتها مع أبوظبي، التي تُقدَّم – بحسب المصدر – كشريك أسرع في اتخاذ القرار، وأكثر مرونة سياسيًا، وأقل خضوعًا للقيود الرمزية والدينية التي تحكم الموقف السعودي.
دور إماراتي محسوب:
ويصف التقرير الدور الإماراتي في هذا المسار بأنه “مدروس ومخطط له بعناية”، إذ ترى القيادة في أبوظبي، وفقًا للمصدر، أن اللحظة الإقليمية الراهنة تتيح فرصة نادرة لإعادة توزيع الأدوار، وانتزاع موقع الوسيط الرئيسي بين القوى العالمية والعالم العربي من السعودية، دون اللجوء إلى مواجهة مباشرة.
ويتم ذلك، بحسب الرواية، عبر خطوات هادئة ومتراكمة، تشمل تعميق التعاون الأمني، وترسيخ صورة الإمارات كشريك اقتصادي موثوق لدى الغرب وإسرائيل، وتقديم ما لا تستطيع الرياض تقديمه، والمتمثل في سرعة الحسم السياسي، والمرونة الاستراتيجية، وتقليل الاشتراطات المرتبطة بالشرعية الدينية أو الإجماع العربي.
ما وراء اتفاقيات التطبيع:
وأشار التقرير إلى أن اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات فتحت مجالات تتجاوز بكثير التعاون التجاري والدبلوماسي، لتشمل – بحسب المصدر – إنشاء قنوات نشطة لتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق الأمني، والتخطيط الاستراتيجي المشترك، غالبًا بعيدًا عن أعين الرأي العام أو الرقابة البرلمانية.
وزعم المصدر أن هذه القنوات استُخدمت لمناقشة سبل تقليص النفوذ السعودي في ملفات إقليمية محورية، من بينها الوساطة في النزاعات الإقليمية، ومسارات التكامل الاقتصادي، مؤكدًا أن الهدف ليس عزل السعودية بالكامل، بل تقليص مركزيتها وجعل دورها أقل تأثيرًا في صناعة القرار الإقليمي.
حسابات إسرائيلية براغماتية:
ويؤكد التقرير أن الدور الإسرائيلي في هذا المشهد ليس أيديولوجيًا بقدر ما هو استراتيجي بحت، فبحسب المصدر، يركّز صانعو القرار في إسرائيل على تحقيق النتائج، وليس بناء تحالفات قائمة على الرمزية أو الولاءات التاريخية.
ومن خلال دعم صعود الإمارات كشريك إقليمي رئيسي، تكسب إسرائيل حليفًا منفتحًا على التعاون العسكري والاقتصادي، دون أن يملك الثقل الديني أو الرمزي الذي يفرض على السعودية حسابات داخلية وإقليمية معقدة، الأمر الذي يمنح تل أبيب هامش حركة أوسع في تنفيذ أجندتها الإقليمية.
تحذير من تداعيات خطيرة:
ويحذر المُبلِّغ، وفق ما نقله ذا دارك بوكس، من أن هذا المسار ينطوي على مخاطر جسيمة على استقرار المنطقة، إذ إن تهميش السعودية بدل دمجها في ترتيبات أمنية جديدة قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات، وزيادة هشاشة النظام الإقليمي، وإضعاف آليات العمل الجماعي.
ويخلص التقرير إلى أن الرواية، وإن كانت صادرة عن مصدر واحد، إلا أن تماسكها يرسم صورة مقلقة لشرق أوسط تحكمه التحالفات المؤقتة والمصالح قصيرة الأجل، حيث تُمارس السلطة عبر المناورات السرية لا عبر التوافقات العلنية.
وفي حال دقة هذه الشهادة، يرى “ذا دارك بوكس” أن المنطقة قد تكون مقبلة على مرحلة يُعاد فيها تعريف مركز الثقل في الخليج، مع تصوير الإمارات – بدعم من المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية – كأحد أبرز المستفيدين من هذا التحول، بما قد يترك تداعيات تتجاوز حدود الإقليم وتمتد لسنوات قادمة.