السعودية تمهّد لمعركة شرقي اليمن.. غطاء محلي ودولي في مواجهة الفصائل الإماراتية
تقرير – المساء برس|
تتجه السعودية بخطى متسارعة نحو إعادة خلط الأوراق عسكرياً وسياسياً في شرقي اليمن، عبر مسار مزدوج يجمع بين الحشد الداخلي وانتزاع الغطاء الدولي، في ظل تصاعد غير مسبوق في التوتر مع الفصائل الموالية للإمارات، خصوصاً في مناطق الثروة والنفوذ الاستراتيجي.
وخلال الأيام الماضية، كشفت مؤشرات سياسية وإعلامية عن تحركات سعودية منظمة تهدف إلى شرعنة أي مواجهة مقبلة، بعد أن أعلن عبد الله آل هتيلة، مساعد رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» السعودية الرسمية، عن جمع توقيعات لنحو 15 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً، في خطوة تعكس سعياً سعودياً لتأمين واجهة محلية لأي تصعيد قادم.
وبحسب ما أورده آل هتيلة، فإن الوثيقة الموقعة ركزت على التأكيد بأن سيادة اليمن ووحدته وسلامة أراضيه تمثل ركائز أساسية في قرار نقل السلطة، وأن أي تسوية سياسية عادلة ومستدامة لا يمكن أن تقوم على منطق الانقلاب أو فرض المشاريع بالقوة، أو تقويض مؤسسات الدولة من الداخل، في إشارة واضحة إلى ممارسات الفصائل المدعومة إماراتياً في المحافظات الشرقية والجنوبية.
كما تضمنت التوقيعات التزاماً خطياً بالاحتكام إلى إرادة الشعب اليمني، والعمل على بناء دولة اتحادية تضمن توزيعاً عادلاً للسلطة والثروة، وهي عناوين سياسية تستخدمها الرياض لتقويض شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي ومشاريعه الانفصالية، وتهيئة الأرضية السياسية لمواجهته.
بالتوازي مع هذا المسار المحلي، تتحرك السعودية على خط دولي نشط، في محاولة لانتزاع بيانات ومواقف خارجية رافضة لخطوات الفصائل الإماراتية في شرقي اليمن، خصوصاً في مناطق النفط والغاز، حيث ترى الرياض أن النفوذ الإماراتي بات يشكل تهديداً مباشراً لمصالحها وأدوات سيطرتها داخل ما يُعرف بـ«الشرعية».
وتشير هذه التحركات المتزامنة إلى أن السعودية لم تعد تتعامل مع التوتر مع أبوظبي باعتباره خلافاً سياسياً هامشيًا، بل كصراع نفوذ مفتوح، يتطلب عزلاً سياسياً تدريجياً للفصائل التابعة للإمارات، داخلياً عبر تجفيف الغطاء الحزبي، وخارجياً عبر تصوير تلك الفصائل كعامل فوضى وتقويض لوحدة اليمن.
وفي هذا السياق، تبدو محافظات حضرموت والمهرة وشبوة، وفق مراقبين، مرشحة لتكون ساحات الصدام المقبلة، في ظل تصاعد التحشيد الإعلامي والسياسي، ومحاولات الرياض إعادة تقديم نفسها كحامية للوحدة اليمنية، في مواجهة مشاريع التفكيك التي ترعاها أبوظبي عبر أدواتها المسلحة.
وبحسب مراقبين، فإن هذه المستجدات تكشف أن السعودية تمضي باتجاه حرب جديدة، لكنها تسعى هذه المرة إلى خوضها بغطاء أوسع، بعد أن أدركت كلفة المواجهات السابقة التي افتقرت إلى الإجماع المحلي والدولي. ومع استكمال عزل المجلس الانتقالي سياسياً، وانتزاع مواقف دولية رافضة لتحركاته، يبدو أن الرياض تتهيأ لمرحلة أكثر خشونة، قد تعيد رسم خريطة الصراع داخل معسكر التحالف نفسه.
وبينما ينشغل طرفا التحالف بتصفية حساباتهما البينية، يبقى اليمن ساحة مفتوحة لصراع المصالح، حيث تتقدم مشاريع السيطرة على حساب معاناة الشعب، في مشهد يؤكد أن ما يحضّر له في شرقي البلاد ليس تسوية، بل جولة جديدة من الصراع على النفوذ والثروة قبل أي حديث عن الدولة أو الاستقرار.