تقارير عبرية: الجنوب اليمني يتحول إلى ورقة إسرائيلية في صراع البحر الأحمر
صنعاء – المساء برس|
كشفت تقارير ومراكز أبحاث عبرية عن أبعاد إقليمية خطيرة للتحركات التي تقودها مليشيات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً في المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن، معتبرةً أن ما يجري لم يعد شأناً محلياً، بل بات جزءاً من إعادة رسم موازين الصراع في البحر الأحمر بما يخدم مصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب تقرير نشره معهد “أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، فإن سيطرة مليشيات الانتقالي على حضرموت تمثل دليلاً واضحاً على انهيار الإطار الذي تأسس منذ عام 2015، والقائم على تحالف هش موالٍ للسعودية، يعتمد على دعم خارجي دون امتلاك قاعدة داخلية موحدة، ما أدخل هذا المعسكر في حالة تفكك وصراعات داخلية مفتوحة.
ويشير التقرير إلى أن هذا الواقع يمنح الجيش اليمني في صنعاء أفضلية مرحلية، في ظل انشغال خصومه بصراعات النفوذ، لكنه في المقابل يسلّط الضوء على رهان إماراتي طويل الأمد يتمثل في بناء كيان جنوبي منضبط، مدعوم اقتصادياً وعسكرياً، يسيطر على السواحل والموانئ، وهو ما وصفه التقرير بأنه تطور “ذو أهمية استراتيجية بحد ذاته”.
وفي قراءة مباشرة للصراع السعودي ـ الإماراتي، اعتبر المعهد أن التطورات الأخيرة تكشف اتساع الفجوة بين الطرفين، إذ تتمسك الرياض – شكلياً – بوحدة اليمن، بينما تمضي أبو ظبي بخطوات ثابتة نحو فرض كيان جنوبي بديل، ما أدى إلى تهميش الدور السعودي جنوباً، مقابل تمدد النفوذ الإماراتي على حدود شبه الجزيرة العربية.
أما من زاوية الاحتلال الإسرائيلي، فيقر التقرير بأن خطر الجيش اليمني في صنعاء لن يزول على المدى القريب، وأن تقسيم اليمن قد يمنح “أنصار الله” فرصة لترسيخ وجودهم شمالاً، إلا أن “الفرصة الذهبية”، وفق التوصيف الإسرائيلي، تكمن في نشوء كيان جنوبي تابع للإمارات، يسيطر على ميناء عدن، ويتموضع قرب باب المندب، بما يحد من النفوذ المعادي للملاحة الإسرائيلية في أحد أهم الممرات البحرية العالمية.
وتعزز هذه القراءة ما كشفته صحيفة “التايمز” البريطانية عن إرسال المجلس الانتقالي وفوداً للقاء مسؤولين إسرائيليين، في إطار تنسيق مباشر ضد الجيش اليمني، مقابل وعود بالاعتراف بـ”إسرائيل” فور إعلان انفصال الجنوب، في مسعى واضح للالتحاق باتفاقيات أبراهام وكسب دعم إدارة ترامب.
وبالتوازي، نقلت صحيفة “إسرائيل هيوم” عن مصادر عبرية أن محادثات مع ممثلين عن الانتقالي تضمنت مطالب صريحة بالحصول على أسلحة متطورة ودعم عسكري مباشر لمواجهة الجيش اليمني في صنعاء، معتبرةً أن أي تحجيم فعلي لدور اليمن في البحر الأحمر لن يتحقق عبر الغارات الجوية، بل من خلال قوى برية تعمل بالنيابة عن الاحتلال.
وتؤكد هذه المعطيات أن مليشيات الانتقالي تجاوزت كونها أداة في الصراع الداخلي، بل تحولت إلى رأس حربة في مشروع إقليمي تقوده أبو ظبي، وتراهن عليه “إسرائيل” لإعادة تشكيل معادلات الأمن في البحر الأحمر، في مواجهة اليمن الذي بات رقماً صعباً في معادلة الردع الإقليمي، وداعماً أساسياً للقضية الفلسطينية.